الإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻃﻴﻌﺔ ﻟﺘﻘﻠﺐ ﺍﻟﻤﺰﺍﺝ ﺳﻮﻑ ﻳﺠﺪ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻘﻠﺐ ﻣﺰﺍﺟﻪ ﻭﺗﻌﻜﺮﻩ.
قد نجد ﺃﻧﺎﺳﺎ ﻳﺘﻌﻜﺮ ﻣﺰﺍﺟﻬﻢ ﻷﻗﻞ ﺷﻲ، ﻳﺘﺼﺮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻧﺪﻓﺎﻉ ﺩﻭﻥ ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ، ﻭ ﻳﺄﺗﻮﻥ أفعالا ﺗﻮﻗﻌﻬﻢ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ.
لذا، ﻳﺠﺐ ﺃﻥ نعرف ﻛﻞ ﻣﺎ نقول و أن لا نقول كل ما نعرف، لأن كل ﺷﺊ ﺇﺫﺍ ﻛﺜﺮ ﺭﺧﺺ، إلا الأدب ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺜﺮ ﻏﻼ، و العاقل المتبصر يدرك أن الحياة ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎﺭﺓ و ينتبه لخطواته كي لا يتعتر ﺑﻬﺎ، بل و ينحني لجمعها ليبني ﺑﻬﺎ ﺳﻠﻤﺎ يصعد ﺑﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ. أما الجاهل فلا ينحني إلا لزرع الألغام أو ليركل ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻒ ناسيا أنه ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ.
إن الذي لم يلتحق بالمدرسة للتعلم صغيرا، فالحياة مدرسته كبيرا. الكثير منا تعلم بالمزاولة في الحياة أن ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ تبقى و لا تزول ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺼﺤﻴﺢ، و أن المتكبر و الخجول لا يختلفان على قمة الجبل التي ترى الناس صغارا، و يراها الناس صغيرة.
ماذا لو قرر كل واحد منا التسامح ﻣﻊ نفسه ﻭﻣﻊ الآخرين، و الإجتهاد ليرى أن ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ و لا هي ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺃﺣﻜﺎﻡ، ﺇﺩﺍﻧﺔ ﺃﻭ ﺑﺮﺍﺀﺓ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻩ. ماذا لو حاسب كل واحد منا نفسنه ﺑﺘﺠﺮﺩ، ليتجنب ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ الآخرين له.
منا من لا يزال يعتقد ﺑﺄﻥ الإعتداء ﻋﻠﻰ الآخرين ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺐ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ ﻳﺸﻔﻲ ﻏﻠﻴﻠه و ﻳﺤﻞ خلافاته، ليكون له إسم شهرة أو لجذب الإنتباه.
فكرنا في الشهرة و جذب الإنتباه و لم نفكر في أن الألفاظ ﺍﻟﺒﺬﻳﺌﺔ ﻭﺍﻟﺴﺐ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ ﺗﺤﺪﺙ ﺿﺮﺭﺍ و لا ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻟﺒﺎﻗﺔ ﻭﻧﻀﺞ، و هي ﻣﻘﺘﺮﻧﺔ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﻭﺗﻔﻜﻴﺮ ﺳﻠﺒﻲ. و هذا ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن العقلاء منا ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻻ يغضبوا.
العاقل بتفكيره ﻭ سلوكه الإيجابي ﻻ يتخلص ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺐ ﻭﺍﻟﺸﺘﻢ ﻓﻘﻂ، بل يهذب ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭ ينقي ﺍﻟﻨﻔﺲ لجعلها ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺷﺮﺍﻗﺎ.
لقد قدمت لي الحياة وصفة، أتقاسمها مع غيري و مع من ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﺒﻼﺑﻞ ﻷﺟﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ اسم أو لجذب الإنتباه :
إذا لم تستطع قيادة نفسك فلا تحاول قيادة الآخرين.
عشور دويسي