يحتفل الشعب المغربي، اليوم الأربعاء، بالذكرى ال61 لعودة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى، والتي شكلت منعطفا حاسما في تاريخ المغرب، وانتصارا لإرادة العرش والشعب من أجل وضع حد لعهد الحجر والحماية واستعادة البلاد لحريتها واستقلالها.
ويجسد هذا الحدث انتصار الحق على الباطل، كما يعكس إرادة شعب ينشد السلم وينبذ الهيمنة، إرادة تبلورت حول قيم الحرية والعدالة التي شكلت العروة الوثقى بين العرش والشعب، اللذين انخرطا معا، منذ ذلك الحين، في ورش بناء المغرب الحديث والديمقراطي والقوي اقتصاديا، بعد استكمال وحدته الترابية.
ويذكر التاريخ أنه أمام هذا التلاحم النموذجي بين السلطان محمد بن يوسف وشعبه الوفي، والذي كانت أروع صوره مساندة جلالته للمطالبة بالاستقلال وتعاونه مع الحركة الوطنية، وخطابه التاريخي بطنجة، تحركت قوات الاحتلال ضد السلطان ونفته مع العائلة الملكية إلى كورسيكا سنة 1953، ومنها إلى مدغشقر سنة 1954.
ولم تزد هذه الفعلة الشنيعة التي أقدمت عليها قوات الاحتلال، المغاربة إلا حماسا ووطنية، لتنطلق بذلك شرارة ثورة الملك والشعب في الـ 20 من عشت 1953، والتي ستعجل بإنهاء الاستعمار الفرنسي للمملكة.
ذلك أنه وبفضل انتفاضة الشعب المغربي في المدن كما في البوادي، وأمام هول وشراسة المقاومة، لم يجد الفرنسيون بدا من الرضوخ لفكرة إعادة السلطان الشرعي سيدي محمد بن يوسف إلى بلده والعدول عن فكرة إبعاده عن العرش، حيث عاد بطل التحرير عودة مظفرة إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955 ليعلن بذلك بداية أفول الاستعمار وبزوغ شمس الاستقلال.
ففي 16 نونبر 1955 حطت الطائرة التي كانت تقل المغفور له محمد الخامس ورفيق دربه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني، الذي كان حينها وليا للعهد، إلى جانب الأسرة الملكية، بمطار الرباط سلا حيث خصت حشود غفيرة أب الأمة باستقبال حماسي منقطع النظير.
وقد تواصلت الاحتفالات بهذا الحدث السعيد على مدى ثلاثة أيام بمختلف جهات المملكة، تؤرخ لمرحلة جديدة من تاريخ الأمة وتجسد التلاحم التام بين العرش والشعب من أجل نيل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.
وقد أكد جلالة المغفور له محمد الخامس في خطاب للأمة بأن جهادا من نوع آخر سينطلق “لقد انتقلنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”، شاكرا العلي القدير الذي “من علينا باللقاء مجددا، ووضع حدا لمعاناتنا”.
إنه فصل هام في تاريخ المقاومة الوطنية رام الدفاع عن القيم المقدسة للمملكة وضمان استدامة مجد البلاد.
وفي ال18 من نونبر، أعلن جلالة المغفور له محمد الخامس، وبجانبه رفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني انتهاء ربقة الاحتلال وبزوغ عهد الحرية والاستقلال.
وواصل جلالة المغفور له الحسن الثاني، الذي خلف محرر الأمة، مسار بناء البلاد واستكمال الوحدة الترابية للمملكة، باستعادة الأقاليم الجنوبية بفضل المسيرة الخضراء المظفرة.
ويتواصل اليوم، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ورش تحديث المغرب، وفي مقدمته الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، ودمقرطة البلاد، وتحقيق تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية تضمن لكل مواطن العيش الكريم، وترقى بالمملكة إلى مصاف البلدان التي تجعل العنصر البشري محور سياستها الاقتصادية والاجتماعية.