بعد أن انتهت المدة التي أسست من أجلها هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف الملك محمد السادس، عرض المرحوم إدريس بنزكري، موضوع التعامل مع مسألة المقبرة الجماعية بالدار البيضاء في اجتماع مصغر خلال اليومين المواليين لانتهاء عمل الهيأة ، حضره من أعضائها السابقين صلاح الوديع وشوقي نيوب ومصطفى إزناسني ومن مساعدي الرئاسة عبد الحق مصدق وحميد الكام، كما قال بودرقة وشوقي في مذكراتهما والتي ستصدر رسميا يوم الخميس المقبل.
استمع الرئيس إدريس بنزكري لآراء الحاضرين، حول المصير الذي انتهى إليه الموضوع في العلاقة مع وزارة الداخلية، وبعد ذلك قرر استئذان جلالة الملك محمد السادس في شأن استخراج الرفات من مقبرة الوقاية المدنية بالدار البيضاء، ويشاء طلب الاستئذان هذا أن يصادف وجود جلالة الملك في زيارة رسمية باليابان، وحيث إن التقاليد تستوجب الانتظار في مثل هذه الحالات، لكن المفاجأة كانت كبيرة، من حيث طبيعة التجاوب مع الطلب، وجاء الجواب الملكي في أقل من 24 ساعة يحمل الكلمة الشهيرة «Vois foncez» ما يفيد الإقدام ومواصلة العمل.
وبقيت هذه العبارة تتردد في الآذان لأسابيع طويلة ومازالت أصداؤها قوية كلما ذكر موضوع استخراج الرفات من مقبرة الدار البيضاء، وأُشفعت بهذه الكلمة العبارة الأشهر لجلالة الملك، بأن «الشعب المغربي يجب أن يعرف الحقيقة»، وهي العبارة التي ستقال مرة أخرى عندما استقبل جلالته، المرحوم إدريس بنزكري بمناسبة نشر التقرير الختامي لهيأة الإنصاف والمصالحة، مما جعلها من بين أولى اللجان في العالم الاي تقوم بذلك داخل أجل قصير من انتهاء أعمالها.
تلقى شوقي بنيوب يوم تايع دجنبر 2005 مكالمة هاتفية من إدريس بنزكري طالبا من الحضور باستعجال إلى مقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، عندما استفسره «هل هناك من حالة استعجال بعد كل الذي جرى قبل انتهاء الأجل الختامي»، فأكد المرحوم بنزكري «ما زال في الجعبة كثير».
التحق شوقي بمكتب الرئيس، وبمقعد مكتبه، متجلدا وفي كامل تأمله ويداه متشابكتان موصولتان بطلعته، كعادته، وبدون مقدمات، فاجأ شوقي بعد الترحيب «ابتداء من الغد، ستكون بصفتك عضوا في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مهمة خاصة لا يعرف أحد سواي طابعها، غدا سيتم حفر المقبرة الجماعية بثكنة الوقاية المدنية».
لم يتمالك شوقي بنيوب نفسه، وقف واتجه إلى وضمه وقال له «برافو الملعم ادريس، سيادة الرئيس، لقد وفيت بالوعد».