جامعة سيدي محمد بن عبد الله تتألق في الترتيبات الدولية للجامعات سنة 2016

الترتيب العالمي للجامعات هو وسيلة أساسية من وسائل تقويم التعليم العالي، ولاسيما في مجال البحث العلمي. وقد بدأ الاهتمام به يتزايد انطلاقا من سنة 2003؛ تاريخ صدور أول تصنيف عالمي شامل. وإذا كانت المعطيات الموضوعية تحسم الرهان سلفا لصالح الدول الغنية، نظرا لارتباط البحث العلمي بالاقتصاد، فإن مجموعة منالجامعات في الدول النامية أصبحت تضع خططا وتبني استراتيجيات من أجل اللحاق بركب الجامعات المصنفة عالميا. وفي هذا السياق تمكنت جامعة سيدي محمد بن عبد الله لأول مرة من دخول تصنيف موقع Times Higher Education World University Rankings (THE)، بعد غيابها التام فيما مضى،بحيث تموقعت اليوم ضمن صنف 801 عالميا، رفقة جامعتي القاضي عياض ومحمد الخامس.

وحسب الصحيفة الكندية The Globe and Mail” يعتبر موقع (THE)من أفضل المواقع المتخصصة في تصنيف الجامعات على المستوى العالمي. نظرا لاعتماده على 13 مؤشرا للجودة تشمل كل مجالات تدخُّل الجامعة،بحيث تضع بين أيدي الطلبة والباحثين والمسؤولين الجامعيين والهيئات الحكوميةأدوات للمقارنة والحكم على أداء الجامعات.

ولتأكيد أهمية هذا التصنيف يكفي أن نشير أن موقع (THE) يقصي الجامعات التي أنتجت أقل من 1000 مقال مصنف خلال الأربع سنوات الأخيرة، أو التي تنتج أقل من 150 مقالا مصنفا سنويا. كما يقصي الجامعات التي لا تهتم بالتكوين. أو التي تركز أكثر من 80 % من أنشطتها في مجال واحد من المجالات التي يشملها التصنيف.

ويتضح جليا من خلال الشروط التي يعتمدها هذا الموقع أن النتيجة التي حققتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله لم تأت من فراغ، ولم تكن وليدة الصدفة. بل كانت ثمرة استراتيجيات بدأت تؤت أكلها، ونتيجة تضافر جهود الأساتذة الباحثين والطاقم المسير على مستوى رئاسة الجامعة، وعلى مستوى المؤسسات.

ولتعزيز ما تقدم نستحضر أيضا تصنيفات أخرى لا تقل أهمية، وتتميز بكونها تبنى عملها أساسا على الحضور العلمي للجامعات على شبكة الإنترنت. ويعتبر موقع Webometrics الأول عالميا ضمن هذا الصنف. وقد جاءت نتائجه التي نشرها في يوليوز2016، لتؤكد الرتبة المشرفة التي أصبحت تحتلها جامعة سيدي محمد بن عبد الله على المستوى القاري، حيث احتلتالرتبة 80 ضمن قائمة تشمل 1488مؤسسة جامعية إفريقية.

أما على المستوى الوطني فقد صنف موقع Infoetell جامعة سيدي محمد بن عبد الله في الرتبة الثالثة من بين الجامعات المغربية.

ويمكن القول بأن هذه النتائج -لا سيما في بعدها العالمي- مهمة جدا، ولا يمكن أن ندرك قيمتها الحقيقية إلا إذا استحضرنا الإكراهات المحيطة بهاوالظروف التي تحققت في ظلها.  وأول هذه الإكراهات هو الجانب المادي الذي يمكِّن الدول الغنية من الإنفاق على البحث العلمي إنجازا ونشرا واستقطابا للكفاءات العالمية التي تترك أوطانها وجامعاتها الأصلية للعمل لصالح جامعات الدول الغنية. ويكفي أن نشير إلى أن ميزانيات بعض الجامعات الأمريكية تفوق ميزانية بعض الدول.

والإكراه الثاني هو كون اللجان المشرفة على التصنيفات العالمية للجامعات تعتمد أساسا البحوث المنشورة باللغة الإنجليزية. بل حتى على مستوى الويبومتري -أي الحضور الافتراضي للجامعات- يلاحظ بأن المقالات المنشورة بالفرنسية أو العربية لا يستشهد بها كثيرا. وهذا يؤثر على تداولها في الشبكة، ويحول دون احتسابها لصالح الجامعات التي أنتجتها. لهذا إذا استبعدنا الجانب اللغوي فإن المغرب قد احتل الرتبة الثالثة إفريقيا من حيث عدد الجامعات المصنفة (3 جامعات مغربية) بعد كل من جنوب إفريقيا ومصر (8 جامعات). لكن إذا استحضرنا البعد اللغوي فإن المغرب هو الأول إفريقيا بالنسبة للكتلة الفرنكفونية.

وهناك عنصر ثالث وأخير، وهو أن أغلب جامعات الدول النامية عموما هي جامعات رأت النور في أحسن الأحوال مباشرة بعد استقلال هذه الدول. ولذلك فعمرها في أبعد تقدير لا يتجاوز سبعين سنة. في حين أن أغلب الجامعات المحتلة للمراتب الأولى عالميا يربو عمرها على قرن من الزمن.

لهذا السبب يعتبر دخول التصنيف في حد ذاته إنجازا مهما بالنظر إلى أن عدد الجامعات المصنفة عالميا حسب موقع (THE) لا يتجاوز الألف، توجد ضمنها جامعة سيدي محمد بن عبد الله. في وقت بلغ فيه العدد الإجمالي للجامعات في العالم سنة 2016 حسب موقع Webometrics 26355 جامعة.

في ضوء ما تقدم يمكن اعتبار ما حققته جامعة سيدي محمد بن عبد الله على مستوى التصنيف العالمي والقاري إنجازا مهما وهو بالتأكيد ثمرة مثابرة وعناء، وجهود جماعية بُذلت بسخاء من لدن المسؤولين والأساتذة والأطر والشركاء. كما أنها نتاج رؤية استراتيجية مستمدة من “مشروع تطوير الجامعة في أفق 2017″،ومتسلحة ببعد النظر، والتنظيم الهيكلي للبنيات والأقطاب، والحكامة القائمة على التنسيق والاستشارة الجماعية والانخراط الفعال، والتواصل المكثف، والتنفيذ المحكم. ويتضح بالملموس أن جامعة سيدي محمد بن عبد الله تتوفر على طاقات علمية هائلة ومنخرطة بشكل تزادي، لتحسين مكانة الجامعة وطنيا و دولي