قال هنري فيدي، الاستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بباريس، امس الأربعاء بالرباط، إن الإحصائيات التي تقدمها بعض التقارير الدولية بخصوص المغرب “غير عادلة” و”لا تضعه في المكانة التي يستحقها”.
وأوضح ا فيدي، خلال ورشة دولية حول “السياسات العمومية لمحاربة الفقر والإقصاء” تنظمها وزارة الداخلية على مدى يومين بتعاون مع البنك الدولي، أن “الوقائع تفوق الإحصائيات وتتدارك بعض جوانبها”، مشيرا إلى أنه لا ينبغي التوقف عند هذه الإحصائيات، بل يتعين الوثوق بمستقبل المغرب.
وأبرز أن المغرب “يعتبر نموذجا” في مجال التنمية البشرية “لأنه قلما يخصص بلد صاعد للتنمية البشرية ما تخصصه أوروبا لهذا الهدف”، مستحضرا، في هذا الصدد، المشاريع التنموية المهمة التي أطلقتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وعدد المستفيدين منها.
وأضاف أن المغرب أدرج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في البرامج القطاعية، خاصة تلك الرامية إلى حماية صغار المهنيين، من قبيل مخطط أليوتيس ومخطط المغرب الأخضر، وكذا برامج القطاع الصناعي التي تتوخى، إلى جانب التنمية الصناعية، تحقيق التنمية الاجتماعية وتحسين ظروف عيش السكان، مع إدراج البعد الصحي والثقافي ضمن محاورها.
ومن جانبه، أكد ممثل البنك الدولي، مايك حمد، أن هذه المؤسسة تدعم هذه المبادرة الهامة للتنمية البشرية منذ إطلاقها سنة 2005، سواء من الناحية التقنية أو المالية كما تساهم في دعمها في مجال تعبئة التمويلات لدى هيئات التعاون الدولي.
وأوضح أن البنك الدولي وضع رهن إشارة المغرب خبرته العالمية في مجال التنمية الجماعية وأيضا في ما يخص إرساء آليات تشاركية تتضمن المسؤولية الاجتماعية والإدماج الاقتصادي للفقراء والمجموعات الهشة، مشيرا إلى أن البنك دعم مجموع برامج المرحلة الأولى للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2005-2010) من خلال التركيز، بالخصوص، على إدماج النساء والشباب، وشفافية المسلسل التشاركي، والنهوض بالإدماج الاقتصادي، وتعزيز قدرات الفاعلين المحليين.
وأضاف أن البنك الدولي دعم المرصد الوطني للتنمية البشرية لإدخال منهجية صارمة لتقييم آثار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مسجلا أن هذه المرحلة استفادت من قرض بقيمة 100 مليون دولار عن الفترة ما بين 2007 و2010 ، وقد تم صرفه بالكامل.
وخلال المرحلة الثانية للمبادرة، ركز البنك الدولي، حسب ممثله، دعمه على مستوى ثلاثة برامج وأربعة مجالات موضوعاتية تهم تحسين الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، وتعزيز الحكامة التشاركية المحلية، وتحسين الإدماج الاقتصادي، وتعزيز قدرات أنظمة التدبير المحاسباتي والبيئي والاجتماعي والتتبع والتقييم.
وأشار إلى أن المرحلة الثانية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية شكلت أول عملية دعم للبنك الدولي، على المستوى الشمولي، تم خلالها اللجوء إلى آلية تمويل جديدة تسمى ” قرض برنامج من أجل النتائج” تمكن، ليس فقط، من الاستناد إلى استخدام أنظمة التدبير المحاسباتي والبيئي والاجتماعي للبرنامج، ولكن تتميز أيضا بكونها تربط صرف التمويلات بالنتائج وليس فقط بالنفقات.
وتصل قيمة القرض الثاني إلى 300 مليون دولار أي ثلاثة أضعاف قيمة القرض الأول، وهو أعلى قرض يقدمه البنك الدولي للمغرب.
وأبرز أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمثل تجربة فريدة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط (مينا)، معتبرا أن مبادئها وقيمها ومقارباتها يمكن أن تشكل لا محالة نموذجا يحتذى بالنسبة لعدة بلدان بالمنطقة في جهودها لمحاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي.
وتجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي نشر خلال سنة 2015 تقريرا عن وضعية برامج شبكات الحماية الاجتماعية في العالم، احتلت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المرتبة الثالثة من بين أهم خمس مبادرات اجتماعية على المستوى العالمي.
وتهدف هذه الورشة الدولية إلى التعرف عن قرب على مختلف التجارب الدولية في مجال مكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي من أجل تقديم إجابات مشتركة عن مجموعة من الأسئلة التي سيتم تداولها انطلاقا من محاور تهم “المقاربات التشاركية وتحديد الاهداف والحكامة”، و”مشاريع البنية التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية”، و”الإدماج الاقتصادي ومقاربة النوع الاجتماعي” و “التتبع والتقييم”. وتتضمن أشغال هذه الورشة الدولية، التي تعرف مشاركة 10 دول أجنبية، ورشات موضوعاتية للمتدخلين لتقديم تجاربهم حول محاور الورشة، كما سيتم، موازاة مع هذا الحدث، تنظيم معرض للأنشطة المدرة للدخل، ما بين 18 و23 ماي بالرباط، ستعرض فيه 170 تعاونية منتجاتها المحلية.