التاريخ يؤكد أنه ما تبين أن سلاطين وملوك الدولة العلوية، تسامحوا مع الإهانة والضحك عليهم، معتبرين استمرارية الدولة في هيبتها والمرتبطة بمصداقية المؤسسات، خاصة تلك التي يرعاها ملك البلاد. فالحسن الثاني، كان يردد باستمرار أن استمرارية النظام لا تضمنه الأحزاب السياسية، كما أكد لإحدى الصحف الفرنسية المشهورة أواسط الثمانينات. فالرجل، لم يكن يسمح لأحد بأن يمس عرشه والكل يعلم أن الظلم أسقط عروشا.
فالأحزاب السياسية اعتبرت منذ الحصول على الاستقلال جزءا من لعبة كبيرة انكشفت معالمها.
وأهم، من يعتقد أن “شباط” الامين العام لحزب الاستقلال يعتبر “ظتهرة”، فالرجل قوي لا محالة بغيره، والذين قد يحركون الرجل، يريدون اعطاء الانطباع أن الرجل له امكانيات خارقة، وذلك حتى تسهل المهمة عليه، والتي انكشفت للجميع.
ومع ذلك فإن شباط الامين العام لحزب الاستقلال ملزم باحترام الخطوط الحمراء وكذا عدم تجاوز المهام المرسومة له سلفا ـ إلا أن الرجل تم تضخيمه أكثر من اللازم ــ إذ أصبح من الصعب حتى على الذين أوصلوه، التحكم فيه ــ فالرجل بدا يتجاوز الخط الأحمر ـ مما يطوق عنق الرجل فالمغرب عرف رجالات أقوى منه بكثير وكان مآلهم مأساويا.
فالغريب في الأمر، أن حميد شباط الامين العام لحزب الاستقلال يعتقد أن وصفه برجل القرب والمثابرة، قد يسمح له بنهش المواطنيين وكذا الجثم على الخيار الدستوري، وكان حال لسانه يقول أني أتوفر على “كارت بلونش” ولكن للأسف الشديد فإن الرجل تجاهل أن الدسارة لها حدود. فالمغرب عرف رجالات قد قدموا خدمات تفوق الأدوار التي يلعبها السيد شباط بصفته أمينا عاما لحزب الاستقلال وتم رميهم في مزبلة التاريخ.
ان الشعبوية الزائدة للرجل، ستكون سبب نهايته التي يتوقع العارفون، أنها ستكون مأساوية.
نحن بحق أمام قضية مثيرة الأطوار والتفاصيل بامتياز، ليس فقط بسبب المعاناة التي تجشمها المستثمر حسن العمراني، والتي وصلت تفاصيلها إلى كل المؤسسات الرسمية في هذا البلد، ولكن لأن الأمر برتبط بالتنزيل السيء للدستور.والانكى أن يصدر سلوك من هذا القبيل عن أمين عام حزب عريق وبرلماني وقيادي نقابي وعمدة مدينة فاس العاصمة العلمية والتاريخية، الذي احتقر مؤسسة دستورية هي مؤسسة الوسيط.
هذا الوضع، يعتبر استخفافا بمؤسسة دستورية، أحدثت في ظل الحراك السياسي والإجتماعي الذي عرفه المغرب بتزامن مع الربيع العربي.
والغريب ان عمدة فاس يعاكس توصيات مؤسسة الوسيط، التي تهدف إلى تعزيز مفهوم حقوق الانسان كما هي متعارف عليها، وخاصة في الجانب المتعلق بمحاربة الشطط واستغلال النفوذ، كما هو نفسه قد جند كل الإمكانيات المتوفرة له من اجل تعبئة المواطنين للتصويت على الدستور الجديد.
إن الشعبوية لم تعد تصرفا مقبولا اليوم من طرف المواطنين الذين تولد لديهم وعي كبير.
وإذا كان العمدة “شباط” بهذا الأسلوب يريد ان سستعرض عضلاته للتأكيد على قوته واقناع أنصاره وغيرهم بأنه يتحدى المؤسسات الرسمية، فإن الأمر قد ينعكس سلبا على مساره السياسي، على اعتبار أن من لا يحترم القانون لا يمكنه أن يحترم المواطنين.
