أشرف الملك محمد السادس، اليوم الاثنين بمراكش، على إعطاء انطلاقة مشاريع هامة تروم الحفاظ على الموروث التاريخي للمدينة القديمة لمراكش وتعزيز إشعاعها السياحي وصيتها الدولي.
وتعكس هذه المشاريع التي تنسجم، تمام الانسجام، مع أهداف المخطط التنموي “مراكش، الحاضرة المتجددة”، الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك لصيانة وتثمين الموروث التاريخي لعدد من مدن المملكة، وعزم جلالته الوطيد على حماية مختلف معالم الذاكرة الوطنية.
كما تؤكد حرص أمير المؤمنين على النهوض بالرأسمال اللامادي، والروحي والثقافي والمعماري لمدينة مراكش، وتعزيز مكانة هذه الحاضرة المتحفية باعتبارها وجهة سياحية لا محيد عنها بالمغرب، والارتقاء بظروف عيش ساكنتها. وهكذا، يهم برنامج ترميم وتأهيل المدارات السياحية والروحية للمدينة القديمة لمراكش، ترميم وتأهيل المدار السياحي الذي ينطلق من “دار الباشا” إلى ساحة “بن يوسف”، لاسيما من خلال تجديد وتجميل واجهات البنايات التي يعبرها هذا المدار.
كما يهم ترميم هذا المدار (1500 متر)، والذي رصد له غلاف مالي قدره 100 مليون درهم، إنجاز الأسقف الخشبية للأسواق، ومعالجة وترميم تسعة فنادق عتيقة (التدلاوي، العمري، الميزان، خربوش، السرسار 1 و2، الباشا، الحاج الطاهر، بوخابية)، ومسجدين (سيدي عبد العزيز، المختريين)، وضريح “سيدي عبد العزيز”.
وفضلا عن ذلك يهم برنامج ترميم وتأهيل المدارات السياحية والروحية للمدينة القديمة لمراكش، المدار الروحي للأولياء السبعة (سيدي يوسف بن علي، القاضي عياض بن موسى، سيدي عبد العزيز التباع، عبد الرحمان بن عبد الله السهيلي، أبو العباس السبتي، سيدي بن سليمان الجزولي، وعبد الله الغزواني).
وقد رصدت لتأهيل هذا المقطع استثمارات بقيمة 100 مليون درهم، حيث يشمل تأهيل 10 ساحات عمومية، وتجديد ست نافورات، وترميم 60 بابا، وستة أضرحة (سيدي بن سليمان الجزولي، سيدي يوسف بن علي، القاضي عياض بن موسى، سيدي عبد العزيز التباع، عبد الرحمان بن عبد الله السهيلي، وعبد الله الغزواني)، وتجديد الواجهات المطلة على المدار.
وإلى جانب برنامج ترميم وتأهيل المدارات السياحية والروحية، ستعرف المدينة القديمة لمراكش إنجاز مجموعة من المشاريع الرامية إلى تحسين ظروف ولوج الساكنة للخدمات الأساسية، والحفاظ على الموروث التاريخي للمدينة القديمة لمراكش. وهكذا، سيتم ترميم المدرسة العتيقة “بن يوسف”، إحدى الأيقونات المعمارية المشيدة بقلب المدينة القديمة، على مقربة من مسجد “بن يوسف”.
ويعكس هذا المشروع الذي ستشرف على إنجازه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بغلاف مالي قدره 61 مليون درهم، حرص أمير المؤمنين على صيانة الإرث الروحي والحضاري للمدن المغربية العتيقة.
ويؤكد، على غرار مشاريع ترميم المدارس العتقية التاريخية للمدينة القديمة لفاس، العزم الراسخ لأمير المؤمنين على إعادة الدور المحوري للمدارس العتيقة في نشر قيم الإسلام الوسطي، المعتدل، المتسامح والمنفتح على الآخر.
وتتعلق المشاريع الأخرى التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك اليوم، ببناء المركز الصحي الحضري من المستوى 1 “مرستان” بسيدي إسحاق (3 ملايين درهم، منها مليون درهم عبارة عن مساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية)، وإعادة بناء مركز للعلاجات الأولية تابع ل “الهلال الأحمر المغربي” بجامع الفناء وإعادة تهيئة مركز مماثل بحي الملاح (4,95 مليون درهم).
وبهذه المناسبة، ترأس الملك محمد السادس، مراسم التوقيع على اتفاقية تتعلق بتمويل وترميم وتأهيل المدارات السياحية والروحية للمدينة القديمة لمراكش.
وقع هذه الاتفاقية كل من السادة محمد حصاد وزير الداخلية، ومحمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية، ونبيل بن عبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، وأحمد اخشيشن رئيس مجلس جهة مراكش- آسفي، ومحمد العربي بلقايد رئيس المجلس الجماعي لمراكش، وبدر الكانوني رئيس مجلس إدارةمجموعة العمران.
وبنفس المناسبة، قام الملك بزيارة ورش تجديد وتحويل “دار الباشا” القديمة إلى “متحف الروافد”. وسيشتمل هذا المشروع الذي تشرف على إنجازه المؤسسة الوطنية للمتاحف باستثمار قدره 12 مليون درهم، على فضاء للعرض مخصص للفن الإسلامي حيث ستعرض به كتابات ولوحات وأدوات مختلفة تتعلق بالعلوم والمعارف الإسلامية.
كما سيشتمل على فضاء مخصص لمجموعة أعمال فنية عالميةتعود لباتي كادبي بيرش، والتي تمثل القارات الأربع (أمريكا، إفريقيا، أوروبا، آسيا)، وفضاء دائم للعرض يتضمن معطيات تاريخية وأركيولوجية تبرز مختلف أوجه الثقافة المغربية، وفضاء مخصص للمعارض المؤقتة.
وتأتي مختلف هذه المشاريع لتنضاف إلى الأعمال والمبادرات العديدة التي ينفذها جلالة الملك من أجل حماية والنهوض بالمدينة القديمة لمراكش، لاسيما برنامج التأهيل الحضري لحي الملاح، ومشروع تأهيل المدار السياحي لساحة “بن يوسف” في اتجاه ساحة “جامع الفنا” مرورا عبر ساحة “بن صالح”، ومشروع تأهيل الفنادق العتيقة “سلحم”، “زيات” و”سيدي عبد العزيز”.
وقد احتشدت جموع غفيرة من السكان والتجار والصناع التقليديين بالمدينة القديمة لمراكش على طول المسار الذي عبره الملك، معربين لجلالته عن أصدق مشاعر الوفاء والولاء وعن عميق عرفانهم لشخص جلالة الملك على هذه الزيارة الميمونة.