يستضيف المغرب من 7 إلى 9 شتنبر الجاري مؤتمر جنوب-جنوب حول موضوع “تنمية الطفولة المبكرة”. يشارك فيه ممثلون عن بلدان من إفريقيا الغربية والوسطى والشمالية والشرق الأوسط، وكذا خبراء دوليون، ومن المنتظر أن يُختتم المؤتمر بتبني “إعلان الرباط” الذي سيشكل التزاما جماعيا بخصوص هذا الموضوع.
ويهدف هذا المؤتمر، الذي تنظمه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بشراكة مع منظمة “اليونسيف” لرعاية الطفولة، إلى إحداث قفزة نوعية في مجال سياسات التنمية لفائدة البلدان المشاركة، فقد أظهرت التطورات المحققة في علم الأعصاب، وكذا آخرُ الدراسات الاقتصادية أن نتائج أي عجزٍ على مستوى الطفولة المبكرة لا تمسّ الحياة الفردية للأطفال والأسر والمجتمعات فحسب، بل تخلق فجوة بين الأجيال تطبعها التفاوتات وتؤثر في تنمية الأمم كَكُل. وفي الوقت الحالي، يواجه ملايين الأطفال عبر العالم خطر عدم القدرة على الوصول إلى ذروة إمكاناتهم، فمن بين كل خمسة أطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات (159 مليونا) يعاني طفل واحد من تأخر في النّمو بسبب سوء التغذية، وترتفع هذه الأرقام بحِدّة في بعض أنحاء إفريقيا وجنوب آسيا، كما أن حوالي نصف الأطفال المتراوحة أعمارهم بين ثلاث وست سنوات لا يلجون التعليم الأولي، وترتفع نسبة هؤلاء في إفريقيا جنوب الصحراء لتصل إلى 80%.
وبناء على ذلك، يتعين أن تضع التنمية المستدامة الأطفال في صلب اهتماماتها، فقد أظهرت التجربة أن الاستثمار في السنوات الأولى يكون أكثر فعالية في كسر دورات الفقر ودعم تنميةٍ أكثر إنصافا وتعزيز النمو الاقتصادي. وتشير المعطيات إلى أن أي دولار إضافي يتم استثماره في برامج ذات جودة عالية لتنمية الطفولة المبكرة يُدِرُّ ما بين 6 و17 دولارا. هذا وأظهرت أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 أن تحديات تنمية الطفولة المبكرة ترتبط ثلاثة منها بهذه الأخيرة بشكل مباشر، فيما تعالج عشرة أهداف أخرى تنمية الطفولة المبكرة بشكل غير مباشر.
ويذكر أن تنظيم هذا المؤتمر يتماشى مع أهداف الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب 2015-2030 “من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء” التي تدعو إلى تكثيف الجهود من أجل رعاية الطفولة المبكرة خاصة من خلال تعزيز التعليم الأولي وتعميمه تدريجيا.
وفي هذا الاتجاه، باشرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، بشراكة مع اليونيسيف، عملية لتشخيص وتقييم الوضعية الراهنة للتعليم الأولي، ووضع مرجعٍ معياري له وتصميمٍ للقطاع يقوم على توفير الموارد المالية اللازمة للارتقاء به،وسيتم خلال هذا المؤتمر تقاسم كل هذه الإنجازات مع البلدان المشاركة.
لقد تبنى الجتمع الدولي بصفة نهائية تنمية الطفولة المبكرة كميدان أولي للاستثمار من أجل تحسين نتائج الأطفال والدفع بالتنمية البشرية نحو الأمام. ويُعتبر مؤتمر جنوب-جنوب الذي سيُعقد في المغرب تجسيدا لهذا التوجّه الجديد من طرف البلدان المشاركة فيه. وسيُشكل تبنّي” إعلان الرباط” في نهاية المؤتمر التزاما من طرف هذه الدول بالقيام في بلدانها بإجراءات شاملة من أجل تنمية الطفولة المبكرة وتعزيز التعاون فيما بينها بهذا الخصوص.