تتطلب مكافحة الاضطرابات المناخية، أكثر من أي وقت مضى، تحسيس المجتمع الدولي بالتحولات الجذرية التي تشهدها المنظومة الإيكولوجية العالمية، بما يجعل “قمة فاس للضمائر” رهانا من أجل مكافحة الاختلالات المناخية بالتزام جماعي.
ورأت “قمة الضمائر” النور كموعد يجمع زعامات روحية ودينية وأخلاقية ومرجعيات فكرية وفلسفية وشخصيات مناضلة ورسميين وممثلين عن المنظمات الملتزمة، بهدف تعبئة كل القوى المادية والفكرية والروحية والأخلاقية وتعزيز الالتزام المتضافر لجميع المؤهلات والمهارات الإرادية أو التي تقوم بها الدولة من أجل مكافحة التغيرات المناخية، وذلك في إطار مشترك لتحقيق الاستدامة.
وبعد القمة الأولى للضمائر من أجل المناخ المنعقدة في باريس يوم 21 يوليوز 2015 تحت إشراف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي، ينظم المجلس المماثل للمملكة المغربية بتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء قمة الضمائر من أجل المستقبل بفاس.
وبأخذه مشعل قمة الضمائر، يكون المغرب قد تولى مهمة التفكير في إيجاد مخارج منهجية تتناغم مع البيئة، وتلتقي فيها، على وجه الخصوص، المساهمات الروحية والمبادرات ذات المسؤولية البيئية.
وعليه، فإن التفكير الجوهري المنصب على التحولات السلوكية بات يفرض نفسه كنموذج أخلاقي جديد، يرتبط بالوسط الطبيعي وبموارده، بما يفرض حث المنظومة التعليمية المساهمة في الحد من المخاطر البيئية.
إلا أن هذا المطلب لا يمكن تحقيقه بدون إدراج الجانب الثقافي والديني في معادلة القيم التي تشجع على تغيير السلوك والعادات. ولتحقيق هذه التحولات الإيجابية وإعطاء معنى لمختلف مستويات التدخل، بات من الضروري تجميع مختلف الإمكانيات البشرية، مما دفع بقمة الضمائر من أجل المستقبل بفاس باستضافة نخبة هامة من شخصيات ذات القيمة الدلالية والرمزية العالية.
والمغرب كان على مر العصور بمثابة فضاء متكامل لتلاقي وتلاقح الثقافات الإفريقية المتوسطية والعربية والإسلامية، كما يعتبر فضاء لتراكم الموروثات الإثنية والحضارية، وتراثا يحترم هبات الطبيعة البحرية والغابوية والصحراوية والجبلية، فضلا عن كونه ملتقى لتقاليد عريقة من الحكمة والتصوف والتي شكلت الهوية الدينية للمغاربة حتى في زمن ما بعد الحداثة، والعيش المشترك الذي يحترم التنوع البشري.
وفي هذا الاتجاه، وانطلاقا من هذه الموروثات الروحية ومن مكتسبات الحاضر، تنخرط قمة الضمائر من أجل المستقبل بمدينة فاس في صلب روح (كوب 22) من أجل الفعل، وذلك من خلال تنوع الأصوات القادمة من جهات متعددة وذات الإمكانيات الغنية والمتكاملة، ليكون عقد هذه قمة فاس من أجل الوقوف عند واحد من متطلبات اللحظة.
ويتجلى الهدف المركزي من هذه القمة في توحيد الأصوات وتجميع التزامات السلطات الأخلاقية والدينية، في إطار روح الذكاء الجماعي والطاقة البشرية القوية، من أجل رفع التحديات المناخية في إطار الأمان واستمرارية الفعل الخلاق .