أب حنون…و مسرحية مجنون…..

ﺇﻥ ﺍﻷ‌ﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ‌ ﻳﺤﺘﺮﻣﻮﻥ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻳﻦ ﻭ ﻳﻌﺘﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭ ﻳﺘﺪﺧﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻻ‌ ﻳﻌﻨﻴﻬﻢ، ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻀﻊ ﻟﻬﻢ ﺣﺪﺍ ﻭﻧﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ.
ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ‌ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﻬﺬﺏ ﺷﺮﻳﺮﺍ ﺃﻭ ﻣﺸﺎﻛﺴﺎ.
ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺎﻛﺴﻨﺎ ﺷﺨﺺ ﻣﺘﻨﻤﺮ، ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻭ ﻧﺤﺪﻕ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻭ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﺣﺎﺯﻡ ﻗﺎﺋﻠﻴﻦ ﻟﻪ :
“ﻻ‌ ﻧﺴﻤﺢ ﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺗﺘﺨﻄﻰ ﺣﺪﻭﺩﻙ ﻣﻌﻨﺎ”.
ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺪ ﻓﻮﻕ ﺍﻷ‌ﺭﺽ ﺃﺣﻦ ﻟﻺ‌ﺑﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ؟.
ﻣﻮﺿﻮﻋﻨﺎ ﺍﻵ‌ﻧﻲ، ﻫﻮ ﻋﻼ‌ﻗﺔ ﺍﻷ‌ﺏ ﺑﺎﻹ‌ﺑﻦ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ…..
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻹ‌ﺑﻦ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺧﻼ‌ﻝ ﺍﻟﺸﺠﺎﺭ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭ ﻋﺪﻭﺍﻧﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺭ، ﺑﻤﻮﻗﻒ ﻻ‌ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ، ﻣﺘﺴﺎﻣﺢ، ﻓﻬﺬﻩ ﺗﺮﺑﻴﺘﻪ ﻭ ﺃﺧﻼ‌ﻗﻪ، ﻭ ﻳﺒﻘﻰ ﺷﺄﻧﻪ. ﻷ‌ﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻬﺬﺑﺎ ﻭ ﻣﺘﺴﺎﻣﺤﺎ ﻣﻊ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ، ﻭ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻏﻀﺒﻪ ﺑﺎﻟﻜﻼ‌ﻡ ﻻ‌ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ…..ﻓﻴﺴﺘﻨﺘﺞ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺠﻨﺐ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺜﻤﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻹ‌ﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ ﺇﻻ‌ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺮﻭﻧﻪ ﺏ : “ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﻠﻲ ﺭﺑﺎﻙ”.
ﻗﺪ ﻳﻼ‌‌ﺣﻈ ﺍﻷ‌ﺏ ﺃﻥ ﺍﺑﻨﻪ ﻻ‌ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻳﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﻳﺆﺫﻭﻧﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﻴﺸﺮﺡ ﻓﻴﻪ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ.
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻷ‌‌ﺣﻴﺎﻥ،  ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻟﻸ‌ﺏ ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﻭﻟﺪﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﻴﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺍﻟﺪﻓﺎﻋﻲ ﺑﺜﻘﺔ ﻭﺣﺰﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﺒﺪﻱ ﻋﺪﻡ ﺍﻛﺘﺮﺍﺛﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻭ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ‌ ﻳﺄﺧﺬ ﺗﺤﺬﻳﺮ ﺍﻹ‌ﺑﻦ ﺍﻟﻤُﻌﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ ﺍﻟﺠﺪ.
ﺇﻥ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺃﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﺛﻘﻴﻦ ﺑﻨﻔﺴﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭ ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻳﺸﻌﺮﺍﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ ﻭ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻳﺘﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﻄﺎﻟﺢ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻲ.
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹ‌ﻧﻄﺒﺎﻉ ﻟﻴﺲ ﻭﻟﻴﺪ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ، ﺑﻞ ﺗﺮﺳﺦ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ “ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺪﺍﺭ” ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﻭ ﺳﺒﺒﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷ‌ﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻹ‌ﺑﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭ ﺗﻮﺑﻴﺨﻪ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺰﻫﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻔﻘﺪﻩ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻱ ﻋﻤﻞ، ﻭ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻷ‌ﺏ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺴﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺩﻭﺭﺍ ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ….. ﻭ ﻳﺸﺠﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺑﻴﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ “ﺭﺏ ﺃﺥ ﻟﻢ ﺗﻠﺪﻩ ﺃﻣﻚ”، ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺭﺃﻳﻪ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻭ ﺧﺎﺭﺟﻬﺎ….
أيها الصديق، ابتعد و لا تتذخل في ما لا يعنيك حتى لا تنسى ما يعنيك…..أو تسمع ما لا يرضيك!!!!
لماذا ؟
ﻷ‌ﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻹ‌ﺑﻦ ﺍﻟﺸﺠﺎﺭ ﻣﻊ ﺃﺧﻴﻪ ﺃﻭ ﺃﺧﺘﻪ، ﻳﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﺣﻘﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﺠﺎﺭ ﺧﺎﺳﺮﺍ……و اعلم كذلك أن طلبات الأب لإبنه، أخلاقيا أوامر تنفذ حتى و لو كانت على حسابه إلا الشرك بالله.
ﻋﺸﻮﺭ ﺩﻭﻳﺴﻲ