في الوقت الذي نجد فيه قادة الدول يطلعون شعوب دولهم على حالاتهم الصحية، عبر الوسائل الرسمية، كيفما كان الجال حتى لو كان حالة اصابة بالزكام، تطالعنا بعض وسائل الإعلام بخبر غير رسمي يتحدث عن نقل رئيس الجمهورية الجزائرية، يوم أمس الأربعاء 11 نونبر، إلى إحدى الدول الأوروبية، بواسطة طائرة مجهزة بمعدات طبية. مرجحة أن يكون مرد ذلك إلى تدهور حالته الصحية أو من أجل إجراء فحوصات طبية،
أمام هذا التضارب في الأنباء حول الحالة الصحية لبوتفليقة. و الغياب شبه التام لحضوره في الساحة السياسية والمحافل الدولية،”اللهم عن طريق مفوضين وحاملين لرسائله” أثارت بعضها التي بثت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في حملاته الانتخابة للولاية الرابعة سخرية كبيرة، و في ظل الغياب الواضح وشبه التام لخطاب رسمي دقيق ومفصل لحالته، كثرت التأويلات والتفسيرات، فمنهم من يدافع عنه ويؤكد بأنه رجل قوي رغم مرضه يتابع شؤون البلاد والعباد بشكل عاد ويتخذ القرارات ويكافئ المجدين ويعفي المتخاذلين، فنجد صحيفة “العرب” تسوق خبر تأكيد رئيس الحكومة عبدالمالك سلال، الاثنين المنصرم، أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يتابع “يوميا” تنفيذ برنامجه الرئاسي،.
ومنهم من يشكك في قدرته وينفي أن تكون كل القرارات صادرة منه “رغم أنهم من المحسوبين عليه” حيث قالت تومي”حسب نفس المصدر” التي شاركت في الحكومة منذ سنة 2002 إلى حدود سنة 2014 عندما أعيد انتخاب بوتفليقة لولاية رابعة “أعرف الرئيس جيدا وأشك في أن تكون بعض القرارات قد صدرت عنه بالفعل”.
لكن، على ما يبدوا الآن، أنه رغم تأكد ووضوح مرض بوتفليقة ، لازال الشعب يتحاشى،حتى، الدعاء لرئيسه بالشفاء فما بالك، الحديث عن حالته الصحية والخوض في قدرته على تسيير البلاد، لما عرفه عن ردة فعل السلطات الجزائرية من صرامة، من قبيل ما ساقته “العربية ” في شأن حادثة التحقيق القضائي مع صحافي ، كانت له جرأة أن زعم إصابة بوتفليقة بالشلل، التي اعتبرت الحادثة الأولى منذ سنوات الإرهاب ونبهت إلى حساسية الموقف من صحة الرئيس، حيث تناولت ما قالته وكالة الأنباء الجزائرية، آنذاك في شأن أن النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة أمرت بفتح تحقيق قضائي ضد هشام عبود مدير يومية “جريدتي” الصادرة باللغتين العربية والفرنسية من اجل “المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي“.
حيث ذكرت، في نفس الصدد، بما جاء في البيان الصحافي للنيابة العامة للمجلس أنه “إثر التصريحات المغرضة المدلى بها ببعض القنوات الاعلامية الاجنبية ومنها فرانس 24 من قبل المدعو عبود هشام بخصوص الحالة الصحية للسيد رئيس الجمهورية، حيث صرح بأنها قد تدهورت لحد إصابته بالشلل ونظراً لما لهذه الاشاعات من تأثير سلبي مباشر على الرأي العام الوطني والدولي وبحكم الطابع الجزائي الذي تكتسيه هذه التصريحات التي لا أساس لها من الصحة، فإن النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر أمرت بفتح تحقيق قضائي ضد المعني من أجل: المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي“.
وهو ما يفسر سرعة مهاجمة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، الموقعين على الرسالة العلنية التي وجهتها 19 شخصية سياسية وثقافية، إلى رئيس البلاد منذ أيام، طالبت فيها بلقائه للتباحث معه في “تدهور المناخ العام”. ومن أبرز الشخصيات الوزيرة السابقة خليدة تومي، والمناضلة المعروفة ضد الاستعمار الفرنسي زهرة ظريف بطاط، ورئيسة حزب العمال التروتسكي لويزة حنون، والكاتب رشيد بوجدرة، إضافة إلى العديد من الشخصيات المعروفة بقربها من الرئيس بوتفليقة. فتم اتهامهم من طرف الجبهة ب: ”محاولة ضرب معنويات الشعب الجزائري”، مؤكدين أن هذه “المبادرة سيكون مآلها الفشل”. حتى لا يجرِؤ أحد على الحديث عن حالة الرئيس المريض.
بقلم: عماد بنحيون