توصلت منظمة (العدالة للمغرب) بهذا المقال الصادم والكاشف عن خروقات وتجاوزات جسيمة قام بها مدير سجن القنيطرة بحق عدد من المعتقلين. ومصحوب مع هذا المقال بيان صوتي للصحفي المعتقل مصطفى الحسناوي يحكي فيه جانبا من هذه الإنتهاكات بهذه المؤسسة السجنية التي عرفت في الآونة القريبة ترديا في الأوضاع وانتهاكات عديدة لحقوق المعتقلين. وهذا نص المقال:
«عباس الزراويطي»
بقلم: المعتقل السياسي مصطفى الحسناوي
أعجبني لقب، بشار البراميلي، الذي أطلقه المفكر السوري المقيم بألمانيا، الدكتور خالص جلبي، في إحدى مقالاته عن المجرم بشار، الذي اختار أن يكون خصما وعدوا لشعبه، يقتل ويهدم ويدمر بالبراميل، حتى لكأنه ينتشي بالدمار والخراب، ما دفعني مرة للاستلهام من بيت بشار بن برد الذي يقول فيه:
متى يبلغ البنيان تمامه***إذا كنت تبني وغيرك يهدم
فقلت على لسان بشار بن جرذ (البراميلي):
متى لا يرى في البلاد إلا دمارها*** إذا كنت تبني وغيرك يعلي بنيانها
بشار على كل حال هو مصدر إلهام في كل الاتجاهات، لذلك استلهمت من لقبه (البراميلي)، عنوان مقالي المتعلق بمدير سجن القنيطرة، الذي ربما استلهم من بشار ما يناسبه.
ذلك أن السجن المركزي عرف يومي، الإثنين والثلاثاء 26 و27 أكتوبر مجزرة حقيقية، بحق عدد من السجناء بلغ ستة عشر معتقلا، وقد كنت ومعي عدد من المعتقلين، شهودا على مشهد من هذا الاعتداء. وأخبرني عدد ممن عاينت الجروح والرضوض والكدمات على أنحاء من أجسادهم، أن مدير الحبس المسمى عباس ورئيس معقله المدعو عابد، شاركا في هذه الغزوة نطحا ورفسا ولكما وصفعا ونتفا وسحلا وسبا وشتما وتجريدا كاملا للثياب.
بل إن مدير الحبس، ولأول مرة ربما في تاريخ هذه الوظيفة، استعمل حسب ما أخبرني به الضحايا. سلاح (الزرواطة)، وحق له أن ينال لقب (الزراويطي) عن جدارة واستحقاق، لولعه بهذا السلاح، واختياره أداء وظيفته من خلاله، عوض الحكامة الجيدة وحسن التدبير ونزع فتيل الاحتقان، وفتح قنوات التواصل والحوار، والعمل على الإدماج الحقيقي والتأهيل للسجناء، وإعطاء المثال عن المسؤول المتحضر المثقف المتخلق الإنسان.
لكنه عوض أن يأتي بالأمل للتنفيس عن هموم السجناء ومعاناتهم، أتى بزرواطته للتنفيس عن حقد دفين، أو موقف أيديولوجي أو عقدي تجاه معتقلين لا يعجبه مظهرهم أو أفكارهم أو مرجعيتهم، نازعا ثياب المسؤولية، ناكثا وعده وقسمه، مخلا بميثاق مهنته، مرتديا لباس الخصم والجلاد.
ونصيحتي التي أقولها دائما لمثل هذا الصنف من المسؤولين، الحقود الخصم الجلاد، أن يتركوا قناعاتهم وأيديولوجياتهم، خارج باب السجن، وإلا فليستقيلوا من وظائفهم وليؤسسوا جمعيات لمناهضة الإسلاميين ومحاربتهم.
إن كل مسؤول لا يلتزم العدل والاحترام والحياد، ويتصرف على أنه طرف أو خصم أو جلاد، سواء كان رئيسا كبشار أو مجرد مدير حبس كعباس، لن يكون تصرفه هذا سوى صبا للزيت على النار، يشجع الناس على الثورة والتمرد والانفجار، ويكسر حاجز التقدير والهيبة والاحترام، ورغم أن هذه النماذج بدأت مواقعها تنحسر في بلادنا، وبريقها يخفت، ونجمها يأفل، إلا أن الواحد منها يستطيع بتصرفاته المتخلفة، أن يفسد في ساعة واحدة، ما تحققه البلاد من تقدم في عشر سنوات.
إن هذه العينات التي تعمل جاهدة على فرملة العجلات التي بدأت تدور، لن تزيدني إلا إصرارا على نضالي، سواء داخل السجن أو خارجه، ولن أغمد قلمي، في سبيل كشف هذه الممارسات، إسهاما مني في دوران عجلة الحقوق والكرامة والعدالة والحرية.
(المعتقل السياسي الصحفي مصطفى الحسناوي).