نبه الدكتور محمد دالي مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس- مكناس إلى خطورة التزايد المستمر لمظاهر العنف وأشكاله في الوسط المدرسي ، وأضاف في كلمة له خلال يوم دراسي نظمته المديرية الإقليمية للوزارة بفاس الثلاثاء 26 أبريل 2016 تحت شعار (نحو مقاربة تشاركية من أجل بيئة تربوية خالية من العنف بالوسط المدرسي” بمساهمة جمعية تنمية التعاون المدرسي و التضامن الجامعي المغربي لجهة فاس-مكناس أن قضية العنف التي باتت تستأثر باهتمام الجميع تحتم علينا جميعا وزارة أكاديمية سلطات شركاء ومتدخلين ومجتمع مدني توفير الأجواء الآمنة والسليمة داخل المؤسسات التعليمية ومحيطها، وثمن عاليا ، مبادرة المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بفاس في إطار المركز الإقليمي لرصد ظاهرة العنف في الوسط المدرسي وجهود ودعم كافة الشركاء والمتدخلين لتنظيم هذا اليوم الدراسي، مبرزا أن هذه المقاربة التشاركية ، والحضور الفاعل للجامعة عبر مرصد الطفولة ومساهمة مجموعة من الفعاليات ،فرصة حقيقية لتعميق التشخيص و الوقوف على الأسباب الحقيقية للعنف المدرسي والتداول في كيفية القضاء أو الحد من هذه الآفة الخطيرة.
حضر فعاليات اليوم الدراسي الذي يسر فقراته ذ: إدريس اليوبي إضافة إلى الدكتور محمد دالي مدير الأكاديمية والسادة المديرون الإقليميون لتاونات ومولاي يعقوب وفاس ، كل من رئيس قسم الشؤون التربوية والخريطة المدرسية والإعلام والتوجيه بالأكاديمية ، ورؤساء المصالح بالمديرية و رئيس المجلس الجهوي لحقوق الانسان لفاس ومكناس ،وعدد من السيدات والسادة مديري المؤسسات التعليمية من الأسلاك الثلاثة وبعض رجال الصحافة والإعلام .
من جهته أثار ذ: عبد القادر حاديني المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بفاس جملة من الأسئلة المرتبطة بهذا المفهوم الشائك “العنف” والتحسيس بخطورته ، وكذا بالظواهر ذات الصلة بمفهوم العنف “كالغش” في الامتحانات تمركز العنف بالأحياء الهامشية «نتيجة للظروف الاجتماعية ، غياب الوعي لدى الآباء، تمجيد العنف بهذه الأحياء ،الإحساس بالتهميش ، ….» معاناة المدرسة من تدخل الغرباء وخاصة المفصولين وأقارب التلاميذ وغيرها . وبعد أن قدم تعريفا للعنف أنواعه أكان ” فيزيائي / رمزي / لفظي / خاص / عام) أو كاستغلال للسلطة أو سلوك ضد التنور الإنساني . معتبرا ممارسة العنف سلوكا غير مسؤول سواء كان مصدره المؤسسة / التلاميذ / المدرسون / أو التنظيم / مذكرا بعواقبه الوخيمة على الفرد الأسرة و على المجتمع. أشار المدير الإقليمي أن اليوم الدراسي للتداول في الظاهرة جاء بعد الانفتاح على عدة شركاء حكوميين وغيرهم لإثارة الأسئلة. كما أنه يندرج في سياق أجرة الرؤية الاستراتيجية للمجلس الاعلى للتربية والتكوين (2015-2030) . داعيا إلى الانتقال من مرحلة الملاحظة إلى مرحلة الفهم والتفسير . وحث الجميع على إعادة النظر في هذه المسألة الأساسية كل من موقعه ، مشيرا إلى أنه سيتم إعداد دليل كمرجع يعتمد عليه كل ما استدعى الأمر ذلك للتعامل مع مثل هذه الظواهر التربوية، لأن الطفل موضوع إنصاف وليس مسؤولية. المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بفاس استعرض بعض المعطيات والأرقام حول حالات العنف بجميع الأسلاك التعليمية بعد تفريغ استمارة خصصت لهذا الشأن.
ذ: محمد أوراغ عن المركز الجهوي لرصد ظاهرة العنف بالوسط المدرسي قارب مسألة العنف داخل المؤسسات من خلال المقاربة التربوية التي اعتبرها مدخلا أساسيا لأنها تتجلى في المناهج التربوية ومقرراتها مشيرا إلى أنها تعج بصور نمطية ، لا تخلو من الإساءة لحقوق الإنسان، لذلك يقتضي من المسؤولين إعادة النظر في المقررات ومراجعة طرق التدريس و الامتحانات وغيرها، لتكون متلائمة مع الغايات و المرامي التربوية المنشودة وجدد الدعوة للتركيز في مدخل المناهج في جانبها التربوي على تضمين المواد الدراسية بمجموعة من القيم كالتسامح والحوار وقبول الاختلاف وبالحقوق والواجبات والتفتح على معطيات الحضارة الإنسانية .كما أشار في المقاربة الأمنية إلى ضرورة التصدي للعنف المدرسي عبر حماية محيط المؤسسة وتمشيط جنباتها الخارجية من المتسكعين و المشبوهين ، بدوريات أمنية مستمرة ومتواصلة. أما على صعيد المقاربة القانونية أكد رئيس المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي على ضرورة ربط أواصر التواصل بين المدرسة والوعي القانوني والاستناد في وضع البرامج و المناهج على المقاربة القانونية والأخلاقية من أجل تكوين نشء أو مواطن صالح يحترم القوانين المنظمة فيما شدد على أهمية توفير الخدمات الصحية بالمؤسسات (كالتمريض للإسعافات الأولية ، وكذا توفير إخصائي في الحالات النفسية و الاجتماعية.
