القضية الوطنية والانقلاب الأمريكي هل ممكن للمغرب أن يراجع مقترحاته ويؤسس لمشروع الجبهة الداخلية وفق الخيارات 11 الممكنة؟

لم تعد القضية الوطنية تتحمل الصدمات والمناورات الشيطانية للولايات المتحدة الأمريكية التي تستهدف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ’ فالدراسات تؤكد أن  الخطة الأمريكية تسعى لاستدراج المغرب في حرب مع الجارة الجزائر الحاضنة للجمهورية الوهمية ووفق أجندة أمريكية لاستكمال ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير وإستراتجية الفوضى الخلاقة الأمريكية لتفتيت ما تبقى من هدا الشرق الأوسط   . فالمنطقة المغاربية  هي جزء من خريطة طريق لإعادة تقسيم وبناء ما يسمى  بالشرق الأوسط الكبير.    إن الخصوصية المغربية في كونه دولة ذات سيادة دولة مغاربية وقريبة من أوربا ومن أمريكا من الناحية الجغرافية جعله  بلدا محط اهتمام لقوى عظمى  ومدخل استراتجي للتحولات الإقليمية وباعتباره دولة تتعدد ثقافتها بين الامازيغي والعربي واليهودي والأندلسي والإفريقي  جعلت منه كذلك  كيانا متأصلا   وأمة  استطاعت أن تواجه التحديات والصدمات, فالتاريخ يشهد  على الامتدادات التي كانت للامبراطريات  المغربية في عهد الدولة المرابطية والموحدية وكيف أن   المغرب  استطاع أن يوقف الزحف العثماني وان يصمد أمام الأطماع الاستعمارية لأكثر من ثلاثة ألاف سنة, انه رصيد تاريخي  يملكه  المغرب ,فمن خلال هدا الزخم التاريخي  على  المغرب     التعامل  مع قضينه الوطنية  من منطق أننا لا يمكننا أن نتفاوض على أراضينا بل يمكن أن نفاوض  على أراضي الغير إذا كان المغرب معتديا, فعلى أمريكا  إذا  أن  تستحضر التاريخ فالمغرب أول دولة اعترفت باستقلالها فكانت لخريطته شكلا أخر وفي حجمها الحقيقي بعد أن تم تعديلها  وتقطيعها من طرف الغرب الاستعماري , على أمريكا أن تعيد النضر في تراجع مواقفها  الخطيرة اتجاه مسار القضية الوطنية  فهي مستعدة ربما  وعلى ما يبدو  لمغامرة  ولو على حساب علاقتها التاريخية بالمغرب  هده هي أمريكا  . أمريكا المصالح الدائمة, ليس هناك أصدقاء ولا أعداء دائمين فالاعتراف التاريخي للمغرب  باستقلال أمريكا هو اعتراف بسيادة أمريكا على أراضيها فقضية الصحراء بالنسبة للمغرب  هي قضية سيادة  كذلك , وللتأكيد وللتاريخ إن ما يسمى مشاريع  مبادرات تسوية ملف الصحراء المغربية الملغومة  والمفروضة  على المغرب   ليس لنا أدنى شك   في كونها مبادرات كانت  تطرح في إطار المشاورات مع  الحليف الاستراتجي أنداك  ألا  وهي أمريكا ومحيطها الغربي فرنسا وغيرها , إن هده المشاريع لن ولم  تكون مشاريع مقدسة كقدسية القضية الوطنية في حد داتها  ,فتبقى مشاريع حسن نية  فقط ووسائل تبرر الغاية وهي الوحدة الترابية, فهي مشاريع مبادرات فقط  للتوصل إلى أهداف متفق عليها من مقترح ما سمي   بالاستفتاء التأكيدي للراحل الملك الحسن ومشروع الحكم الداني للملك محمد السادس, فسحب المينورسو من الصحراء  في شقه المدني كان مبادرة  مغربية منطقية ولا يجب إن  نجعل منها مجرد رد فعل على بان كيمون وتصريحاته بمخيمات البوليزاريو, فمهمة الإشراف على الاستفتاء الغير المتفق على إجراءاته لم تعد ذي جدوى  مند سنة 2001 ,فالتقرير الأخير للامين العام وقرار مجلس الامن2285 لابريل2016 الذي  هو الأخر لم يوضحا بالشكل الكافي الخيار الذي يصوغ منظومة تقرير المصير أو شكل الحكم الذاتي ولم يوضح  كذلك وبالشكل المطلوب مهام المينورسو والتي ستصبح ولاشك مطلقة  فالعبارة الواردة  في قرار مجلس الأمن  واضحة فهي كالتالي “قيام المينورسو بمهام كاملة”من يدري أن فيها  توسيع  صلاحيات المينورسو لتشمل مجال  حقوق الإنسان المرفوض من المغرب والتي  اعتبرها   تدخل في السيادة الوطنية  وندخل في المنظومة الحقوقية والديمقراطية الوطنية  و مزايدة على تقارير مجلس  حقوق الإنسان والهيئات  الدولية , المحلية, الرسمية والمدنية ,  فمهمة للمينورسو في الشق المدني  غير منطقية  ولا قانونية  بحيث لم يعد لها جدوى   بحيث أصبحت  من الأعباء المادية من  مصاريف  وبصفة تطوعية  تؤدى من ضرائب المواطنين المغاربة . إن مستوى الدبلوماسية المغربية مرتبط  بمدى إدراكها للفهم الحقيقي  لمجريات الأحداث  ومسار المفاوضات ,فبان كيمون هو وجه أمريكا في الأمم المتحدة  وزلته اللسانية بوصفه المغرب محتل ليست بريئة,و لنقل بشكل واضح أن  أمريكا  أخفقت  في الحفاظ على علاقتها التاريخية مع المغرب, فالمقاربة السياسية والإستراتجية لتدبير علاقاتها مع الحلفاء التقليديين أصبح مرتبكا بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية وبعدم وضوح رؤيتها الإستراتجية بظهور منافسين  وأقطاب  جدد  على الساحة الدولية السياسية والاقتصادية كدول البريكس الصين روسيا البرازيل…………..الخ  تم  كذلك  جشعها  اللامتناهي والمفرط بفعل سيادة توجه وهيمنة اللوبيات  السياسية  المحافضة المحتلة لمواقع القرار  والنفوذ داخل البيت الأبيض  هده البيات التي تسعى للسيادة امريكا  على العالم والتحكم في مصائر الشعوب  ولو بوسائل التدمير التي أدت إلى تدمير  وتقسيم   الدول وانهيارها سياسيا واقتصاديا  واجتماعيا كالسودان العراق وسوريا مثلا ,فالمغرب  من خلال هده الاستنتاجات  عليه أن يعيد النضر في أسلوبه الدبلوماسي والتكتيكي في مقاربته وقراءاته  لتفاعلات الوضع الجيواستراتيجي  ويبادر في تأسيسه  لقوة تفاوضية في ملف الصحراء انطلاقا  من هده الاختيارات  الأحد عشرة والتي نقترحها  وهي كالتالي :                                                        