وفي سياق متصل، يتعين على عمدة فاس أن يدرك أن التوصيات والقرارات الصادرة عن مؤسسة الوسيط كمؤسسة دستورية تعتبر نافذة، لأنها تتخد بناء على تحريات وتحليل ودراسة، كما أن غرفة المشورة تلعب دورا هاما في اتخاد القرار، فالشكاية التي لا تتوفر على ما يبررها يكون مآلها الحفظ، وبالتالي على السيد شباط أن يطلع على القوانين قبل أن يطلق العنان للسانه.
وإذا كان أمين عام حزب الاستقلال يجرؤ على الاستهتار بمؤسسة دستورية دون أن يتوفر على سلطة تنفيذية، فلنتصور حجم الكارثة ، وما قد يقدم عليه الرجل عندما يصبح رئيسا للحكومة وتكون الإدارة تحت تصرفه طبقا للمادة 89 من الدستور.
فلو ان زعيم حزب سياسي في دولة تحترم نفسها أقدم على ما أقدم عليه السيد شباط من استهتار بمؤسسة دستورية، لقدم استقالته دون تردد، لكن بما أننا في المغرب فلا تستغرب مادام الشعب يتقبل كل شيء دون جدال.
وأخيرا، لابد من تذكير عمدة فاس بأن تاريخ المغرب عرف رجالا أقوى منه بكثير، لكن مآلهم كان مأساويا، كما ينبغي التحذير مما يطبخ في بعض الصالونات المغلقة، لأنه كما يقول المثل الشعبي “إلى كان لي كيطبل أحمق، المغني يكون بعقله”
ختاما فإن الذين يؤمنون الحماية للرجل هم أول من سيتخلى عنهم بمجرد انتهاء المهمة، فالرجل يلعب أدوارا خاصة بغيره، إذن رأفة بهذا الوطن يا من تحملون شباط.
إذا كان معجم الفكر السوسيو سياسي، يفيد أن دور الاحزاب السياسية يتجلى في تمثيل وتأطير الشعب وكذا الدفاع عن مصالحه، إلا أن الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط له رأي مخالف، إذ يرى على ما يبدو أن مهمته الاساسية هي الظهور بمظهر القوي والمتسلط، لأنه يمارس السياسة بالمغرب وليس بالدول الديمقراطية وبذلك فإن الرجل يقوم بتمييع وتسفيه الحياة السياسية طبقا لأجندة وأهداف جهات خاصة.
أي مثال هذا الذي يعطيه الامين العام لحزب الاستقلال “حميد شباط” وأي انطباع ستولد للمواطن وهو يعاين سياسيا يجثم على الخيار الدستوري علما أن دستور 2011 أحدث بغرض استقرار الدولة.
هل سنقول للشعب إذن، ان الدستور الذي كتبناه، وعقد عليه الجميع آمالا كبيرة، لم ينفذه. في حين أن الأمر من شأنه أن يهدد خطر سقوط الدولة وذلك بسبب عدم التزاماتها اتجاه الأمة.
وتأسيسا على كل المعطيات والحقائق الصادمة السالفة الذكر، وفي خضم عجز كل المؤسسات الرسمية في البلد عن ارغام “الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط” على احترام الاختيار الدستوري. فغن تدخل السلطات العليا للبلاد بات ضروريا لإرغام هذا السياسي الشعبوي على تنفيذ توصية “مؤسسة الوسيط” كمؤسسة دستورية يرعاها الملك في إطار الامانة الدينية والدستورية والمرتبطة برفع المظالم عن المواطنين وصون الحريات، وفي إطار كذلك العقد الاجتماعي والسياسي والروحي الذي يربط الشعب بالملك كل ذلك حفاظا عن هيبة الدولة والتي يجب أن تبقى فوق كل اعتبار بعيدا عن الاسترضاء السياسي الذي خرب للبلاد.
