بقلم الأستاذ حميد طولست
لا يسعني كمواطن مغربي من مدينة فاس ، إلا أن أنوه بالنتائج المذهلة التي حصدها مرشحو حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجماعية عبر تراب الوطن عامة ، وفي العاصمة العلمية للمملكة على وجه الخصوص ، المدينة التي قدمها جمهورها الكريم ، كهدية على طبق مشروط بمسؤولية تخليصها من نحس الفساد ، وانقادها من شر المفسدين ، واحتواء آثار تسلط مغتصبيها ، والحد من آثار ومخلفات غلو المتسلطين عليها، الذين حولوها مرتعا للنهب، وسوقا للكسب، وجعلوها محمية ليس فيها مكان لصالحٍ ، ولا متسع لصادقٍ ، لا يقربها الأخيار، ولا يديرها الأطهار، ليس لسوء في أصحاب الدار، وإنما لفحش الذين قوضوا تميزها بجهلهم ، وعجلوا تأخرها بعنادهم، وتفننوا في خرابها بإرادتهم ، فاستعجلوا الثورة ضدهم ، وسرعوا خاتمة سلطانهم..
ولا شك أن هذا الجمهور الفاسي الكريم ، في حاجة إلى العرفان بفضله واعتراف بجميله ، والذي أعتقد أنه يستحقه، وردا على ثقته وكرمه ، والذي لن يتأتى إلا من خلال تمثيله أحسن تمثيل ، وذلك بتنزيل ما اتخذه حزبكم من شعارات لحملاته الانتخابية والتي جعل من “المكافحة المنظّمة للفساد شرط من شروط الحكامة الجيدة ” وتطبيقها على أرض الواقع ، حتى لا تبقى مجرد خطابات ديماغوجية أيديولوجيـة ، ومفاهيم ومصطلحات طوباويةٌ مثالية، ليس لها وجودٌ ، وتحويلها إلى إنجازات فعلية ملموسة محصنة بالشرعية الديمقراطية ، يعود خيرها المادي والمعنوي على ساكنة المدينة والجهة ، وأن تكونوا لغيركم من المنتخبين درساً ، ولسواكم من المسؤولين عبرة ، في سياسة القرب والدفاع عن أحوال المدينة وإنسانها الفاسي ، وأن تكونوا الأفضل والأحسن، والأكثر وعياً وحكمة، والأشد عزماً وقوة، والأصلح للحكم والأفضل للإدارة، وأن يكون نهجكم هو الأقوم ، وحكمكم هو الأرشد ، ورجالكم هم الأقدر ، ولما لا الاستثناء ..
وألا تكونوا كالذين أصابهم غرور الفوز ، فاعتقدوا أنهم الأحسن والأفضل والأقوى والأعلى ، ووصل بهم الحال أن يجزموا أنهم القادة الملهمون ، والعظماء الذين جاد الزمان بهم على هذه المدينة ليتقدموا صفوف نخبها ، ويتحدثوا باسمهم ، وتفضل بهم الله على أهلها، ليسوسوهم ويحكموهم ، الذين نصبوا أنفسهم وحكموا ، وظلموا وما عدلوا ، وجاروا وما ساووا ، وفرقوا وما جمعوا ، وأبعدوا وما قربوا ، وتسببوا في فرقة الناس وشتاتهم ، وهجرتهم وهروبهم ، ويأسهم وقنوطهم ، وكفرهم بالوطن والمدينة ونكرانهم للتضحية في سبيلهما، والفداء من أجلهما..
اللهم أبعد الغرور عن المنتخبين الجدد ، وتبث تواضعهم ، وأدم حسن خلقهم ، لأن الله يرفع يتواضع ويعز شأنه .