1 تحصين الجبهة الداخلية بالإصلاحات السياسية والاقتصادية وترسيخ الديمقراطية وبناء دولة الحق والقانون.                                            

2توطيد علاقات مع حلفاء  وأقطاب دولية سياسية اقتصادية  جديدة.            

3العمل على تبني دبلوماسية   وقائية  واستباقية هجومية  وضخها  بطاقم وبدماء جديدة  لتصبح دبلوماسية ذات مرد ودية.                                 

4 عدم التنازل عن القضايا الجوهرية بمبرر  المرونة و بذريعة تقدم مسلسل التسوية.                                                                               

5 بلورة  ووضع الخطة الدبلوماسية المدروسة وفق برنامج سنوي مع إشراك الدبلوماسية الموازية وتمكينها من التاطير و الإمكانيات.                       

6  تمكين المغرب من جاهزية و بالتعبئة الشعبية المستمرة لمواجهات  كل الاحتمالات أو اختيارات  خاصة العسكرية.                                        

7 الاستمرار في تأهيل الصحراء المغربية وتعميق المجهود الاقتصادي والتنموي بالأقاليم الصحراوية .                                                     

8 اعتبار الحليف الأمريكي التقليدي جزء من الأزمة وليس الحل.                

9 توسيع مساحات الاستشارات الوطنية وتمكين مراكز الدراسات والباحثين بدون استثناء من كل الوسائل المادية والإعلامية للدفاع عن القضية الوطنية.

 10اعتبار كل   المبادرات   المقترحة من المغرب   لتسوية ملف الصحراء شكل من أشكال   الاجتهاد وتدبير الملف وليست مبادرات مقدسة تضاهي قدسية القضية الوطنية.                                                                     

11 قراءة تقارير مجلس  الأمن السنوية وتقديمها  بطريقة واضحة  للرأي العام وليس بنضرة تفاؤلية مفرطة تبعت الاطمئنان فقط  مع تقييم العمل الديبلوماسي بشكل موضوعي.                                                                    

رشيد حمادي قسو: رئيس مركز الدراسات والأبحاث الإستراتجية حول الديمقراطية والتنمية المندمجة