«خوي مكناس ما تعاودش تدور هنا»، «يلا وليتي لمكناس نغبرك». كلمات مستفزة انحفرت في ذاكرة محمد هشام مكزاري، ابن فاس، بعدما وجد نفسه مطالبا بمغادرة العاصمة الإسماعيلية بأمر من مسؤول أمني يبدو أنه ما زال يحن إلى سنوات مضت غير مأسوف عليها ولم يستوعب تغييرا جذريا عرفه الجهاز الأمني قبل باقي الأجهزة.
لم يرتكب هذا الحرفي، جرما يقتضي نفيه أو إبعاده في وقت ترسخت فيه حرية التنقل، عن مدينة زارها في طريقه إلى الحاجب لزيارة عائلة زوجته الثانية. كل ذنبه أن الأقدار قادته إلى مسؤول أمني يحن إلى سنوات الرصاص، حفر في نفسيته أخاديد وإحساسا ب»الحكرة» والدونية في زمن خال فيه مزيدا من تكريس الحريات وتجويد الإدارة ومن فيها.
«هددني عميد الشرطة بتلفيق تهم جاهزة تقضي على حياتي ومستقبلي، في حالة عودتي مستقبلا إلى مكناس، رغم أني مواطن مغربي ومن حقي زيارة أي مكان ما دمت لم أخالف القانون» يقول ابن ملعب الخيل بحي الأمل بفاس في شكايته إلى حموشي، المدير العام للأمن الوطني وعدة جهات أخرى بينها وزيرا الداخلية والعدل والحريات.
في ملتمسه وشكايته طلب محمد هشام البالغ من العمر 37 سنة، من حموشي إنصافه ورد الاعتبار له جراء ما تعرض له من عدوانية وإهانة وإذلال واستغلال نفوذ، إذ «بت كما لو كنت محكوما بعدم الوجود بمدينة مكناس»، بشكل ساهم في انخفاض ضغطه الدموي بشكل كاد يفقد معه حياته، متمنيا فتح تحقيق في ما تعرض إليه.
ضرر نفسي كبير لحق بهذا الشاب الأب لثلاثة أطفال، اثنان منهم من زوجته الأولى، نتيجة ما مورس عليه من شطط من قبل المسؤول الأمني الذي ذكره باسمه الشخصي ويبدو أنه «يمهد لفرض تأشيرة دخول إلى المدينة في وجه كل غير مرغوب فيه»، دون أن يرأف لحاله وللحظة ضعف كان فيها وهو محاط بعدة أمنيين وكأنه «قتل بوحمارة».
ويزيد ساردا معاناته مع العميد المذكور بمقر الأمن بالمدينة الجديدة حمرية، «وضعت وسط حشد من الأمنيين كما لو كنت خارجا عن القانون، في حين أن الأمر لا يعدو مجرد سوء تفاهم مع وسيط بمحطة سيارات الأجرة قرب محطة القطار، يبدو أن له نفوذا لا يتوقعه أحد، وأظهر لي أنه صاحب سطوة أكبر من مسؤولية تنظيم الطاكسيات».
هذا «الكورتي» الذي ذكره باسمه الشخصي ألب أمنيين ضده، بعدما أومأ لأحدهم مكلف باستتباب الأمن بالمحطة، بتنقيطه، وهو ما تم دون أن يعثر في سجله العدلي على أي سابقة ما لم يشفع له قبل تصفيده دون سبب معقول ونقله على متن سيارة أمن إلى مخفر الشرطة حيث أعيدت عملية تنقيطه بطريقة غير مفهومة.
بداية معاناته انطلقت نحو العاشرة والنصف صباح الثلاثاء 31 يناير الماضي، لما نزل وأسرته الصغيرة، من القطار المتوجه من فاس إلى طنجة، بمحطة مكناس، متوجهين إلى محطة الطاكسيات قبل وقوع خلاف مع «الكورتي» بعد استعراضه قوته وتعرضه إلى الإهانة والضرب أمام شرطي دون تدخله لحمايته.
«لم يكتف الكورتي بإهانتي وضربي، بل نادى الشرطي المكلف وأمره بتنقيطي، واستمر في إهانتي أمامه» يقول الضحية محمد هشام مكزاري، مؤكدا استنادا إلى معلومات استقاها من المحطة أن ل»الكورتي» عدة إخوان لبعضهم سوابق، ما يجعله مهابا حتى من قبل من مفروض فيهم حماية الناس من بطشه وجبروته.
حميد الأبيض (فاس)