أحداث سوس ترصد معاناة ساكنة إحاحان، وأبنائها في المدن بين الثراء الفاحش وأصولهم المنسية! + فيديو‎

تتواصل معاناة ساكنة إحاحان بمختلف دواوير جماعة أيت عيسي إقليم الصويرة نتيجة انعدام أبسط شرط العيش في هذا البلد المنسي، حيث يقف المرء مدهشا أمام تلك المناظر المؤلمة لساكنة دوار القرية والتي تعيش وضعا مزريا حيث زاد من تفاقمها الفقر و الأمية، بالإضافة إلى التهميش واللامبالاة التي عانت وتعاني منها الساكنة، مما فرض عليها واقعا سيئا تتجرع مرارته كل يوم ، بل كل ساعة .

 إنتقلنا لدواوير هذه القرية منها على الخصوص ( تاروين – أسرير – إداوكتي – أكليم – زاغو … ) قصد تسليط الضوء على جل المعاناة، بمجرد إطلالنا على الدوار ( تاروين) واجهنا بعض الصعاب في الولوج إليه ، نتيجة سوء الطريق المؤدية إليه ، حيث رسمت عليها الحفر والتصدعات وتآكل جنباتها صورة حقيقية عن مدى الإهمال والتهميش الذي يعاني منه دوار القرية ، في تلك اللحظة استحضرنا المثل القائل « من باب الدار تعرف الأخبار »! فالطريق لم تعد تحمل من ذلك سوى الاسم ، لذلك قررنا أن نترجل قاطعين بذلك مسافة لا بأس بها لنصل قرب السقاية المتواجدة بمدخل الدوار، هناك وجدنا مجموعة من الرجال والأطفال، إقتربنا منه وسألنا بعضهم عن ظروف معيشتهم وما يعانونه من مشاكل، فكان أن صرح سيد لأحداث سوس قائلا: ” عايشين مكرفسين” ليضيف آخر ” البرد فينا والحر فينا ولا من انتبه لحالنا “.

شيء محزن فعلا أن تجد شابا اختار الهجرة من بلدته باحثا عن عمل في المدينة، تاركا والديه ينتظر ما سيحضر له الابن، ساكنة تعيش ظروفا قاسية تعاني معها الحاجة والبطالة توجد فئة عريضة بينهم لا شغل لهم ، و آخرون يشتغلون كمياومين ، ومنهم من يقف بالموقف لعدة أيام دون أن يجد عملا، مما جعل حالة الفقر تطغى عليهم ، لينضاف إلى ذلك الإهمال واللامبالاة من الجهات المسؤولة، ساكنة محرومة من الكهرباء والماء الصالح للشرب، يوضح رئيس جمعية تيفاوت بالدوار السيد” عبد الله” في هذا الخصوص قائلا  بصوت يعبر عن مدى إحساسه بالتهميش والإهمال الذي طال الدوار« هذه ليست عيشة …» . معاناة النساء في هذا الجانب، وخصوصا في أيام البرد والشتاء، كثيرة قد يصبن معها بأمراض مختلفة لا يشعرن بها إلا بعد فوات الأوان بالإضافة إلى ما يواجهنه من خوف و فزع نتيجة الظلام الدامس و خطورة المكان دون الخوض في الأمراض الممكن التقاطها بسبب النفايات والروائح الكريهة المنبعثة من الجيفة وفضلات الحيوانات وانتشار الكلاب والقطط الضالة والفئران وتناسل الحشرات السامة والمضرة كالعقارب والناموس والبعوض …. كما ترتفع درجة الروائح الكريهة، لتصبح مصدر قلق وإزعاج للجميع بالليل ، كما هو الحال بالنهار ، ناهيك عما تسببه لهم من أضرار صحية على مستوى العيون والجلد والتنفس…

عانت ساكنة القرية معاناة طويلة مع الماء لكونها لم تكن تتوفر إلا على السقاية التي كان يتدافع أمامها السكان لجلب المياه و كان الاكتظاظ و الازدحام يصل حد العراك و الإغماء في صفوف النساء, كما أن الوضعية تسببت في صراعات منها من وصل إلى حد المتابعة.

لا مدخول يمكن للساكنة أن تتنفس به، باستثناء مشروع عصارة الزيت الذي يشتغل أسبوع وقد يصل إلى شهر في السنة، والنشاط الفلاحي الذي ينتظر التساقطات المطرية كبركة من الله، معاناة الساكنة تصل أيضا إلى الأبناء الممدرسين، إذ تنعدم تماما وسائل النقل المدرسي لإيصالهم إلى مدارسهم، وهو ما يساهم في الغياب المستمر عن الدراسة، ما يؤدي إلى الانقطاع المبكر عنها في ظل أجواء غير مساعدة تماما مع مع ما يصاحب ذلك من مظاهر الفقر الواضح عليهم.

دواوير احاحان اليوم في حاجة إلى ثانوية وإعدادية وليس فقط مدرسة وهي بعيدة على غالب الدواوير، وكأننا نقول إن مستواكم الدراسي يا ساكنة احاحان لا يجب إن يصل الإعدادي فهل من المعقول قرية يفوق عدد ساكنتها أزيد من 3000 نسمة لا يوجد بها مستوصف ولا مؤسسات؟، لعل الجواب هو سؤال آخر  : أين هي الثروة ؟

وعلى ذكر الثروة، تجدر الإشارة أن شخصيات مهمة حين وصلوا لمقامهم تنكروا لأصولهم ولأبناء جلدتهم بالجماعة الذي ولدوا فيه، وهم عديدون ومعروفون في مختلف المدن والجهات بالمغرب، منه من يتوفر على شركات ومقاولات، ومن هو نائب برلماني ونائب رئيس جهة مراكش، ومنه من كان  وزير أول بالمغرب ورئيس المجلس الاعلى للحسابات  حاليا …

لقد حان الوقت للدولة وكافة المصالح المعنية على رأسها عمالة إقليم الصويرة ورئيس جهة مراكش،أن تضاعف جهودها لتحسين البنية التحتية للمناطق القروية ،و جماعة آيت عيسي على وجه الخصوص، من خلال بناء المراكز الصحية والمدارس وتعبيد الطرق وإيجاد الماء الصالح للشرب والكهرباء والنظافة والنقل المدرسي وجميع الخدمات اللازمة لضمان كرامة المواطن القروي ،وهذا ليس بالأمر المستحيل إذ أن الإرادة السياسية موجودة لتنمية العالم القروي، مع العلم أن هذه المناطق تتوفر على مؤهلات طبيعية وسياحية هائلة و على موارد بشرية مهمة ستعود بالنفع الكبير للإقليم لطالما توقفت عجلة التنمية فيه.