مع تزايد حدة التوترات والخلافات بين المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الآونة الأخيرة، يشير الكثير بإصبع الاتهام إلى “كولن” باعتباره المدبر الأول لمحاولة الانقلاب، والتي حدثت بواسطة الجيش التركي مساء الجمعة.
“كولن” هو مفكر وداعية إسلامي تركي، ولد في محافظة أرضروم التركية عام 1941، ونشا في أسرة متدنية، حيث كان والده (رامز أفندي) شخصًا مشهودًا لـه بالعلم والدين، وكانت والدته سيدة معروفة بتدينها.
العمل الدعوي وتأسيسه حركة “الخدمة”
بدأ عمله الدعوي في مدينة أزمير في جامع (كستانه بازاري) في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للجامع. ثم عمل واعظاً متجولاً، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول، وله عشرات من المؤلفات في الدين الإسلامي وعلاقته بالحياة، وترجمت إلى لغات عدة.
وفي عام 1990 أسس “كولن” حركة رائدة في الحوار والتفاهم بين الأديان وبين الأفكار الأخرى متسمة بالمرونة، وهي حركة “الخدمة”، ووجدت صداها في تركيا ثم في خارجها، حيث تملتلك مئات المدارس في تركيا وخارجها، بدءا من جمهوريات آسيا الوسطى، وروسيا وحتى المغرب وكينيا وأوغندا، مرورا بالبلقان والقوقاز.
كما تملك الحركة صحفها ومجلاتها وتلفزيوناتها الخاصة، وشركات خاصة وأعمال تجارية ومؤسسات خيرية، ويمتد نشاطها إلى إقامة مراكز ثقافية خاصة بها في عدد كبير من دول العالم، وإقامة مؤتمرات سنوية في عدد من الدول الأوروبية.
الصدام الفكري مع “إردوغان”
لاقت حركة “الخدمة” انتشارًا واسعًا في تركيا، وهي تميل إلى الفكر الصوفي وتنحاز إلى دولة تركيا القومية، على عكس فكر حزب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أكد العديد من المحللين على سعيه نحو استعادة نفوذ الدولة العثمانية.
حركة “الخدمة” في مواجهة الأمن والسلطات التركية
بدأت معاناة فتح الله كولن مع السلطات التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بعد أن صدرت منه تصريحات تشير إلى سعيه نحو تغيير النظام العلماني التركي إلى آخر إسلامي، لتبدأ السلطات في ملاحقته.
وغادر المفكر الإسلامي الصوفي إلى الولايات المتحدة عام 1999، ومنذ ذلك الحين لم يعد إلى تركيا مرة أخرى، بحجة تلقيه العلاج في إحدى المستشفيات بولاية “بنسلفانيا” الأمريكية.
ويرى محللون أن “كولن” يريد تطبيق الشريعة في تركيا، لأنه يرى أن القسم الأكبر من قواعد الشريعة تتعلق بالحياة الخاصة للناس بينما القسم الأصغر منها يتعلق بإدارة الدولة وشؤونها، وفق تصوره.
ولـ “كولن” تصريحات عديدة يهاجم فيها سياسية حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، حيث قال: “إن حزب العدالة والتنمية التركي” وعد بدفع المسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون حين أتى أول مرة إلى الحكم، إلا أنه بعد الانتخابات البرلمانية سنة 2011 غير مجرى سيره نحو إقامة “دولة الرجل الواحد”، مضيفًا: “الناخبون من حركة الخدمة، دعموا الحزب الحاكم في البداية، إلا أنهم بعد ظهور هذا التغيير الملاحظ في مسيرة الحزب اتخذوا تجاهه موقفا رافضًا له”.
وقد كان لهذه التصريحات أثرها على المدارس التابعة لحركة “الخدمة” حيث اتخذت السلطات التركية بعض القرارات التي ضيقت الخناق على الأنشطة التجارية والمدارس التابعة للحركة، للتوالى حرب التصريحات بين الجبهتين.
عن الشروق