حدثها عرس وحديثها عن الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء

ذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، بالنسبة للجالية المغربية، هي فرصة قوية وفريد من نوعها لإستحضار الأمجاد التي طبعت هذا الحدث التاريخي الخالد، والذي لم يسبق له مثيل عبر العالم، والذي سيظل منقوش بمداد من ذهب في الذاكرة الحية لكل المغاربة سواء كانوا داخل البلد أو خارجه. ففي هذه المناسبة إنطلقت حشود مجموعة من الفعاليات الإجتماعية والنخب السياسية والفكرية داخل صفوف المجتمع المدني للجالية المغربية وهيئات البعثات الدبلوماسية والقنصلية للمملكة وخاصة بأوروبا، بنظام وإنتظام، وبإتجاه واحد وعزم واحد في نصرة قضيتنا الوطنية والتعريف بها أمام الرأي العام الأوروبي وبجميع مكوناته السياسية والإجتماعية والثقافية، مسلحين بقوة الإيمان والعزيمة وسائرين على منهج قائدهم الأعلى جلالة الملك محمد السادس من أجل وحدتهم الترابية وتلاحم أبناء الوطن الواحد فيه.

 فالمجهودات الجبارة التى نقوم بها نحن مغاربة العالم في نصرة قضيتنا الوطنية للوحدة الترابية، لنبين للعالم أجمع إرادتنا الراسخة للدفاع عن حقنا المشروع بأقاليمنا الجنوبية للمملكة، وتمسكا بقيم السلم والسلام وإحترام حقوق الإنسان، عملنا نحن مجموعة من الجمعيات والمنظمات السياسية والحقوقية  وبتنسيق مع بعض سفارات المملكة بدول أوروبا الغربية على أن نجعل فكرة الذكرى 40 للمسيرة الخضراء هذه المرة شيئاً حقيقيّاً، لنأكد من خلالها عبقرية الملك الموحد وباني المغرب الحديث  الملك  الحسن الثاني، رحمه الله و طيب ثراه، الذي حرص على قيادة المسيرة بأسلوب حضاري سلمي فريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق في استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن الأب، ولنجسد القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله،  الذي يواصل دفاعه المستميت عن حقوقه الراسخة وصيانة وحدته الثابتة، مؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة، إرادته القوية وتجنده التام للدفاع عن مغربية صحرائه وعمله الجاد لإنهاء كل أسباب النزاعات المفتعلة وسعيه إلى تقوية أواصر الإخاء بالمنطقة، خدمة لشعوبها وتعزيزا لاتحادها واستشرافا لمستقبل أكثر إشراقا.

كذلك، نعتقد كمتابعين ومهتمين ،من داخل حركة الوسيط للجالية، بقضيتنا الوطنية أنّ المؤامرات التي تحدثها الحكومة الجزائرية من حين لأخر ضد أقاليمنا الجنوبية وخاصة  بعد إعلان جلالة الملك مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية بالأقاليم الصحراوية للمملكة، غيرت المعادلة لصالح المغرب. فتصاعد الاعتداءات والإدعاءات التي تروج لها الدبلوماسية الجزائرية في برامج سياستها الخارجية ضد الرباط، لم يؤثرعلى  تركيز الدولة المغربية على تنمية أقاليمها الجنوبية وبسط سيادتها وفرض سيطرتها وقبطتها الأمنية في ظل التوتر المشتعل داخل جنوب الصحراء وتفشي الإرهاب بالمنطقة، فتراجع الإهتمام بالمخططات الجزائرية في المحافل الدولية وتراجع دول كثيرة بالإعتراف بالجمهورية المزعومة وتجنبها الدخول في “متاهات” ، كان نتيجة إهتمام معظم هذه الدول بالمسيرة المباركة نحو مدارج التقدم والرخاء تحت القيادة المستنيرة للعاهل المغربي ملك البلاد.

 وكذا، فإن المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية في ظل السيادة الوطنية، ما فتئت تحظى بدعم متنامي من طرف المنتظم الدولي، لاسيما وأن جل المراقبين يعتبرونه آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، والذي يسعى خصوم الوحدة الترابية للمملكة لإفشاله بجميع الطرق المتاحة ضدا على الحقائق التاريخية التي تشهد على أن الصحراء كانت مغربية وستظل مغربية. من هنا، وفي اللحظة الراهنة، تجد حكومة الجزائرنات (أي الجنرالات) نفسها في سياق وضع محيّر؛ من عدم فعالية أكذوبة إعتادوها، وانقسام بين قياداتهم وفصائلهم بالإعتراف بالصحراء المغربية، وغرق في مشاريع التفاوض وتبعات الأموال التي تنفق لمعاداة المغرب في دبلوماسيتهم المتبعة. لذلك يبقى السؤال في سياق التجربة التاريخية: هل سيعود الإخوة الجزائريين إلى رشدهم و إلى دار أجدادهم القديم المغرب؟.

وإيمانا منا نحن مغاربة العالم بوحدتنا الترابية وبحقنا التاريخي والشرعي على أقاليمنا الصحراوية،  وسعيا منا الى تقديم مقاربة جديدة في هذا الشأن إلى الرأي العام الأوروبي والعالمي للتعاطي معها من خلال إحتفالاتنا بعيد المسيرة الخضراء،  فإننا لانذخر أي جهد في مواصلة السير قدما على درب الملاحم والمكارم والصمود، سعيا إلى تثبيت الوحدة الترابية للمملكة وإعلاء صروح المغرب الحديث وصيانة مكاسبه الوطنية من جهة، وسعيا إلى تحقيق الازدهار المنشود وتمتيع  المواطنين المغاربة بالأقاليم الصحراوية بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية كاملة غير منقوصة في إطار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي من جهة ثانية.

إنها إذن ذكرى مجيدة، ذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، تبرز من خلالها الجالية المغربية إنخراطها في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى، وتعمل على إدماج الأجيال الحاضرة والمستقبلية من أبناءها  وتحسيسهم بأهمية المسيرة الخضراء في همم كل مغربي ومغربية وفي تاريخ المغرب.