فجأة أصبح رجال السلطة المحلية عبارة عن مجموعة من المكبوتين جنسيا والفاسدين أخلاقيا وأصبحوا يشكلون عبئا مؤسساتيا على الدولة.
فجأة أصبح رجال السلطة المحلية يفتقدون للمصداقية ورمزا من رموز التحكم والدولة العميقة.
فجأة فقدنا الثقة في رجالات الإدارة الترابية وأصبحت المطالبة برأسهم من طرف المواطنين ومن طرف السيد رئيس الحكومة المحترم.
فجأة أصبحوا الطغمة الفاسدة التي تعيث في الأرض فسادا وتفسد في الأرض أكثر مما تصلح.
بلغ إلى علم هذه السلطة أن تيارا سياسيا معينا يقوم بالترويج لهذه الحرب الشرسة على بعد خطوات قليلة من الاستحقاقات الانتخابية ل 7 من أكتوبر القادم. كما تفيد المعطيات الواردة على هذه السلطة أن الحزب الحاكم لازال يعتبر منظومة السلطة من العراقيل المؤسساتية التي تقف في وجه محاولات الانتشار والاختراق للحزب ومنعه الركوب على مجموعة من الأحداث وعلى حركية الجماهير من أجل استغلالها سياسيا لإحكام السيطرة على الانتخابات القادمة.
وبعد البحث والتحري في موضوع النازلة، نفيد السيد رئيس الحكومة بعناصر الجواب:
إنه بالإضافة إلى ما راكمته المملكة المغربية بقيادة السدة العالية بالله من منجزات على جميع المستويات والأصعدة، فقد ساهم السادة رجال السلطة في البلورة العملية للمفهوم الجديد للسلطة وتقريب الإدارة من المواطن وحسن الاستماع والإصغاء لنبض الشارع وسرعة الاستجابة للمطالب الشعبية مما ساهم بشكل كبير في أن يمر المغرب من تجربة الربيع العربي بدون خسائر تذكر بل وتجسدت فعليا أواصر الارتباط والتعلق بين العرش والشعب. كما عملت هذه السلطة المحلية على التنزيل الحرفي للخطاب التاريخي ل9 مارس 2011 وعملت تحت إشراف وزارة الداخلية على تنظيم استفتاء 31 يوليوز 2011 والذي تم تبني من خلاله دستور جديد أجمع عليه المغاربة قاطبة.
ومساهمة من هذه السلطة في التنزيل الفعلي لمضامين الدستور الجديد وكذا المؤسسات الدستورية المنبثقة عنه، سهرت هذه السلطة، غير مشكورة، على تنظيم الانتخابات التشريعية لنونبر 2011 تحت الإشراف (الشكلي) للجهاز القضائي، والتي أعطت الفوز لحزبكم وقيادتكم للحكومة الحالية. ويجب أن تعلم السيد الرئيس أن رجال السلطة ساهموا في نجاح حزبكم من خلال التركيز على الرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات المذكورة وتم الاتصال بجميع القوى الحية وهيئات المجتمع المدني والساكنة واستعمال جميع الوسائل المشروعة الممكنة من أجل الرفع من نسبة المشاركة والتي كانت التعليمات تعتبرها مسألة حياة أو موت (بالتعبير الحرفي للسيد وزير الداخلية السابق). وأكيد أن مجموعة من المواطنين الذين تم تجنيدهم للمشاركة كانوا ساخطين على التجارب السابقة وبالتالي فقد ذهبت أصواتهم تحفها الملائكة من أجل التصويت لحزب المسلمين.