كان بالإمكان أن نتقبل أي سلوك مهما كانت درجته قد يصدر عن “الامين العام لحزب الاستقلال” حميد شباط” وذلك بسبب الشعبوية الزائدة للرجل. لكن لم نكن نتوقع يوما إقدام هذا الأخير، على الجثم عن الخيار الدستور، والذي تم اقراره تزامنا مع الربيع العربي، علما أن دستور 2011 قد أسس للاستقرار وجنب البلاد الفتنة والبلبلة وكذا اراقة الدماء.
والأنكى، ان الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط والذي وصف في فترة سابقة برجل القرب والمثابرة يعد بطل الجثم على الخيار الدستوري.
وبذلك فالقضية تتجاوز الظلم الذي يتعرض اليه المستثمر العمراين حسن من طرف الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط إذ نجد أنفسنا أمام قضية دولة بسبب عدم تنفيذ الدستور والذي يؤسس لاستقرار الدولة، والأدهى، أن هذا الخرق الدستوري يجسده وبعناية فائقة أمين عام حزب سياسي عريق برلماني قيادي نقابي وعمدة لفاس كمدينة علمية تم تصنيفها من لدن المنظمات الدولية بأنها تراث انساني يجب المحافظة عليه.
فالقصة وما فيها أن المستثمر العمراني حسن وبعد أن ضيق عليه الخناق من لدن الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط باعتباره رئيسا للجماعة الحضرية لفاس مما حال دون تمكن المستثمر المذكور من اخراج مشروعه الاستثماري والمتموقع بمنطقة وادي فاس قرب المركز التجاري مرجان، لجأ هذا الاخير سنة2005 إلى مؤسسة المظالم والتي اعتبرت وقتها ولاية سلطانية، حيث بعد مرور سنة أصدر والي ديوان المظالم توصية نافذة لفائدة المستثمر العمراني حسن، توصي بالافراج عن مشروعه الاستثماري، إلا انه وللأسف الشديد فإن الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط بصفته رئيسا للجماعة الحضرية لفاس، أبدى تعنتا وتصلبا اتجاه مضامين التوصية، وبذلك ظلت التوصية عالقة حبرا على ورقدون أن تجد طريقها إلى التنفيذ مما حدا بالمتظلم المذكور إلى مراسلة كل المؤسسات الرسمية في هذا البلد فرض ارغام الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط بصفته رئيسا للجماعة الحضرية لفاس، على تنفيذ مضامين توصية ديوان المظالم لكن دون جدوى.
في ظل هذا الوضع، وبعد مرور 6 سنوات على توصية ديوان الممظالم لم يكن للمستثمر العمراني حسن بد من اللجوء سنة 2011 إلى مؤسسة الوسيط المحدثة بموجب الدستور الجديد تزامنا مع الربيع العربي حيث بعد مرور سنة وتحديدا شهر دجنبر 2012، أقدم وسيط المملكة على توجيه رسالة شديدة اللجهة إلى الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط بصفته رئيسا للجماعة الحضرية لفاس والتي تضمنت تهديدات باتخاد اجراءات تأديبية في حقه إلا أن حميد شباط لم يبالي بمراسلة وسيط المملكة ولم يقم بتسوية ملف المستثمر العمراني حسن، الامر الذي يعتبر ازدراء واستخفافا واحتقارا واستصغارا واستهتارا بمؤسسة دستورية يرعاها الملك.
وبعد انقضاء حوالي سنة ونصف على الرسالة التهديديةيصدر وسيط المملكة مؤخرا توصية نافذة باسم الملك طبقا للظهير المحدث للمؤسسة كمؤسسة دستورية توصي الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط وبصفته رئيسا للجماعة الحضرية لفاس باتخاد كل الاجراءات الضرورية للتعويض بسبب ما تعرض إليه المستثمر حسن العمراني. وحسب منطوق توصية وسيط المملكة فإن المستثمر المذكور له الاحقية في جبر الضرر وذلك جراء تفويت الفرصة عنه لخلق مشروعه الاستثماري. فلنتصور حجم التعويضات التي يجب أن تؤدى لهذا المستثمر عن كل هذه السنوات وذلك بسبب تصلب الامين العام لحزب الاستقلال حميد شباط بصفته رئيسا للجماعة الحضرية لفاس.