خمس سنوات مضت على انتخابات تشريعية كرست اكتساح حزب العدالة والتنمية لنصف المقاعد المخصصة لمدينة فاس في البرلمان (أربعة من أصل ثمانية)، متبوعا بحزبي الاستقلال (مقعدان) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مقعدان)، لتكون هذه القوى الثلاث مستمرة في التباري في تشريعيات 2016 كمعطى ثابت.
إلا أن المتحول في استحقاقات 7 أكتوبر المقبل هو دخول حزب الأصالة والمعاصرة ، كقوة جديدة ، حلبة الصراع على مستوى عمالة فاس بعد أن كان دخل في تشريعيات 25 نونبر 2011 غمار المنافسات، ولم يحقق نتائج تساير تطلعاته.
ففي انتخابات نونبر 2011، وعلى مستوى دائرة فاس الشمالية، احتلت لائحة العدالة والتنمية الصف الأول وانتزعت مقعدين وذلك بحصولها على 25 ألف و136 صوتا في شخص وكيل لائحة “المصباح” عمر فاسي فهري ووصيفه حسن بومشيطة، اللذين ظفرا بالمقعدين البرلمانيين الأولين، متقدمة على لائحة حزب الاستقلال بحصولها على 15 ألف و703 صوتا لتحتل الصف الثاني وتفوز بمقعد واحد ناله عمدة مدينة فاس السابق حميد شباط، فيما آل الصف الثالث للائحة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بحصولها على 15 ألف و426 صوتا، ضمن لها المقعد الرابع في شخص محمد عامر الوزير سابقا.
أما حزب الأصالة والمعاصرة فلم يحصل سوى على 2496 صوتا في شخص مرشحه محمد لقماني وراء الحميد المرنيسي من حزب الاتحاد الدستوري (3378 صوتا) ومتقدما على أحزاب أخرى كالحركة الشعبية (التهامي عكبي ب2321 صوتا) والتجمع الوطني للأحرار (محمد عريشي ب1218 صوتا).
وتكرر الأمر ذاته في دائرة فاس الجنوبية التي انتزعت فيها لائحة حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى بحصولها على 29 ألف و666 صوتا لتفوز بمقعدين من خلال وكيل اللائحة عبد الله العبدلاوي ووصيفه سعيد بنحميدة، أمام كل من لائحة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التي حلت ثانية (13 ألف و477 صوتا) وحصل وكيلها الوزير سابقا أحمد رضى الشامي على المقعد الثالث، ولائحة حزب الاستقلال (10 آلاف و58 صوتا) مكنتها من الحصول على الرتبة الثالثة وتمكين وكيلها جواد حمدون من المقعد البرلماني الرابع عن هذه الدائرة التي حصل فيها مرشح حزب الأصالة والمعاصرة رشيد الفايق على 7698 صوتا، ومرشح حزب التقدم والاشتراكية عبد السلام البقالي على 4326 صوتا، متقدمين على كل من الحسن شهبي عن التجمع الوطني للأحرار (4303 صوتا) وتورية العمراني بالحركة الشعبية (1274 صوتا).
وفي انتخابات 7 أكتوبر 2016، يقدم حزب الأصالة والمعاصرة نفسه كأكبر منافس للأحزاب الفائزة في انتخابات نونبر 2011، وفي طليعتها حزب العدالة والتنمية، وكتشكيل سياسي يراهن على تحويل أكبر المقاعد البرلمانية المخصصة لفاس لصالحه بفعل شعاره “التغيير الآن” الذي أطلقه على برنامجه الانتخابي.
وستتصارع لائحتا الأصالة والمعاصرة إلى جانب 35 لائحة (18 لائحة في دائرة فاس الشمالية و19 لائحة في دائرة فاس الجنوبية)، حيث اختار عزيز اللبار ومحمد سلاواني وكيلي لائحتيه في الدائرتين.
وستنافس لائحتا حزب “الجرار” لوائح الأحزاب التي تشكل موازين القوى على الساحة أبرزها العدالة والتنمية بوكيلي لائحته (عمر فاسي فهري وإدريس الأزمي الإدريسي) وحزب الاستقلال (حميد شباط وعلال العمراوي) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (عبد الاله الفاسي الفهري ومحمد ياسر جوهر) والحركة الشعبية (عبد الله عميمي والتهامي عكبي) والتقدم والاشتراكية (عبد الله الهادف وعز الدين العمارتي) والتجمع الوطني للأحرار (رشيد الفايق والحسن التازي شلال).
ويدخل حزب الأصالة والمعاصرة هذه الانتخابات بأربعة أسماء نسوية في الدائرتين من بين 26 امرأة تضمنتها ال37 لائحة المتنافسة، ويتعلق الأمر بكل من مريم أقريمة وهند أدنيدان وبشرى بناني وسهيلة بنعامر.
ويرى الجامعي أحمد مفيد أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بفاس أن حزب الأصالة والمعاصرة سيحاول أن يثبت تواجده انتخابيا بهذه المدينة، حيث أنه لم يسبق له الفوز عنها بأي مقعد في انتخابات 2011، أضف إلى أن نسبة الأصوات والمقاعد التي حصل عليها في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 كانت جد ضعيفة، وهو ما يفسر رغبته في تدارك ما ضاع منه خلال الاستحقاق المقبل الذي سيكون فيه التنافس حادا بالعاصمة العلمية “خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار نوعية المرشحين وطبيعة الرهانات”.
وتابع الاستاذ مفيد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن طبيعة هذه الرهانات تتمثل في حزب العدالة والتنمية الذي سيحاول المحافظة على التفوق الانتخابي الذي حققه في تشريعيات 2011 والانتخابات الجهوية والجماعية لسنة 2015، وكذا حزب الاستقلال التواق لاسترجاع ثقة الناخبات والناخبين بمدينة فاس، مستبعدا في الوقت ذاته أن يكون حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خصما عنيدا لكونه لا زال يعاني من مجموعة من المشاكل التنظيمية، وهو ما سيؤثر سلبا على حصيلته الانتخابية ، علما أنه لم يفز بأي مقعد في المقاطعات الست لمدينة فاس في الانتخابات الجماعية لسنة 2015.
وذهب إلى أن هذه العوامل وما زاد عليها من طبيعة عمل التنظيمات السياسية بمدينة فاس، تدفع إلى القول بأن حزب العدالة والتنمية بإمكانه “حسابيا” أن يحافظ على تفوقه في انتخابات أكتوبر.
وحدها صناديق الاقتراع ستحدد ما إذا كان حزب الأصالة والمعاصرة سيحقق الوعد الذي قطعه على نفسه باكتساح الدائرتين فاس الشمالية وفاس الجنوبية واستثمار الحملات الانتخابية التي برمجها بهذه المدينة على غرار التجمع الخطابي الحاشد الذي عقده عشية أمس الأول بقاعة (11 يناير) لتحقيق النصر، أم أن الأحزاب الوازنة الأخرى ، في مقدمتها حزب العدالة والتنمية ، ستكون لها كلمة أخرى وستحافظ على موقعها الريادي على صعيد مدينة فاس.
وتضم الدائرة التشريعية فاس الشمالية ثلاث مقاطعات جماعية وهي المرينيين وزواغة وفاس المدينة إضافة إلى بلدية مشور فاس الجديد، فيما تشمل الدائرة التشريعية فاس الجنوبية ثلاث مقاطعات جماعية (أكدال وسايس وجنان الورد) فضلا عن ثلاث جماعات قروية تتمثل في اولاد الطيب وسيدي حرازم وعين البيضاء.
و.م.ع