حتفل المغرب غدا باليوم الوطني للمهاجر، الذي أضحى مناسبة للوقوف على منجزات مختلف الفاعلين في النهوض بقضايا الهجرة والمهاجرين ودور هذه الفئة في المسلسل التنموي للبلاد، وكذا لتقييم السياسات المتبعة في حل مشاكل المغاربة الموزعين على مختلف ربوع المعمور.
ويسلط اليوم الوطني للمهاجر لهذه السنة الضوء على فئة الشباب والدور المحوري الذي يمكن أن تضطلع به، كفاعل اجتماعي واستراتيجي يساهم بشكل إيجابي في الدفع بالعجلة التنموية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعبئة الكفاءات في مختلف المجالات.
وفي هذا الصدد، نظمت الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، على مدار السنة وبشراكة مع الجامعات الوطنية، منتديات خاصة بالشباب المغاربة المقيمين بالخارج، بهدف تقوية أواصر صلتهم ببلدهم الأصل المغرب.
وشكلت هذه المنتديات فرصة لهؤلاء الشباب للتعرف على بلدهم وعلى غنى ثقافته ومؤهلاته الاقتصادية وأوراشه الكبرى المهيكلة، وذلك عبر سلسلة محاضرات وندوات وأنشطة ذات طابع اقتصادي وثقافي وسياسي، بحضور مسؤولين وشخصيات وازنة وخبراء مغاربة، كما كانت هذه اللقاءات فرصة لشباب الجالية للتعبير عن انشغالاتهم وتطلعاتهم.
وبهدف ضمان حماية أفضل لحقوق هذه الفئة وحكامة جيدة لملف الجالية المغربية، فإن الوزارة الوصية عملت أيضا على وضع استراتيجية وطنية جديدة تتعلق بالجالية المغربية في أفق 2030، تتوخى ضمان حقوق أفضل لمغاربة العالم وذلك عبر ثلاثة محاور تهم، تحسين الأوضاع المعيشية والاندماج بدول الاستقبال والحفاظ على الهوية المغربية.
كما قامت الوزارة بإنشاء خلية مكلفة بالاستثمار تتولى أساسا إعلام وتوجيه المستثمرين الشباب في مختلف قطاعات الاقتصاد، وأيضا دعم ومساعدة حاملي المشاريع خلال كل مراحل إنجاز المشروع، انطلاقا من مرحلة التصور حتى تحقيق استثماراتهم على أرض الواقع.
ومما لاشك فيه، فقد أصبح للمغاربة المقيمين بالخارج نصيب من الدينامية التنموية التي يشهدها المغرب، وذلك عبر توجيه قدراتهم على الادخار إلى الاستثمار المنتج، الذي لا يمثل حاليا إلا جزء يسيرا من حجم تحويلاتهم، في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، خاصة وأنهم يتوفرون على كفاءات متميزة (علماء،خبراء ومقاولون)، مما يجعلهم جديرين بوضع تجاربهم وخبراتهم في خدمة الوطن الأم.
وبهدف تطوير مقاربة تفاعلية تجاه هذه الكفاءات، تقوم الوزارة بالتشجع على بروز جيل جديد من المستثمرين المغاربة المقيمين بالخارج للمساهمة في المجهودات التي يبذلها المغرب لخلق فرص للشغل، وذلك من خلال التحفيز على إحداث المقاولات ومواكبة حاملي المشاريع وتتبع المقاولات المنشأة من خلال صندوق تطوير استثمارات المغاربة المقيمين في الخارج.
وفي هذا الصدد، يندرج برنامج “مغرب مقاولون” ضمن المبادرات العديدة المبتكرة لجلب الاستثمار والتي يشجع عليها السياق العام المتسم بالاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي اللذين أهلا المغرب لاحتلال المراتب الأولى إفريقيا، بتمكنه من استقطاب مشاريع استثمارية برساميل أجنبية فاقت أربعة ملايير دولار في السنة الماضية.
كما يتزامن الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر، الذي يخلد في 10 غشت من كل سنة، مع عملية العبور، التي عرفت توافدا كبيرا للمهاجرين المغاربة، إذ بلغ عدد أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج الذين توافدوا عبر مختلف نقط العبور بالشمال الشرقي للمملكة منذ انطلاق عملية (مرحبا 2016) وإلى غاية 31 غشت الجاري، ما مجموعه 396 ألف و328 شخصا. وفي هذا الإطار تعمل مؤسسة محمد الخامس للتضامن، من خلال مجموعة من التدابير، على تحسين ظروف الاستقبال على جميع المستويات، لاسيما المواكبة الاجتماعية وتقديم المساعدة الإدارية والطبية للمسافرين.
وإذا كان المغرب يولي اهتماما خاصا للجالية المقيمة بالخارج، فإنه يهتم أيضا، بالمهاجرين الأجانب، لا سيما في ظل التحولات التي شهدها على مدى العقدين الأخيرين، حيث تحول المغرب نتيجة للتدفقات البشرية الهامة التي استقبلها إلى دولة عبور وأرضا للاستقبال والإقامة.
وحرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس كل الحرص على أن تشمل الإصلاحات مجال الهجرة، من خلال تبني سياسة جديدة للهجرة، وفق مقاربة إنسانية شمولية جعلت من المغرب رائدا عالميا في مجال تفعيل سياسة التعاون جنوب -جنوب.
وتقوم مرتكزات السياسة الجديدة للهجرة على أربعة محاور رئيسية، تهم تسوية الوضعية القانونية لطالبي اللجوء والمهاجرين الذين يستجيبون لشروط معينة، و تأهيل الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء، وبلورة وتنفيذ استراتيجية لإدماج المهاجرين واللاجئين تجعل من المهاجر عنصرا لإغناء المجتمع وعاملا لتحريك التنمية، ثم التصدي لشبكات الاتجار في البشر.