في البداية، ﻛﻨﺎ من أشد ﺍﻟﻤﻌﺠﺒﻴﻦ بفوز حزب العدالة و التنمية و تعيين السيد عبد الإله بنكيران رئيسا لحكومة كل المغاربة بمختلف ألوانهم، ﻭ ﺗﺰﺍﻭﺟﻬﺎ ﺑﻴﻦ الإسلام ﻭ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ.
لكن سرعان ما تراجع هذا الإعجاب، إن لم يكن قد تبخر، ﺑﻌﺪ إقدام السيد بنكيران ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻐﺮﻭﺭ ﻭ ﺍﻟﻐﻄﺮﺳﺔ، ﻭ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ عديدة، و خصوصا فشل حكومته ﻓﻲ محاربة الفساد، الشعار البارز الذي رفعه أنصاره في الحملات الإنتخابية، و الذي جلب للعدالة صوت غالبية المغاربة.
إن مسيرة المئاة من المغاربة ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻈﺎﻫﺮﻭﺍ بمدينة الدار البيضاء ﺿﺪ سياسة حكومة ساهمت بكثير في إفقار الفقير و إغناء الغني و تسترت على المفسدين إلى درجة “عفا الله عما سلف”، و التي كانت ربما مخططة لخدمة مصالح العدالة و التنمية، و الكل ممكن، لكسب تعاطف المغاربة الذين بالمناسبة، ﻟﻦ يكونوا ﻣﻄﻠﻘﺎ مع أي حزب ﺩﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻱ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﻳﻄﺒﻊ ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ناهبي خيرات البلاد و هدر المال العام، بل ﻣﻊ إيمانهم ﺑﺄﻥ السابع من أكتوبر هو الفاصل و أن الملكية هي المغرب و المغاربة.
إن الصندوق ﺍﻟﺬﻱ أتى ﺑﺤﺰﺏ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، ﻭ أمينه العام إلى ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ سيأتي بالبديل و ليس بالتعاطف أو بدموع التماسيح أو بمصطلح “التحكم”.
إن نجاح أو ﻓﺸﻞ مسيرة الدار البيضاء، كيفما كان أصلها، مدبرة أو مخطط لها أو عفوية، ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ، اللهم إلا إذا ﺗﺤﻠﻰ السيد بنكيران ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭ إجراء ﻣﺮﺍﺟﻌﺎﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ تسابق الزمن، ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻪ ﻭ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ، إلا أن ﻣﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ، ﻻ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺬﻟﻚ، خصوصا و نحن على أبواب كلمة السابع من أكتوبر الحاسمة.
عشور دويسي