دخلتم الحكومة أيها الرئيس وبدأتم في نسج علاقات مؤسساتية موازية للدولة وربطتم علاقات مباشرة بمريديكم وأخذتم زمام الأمور بيد من حديد واستأسد مريديكم في التمرد والعصيان على مؤسسات الدولة وكتابة التقارير على رجال السلطة المحلية وإحالتها على الكتابات الإقليمية والوطنية والتي تعمل على الضغط على وزارة الداخلية من أجل اتخاذ قرارات ضد رجال السلطة “لي مطيحوش الراس للبيجيدي”. ركبتم، كعادتكم موجة الاحتجاجات الاجتماعية، وانطلقتم في تأسيس جمعيات على مستوى كل حي والتي تحاول اللعب على بعض الحاجيات الأساسية للمواطنين من أجل كسب التأييد الشعبي الذي يتجسد على مستوى صناديق الاقتراع وشكلوا بالفعل شبكات (بتعبير محمد الحمداوي في برنامج بلا حدود هلى قناة الجزيرة)، والويل والثبور لأي رجل سلطة لم يساعد على قبول ملفات الجمعيات التي يتقدم بها أعضاء الحزب أو مريدو حركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوي للحزب)
جاءت انتخابات 4 شتنبر 2011 والتي قام بإعداد جميع مراحلها السادة رجال السلطة الذين تنتقدهم وتنقص من قيمتهم واختزلت حالات خاصة لازال القضاء يبحث في حيثياتها لتقوم بعملية التجييش والحشد ضد رجال السلطة ورجالات الدولة فيما يشبه إعلانا للعصيان المدني على شاكلة الفيس في الجزائر.، قلنا جاءت نتائج هذه الانتخابات لتمكنكم من التربع على كبريات المدن المغربية وذلك بفضل حياد رجالات السلطة المحلية وتفانيهم في هذه العملية التي يعتبرونها خطا أحمرا ومعيارا أساسيا في عملية الارتقاء الإداري والترقي التسلسلي.
إن رجال الإدارة الترابية يعلمون علم اليقين أن أقوى هواجسكم في الانتخابات التشريعية القادمة هو العالم القروي، حيث تعتبرون القائد بفضل مركزيته القوية ونظرة المواطنين إليه قادرا على رسم الخارطة الانتخابية بما لا يخدم مصالحكم وفق تقارير مخابراتكم الموازية. وبناءا على هذه القناعة المدعومة بطبيعة الحال بفتاوى ابن تيمية التي تقول بضرورة تبديع المخالفين والتشهير بهم والتضييق عليهم في الرزق ويعادون في دين الله ويعاقبون لتطهير الوضع منهم مع القدرة عليهم، فإن لم يُقدر عليهم وجب التشهير بهم وفضيحتهم بين الناس وهجرهم ويمكن أن نغتابهم ولا غيبة لهم ويمنعون من مرتبات الدولة حتى يتوبون ويرتمون في أحضانكم الكريمة.
إن هذا التهييج والتجييش للشارع ضد رجالات الدولة لا يمكن تكييفه إلا في خانة الانقلاب على مؤسسات الدولة والتهييء للمواجهة معها والتي تعتبرونها حتمية، كم أن الطعن في مشروعية العملية الانتخابية القادمة على لسان السيد سعد الدين العثماني والتهديد بمواجهة ذلك بشتى الوسائل يجعلنا نحذركم من الطريقة والاستراتيجية التي تحاولون فرضها على أجهزة الدولة.
إن رجالات الإدارة الترابية كاونوا ولا يزالون يتشرفون بالثقة المولوية التي توضع فيهم بمناسبة تنظيم جميع الاستحقاقات الكبرى (الزيارة الملكية، الانتخابات، الاستفتاء، حفل الولاء…..)، وهم دائما على مسافة واحدة من جميع الفاعلين السياسيين في إطار من الحياد الإيجابي الذي تفرضه العملية السياسية. وإذا ما تم تسجيل حالات منعزلة فذلك بمثابة النقطة السوداء في جلد الثور الأبيض ولا ترقى إلى أن تشكل ظاهرة يمكن الركوب عليها.
هذه بعض الإشارات التي أراد بعض الشرفاء أن يرسلوها لكم لكي تتذكروا كلما جلستم على كرسيكم الوفير أن الفضل يرجع لهؤلاء الشرفاء في تربعكم عرش الحكومة الحالية.
رجل سلطة في درجة باشا في جهة الرباط.