من ناحية ثانية تناول ذ: نجيب خو ادريس عن المركز الإقليمي لرصد ظاهرة العنف بالوسط المدرسي، التعريف بمهام المركز الإقليمي لرصد وتتبع العنف والأنشطة المنجزة من تاريخ إحداثه. باعتباره آلية للتنسيق والتعاون بالمؤسسات التعليمية . باعتبار أن لديها الخلايا المحلية لرصد العنف وأنها خلايا مؤسساتية وليست تطوعية ، وتقوم بمهمة التواصل ، وتقعد لمعطيات خاصة بالمركز الاقليمي. فهذا المركز -يؤكد المتدخل- يعد آلية للتنسيق والتواصل والتعاون بين المؤسسات، كما تم التطرق إلى مكوناته. وأشار إلى مجلس التنسيق الذي يضم ممثلين عن قطاعات مختلفة، ليخلص إلى أن المركز آلية استراتيجية لكيفية محاربة العنف في الوسط المدرسي، داعيا إلى إنجاز بحوث تربوية وتنظيم دورات تكوينية في هذا المجال .
وفي السياق ذاته قدم ذ: رشيد شاكري نائب رئيس التضامن الاجتماعي عرضا مقتضبا تحدث فيه عن العنف بالوسط المدرسي، وكذا الشراكات التي تقوم بإبرامها الجمعية داخل وخارج الوطن، والمداخيل التي يعتمدها التضامن الاجتماعي في مواجهة العنف بالوسط المدرسي.
كما تم الحديث عن دور خلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف في شخص ذ.لبنى علمي مروني نائبة وكيل الملك، أكدت في مجمل حديثها على أنه تم إنشاء خلايا استقبال الأطفال والنساء ضحايا العنف بمختلف المحاكم، والاطلاع بالدور التنسيقي باعتبارها المشرف على عملية البحث التمهيدي والدور الكبير الذي تلعبه الخلية في الحماية والتكفل بالطفال والنساء الضحايا.
المديرية العامة للأمن الوطني من جهتها استعرضت جهودها في محاربة العنف بالوسط المدرسي، حيث استعرض ذ: ادريس الموساوي عن ولاية أمن فاس مجمل التدابير والإجراءات التي
اتخذتها المديرية للحد من ظاهرة العنف، ويتم التنسيق بين المديرية الإقليمية بفاس ومصلحة الأمن للقضاء على جميع السلوكات الشاذة بالمؤسسات التعليمية، بتنظيم دوريات للشرطة مكلفة بحراسة وتأمين المحيط المدرسي. وهو ما من شأنه أن يحد من هذه الآفة الخطيرة التي باتت تؤرق كاهل المواطن.
في حين تطرق ذ: الجامعي علي أفرفار في مداخلته إلى آثار العنف المدرسي على مكونات شخصية التلميذ، مبرزا أن مقاربة الموضوع لا يجب النظر إليها من زاوية واحدة. ولكن من أربع زوايا لتشخيص الظاهرة1– المكون الجسدي 2 – المكون الانفعالي و الوجداني 3- المكون المعرفي 4 – المكون الاجتماعي موضحا بحيث عندما يمس مكون واحد من هذه المكونات الأربعة بالعنف يكون له انعكاسات سلبية على الجوانب الأخرى، ونبه الدكتور المحاضر إلى أن توازن المكونات الأربعة رهين بعدم المساس بأي مكون آخر للشخصية ، فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا وأي مساس ولو بسيط يكون له نتائج وخيمة على نفسية المتعلم ، من خوف وقلق يفقده الثقة بنفسه ويدفعه للانطواء والعزلة و العدوانية اتجاه الآخرين، وعدم الاستقرار النفسي الذي من شأنه قد يؤدي إلى الانتحار.
على صعيد آخر استعرض مدير الثانوية الإعدادية الأمل بمديرية فاس تجربة ميدانية ، للحد من ظاهرة العنف المدرسي والمجهودات المبذولة. وقال محمد اربيعي بعدما أن كانت المؤسسة تحظى بسمعة مهمشة و تتخبط في مشاكل لا تعد ولا تحصى، أصبحت اليوم مثالا يحتذى ، وذلك عندما تم التواصل مع التلاميذ والأمن، بإحداث إذاعة مدرسية والتحدث بشكل يومي مع آباء وأولياء التلاميذ والقيام بدورات تكوينية بتأطير من كفاءات عالية لترسيخ القيم الإنسانية ، ويتم تشخيص الموسم الدراسي بإيجابياته وسلبياته . هذا كله بفضل التدبير التشاركي وانفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي وجعل المشاريع التربوية في خدمة التلميذ والاهتمام بالجانب الاجتماعي و الاقتصادي.
إلى ذلك ، خلص المشاركون في اليوم الدراسي إلى جملة من التوصيات أهمها :
إعادة النظر في دور المجالس التربوية في مناهضة العنف. تنقيح الكتب المدرسية وحذف كل الصور المحرضة على العنف. تفعيل دور خلايا الاستماع. تفعيل دور مجالس التدبير مع التأكيد على أهمية العمل البيداغوجي في محاربة العنف. اعتماد الأحواض المدرسية كقاعدة لإرساء المراكز الجهوية لمناهضة العنف. تخصيص فضاءات خاصة للتلاميذ للتبليغ عن حالات العنف. تعميم البرنام الخاص بعملية الرصد الآني والمعالجة التلقائية لحالات العنف. ضرورة إصلاح العيوب الأمنية داخل المؤسسات التعليمية.