قرر المغرب يوم الأحد الانسحاب بشكل أحادي من منطقة قندهار، التي تفصل بين الجدار الرملي المغربي والحدود الموريتانية، فيما لا تزال ميليشيات البوليساريو مرابطة في المنطقة، فما هي الأسباب التي جعلت الجيش المغربي يتراجع إلى مواقعه السابقة؟
بعد ذلك ذكر بيان لوزارة الخارجية يوم الأحد أنه بتعليمات من الملك محمد السادس وبهدف احترام وتطبيق طلب الأمين العام للأمم المتحدة بشكل فوري، قامت المملكة المغربية بانسحاب أحادي الجانب من منطقة الكركرات.
وأضاف البيان أن المغرب يأمل أن يمكن تدخل الأمين العام من العودة إلى الوضعية السابقة للمنطقة المعنية، والحفاظ على وضعها، وضمان مرونة حركة النقل البري الاعتيادية، والحفاظ على وقف إطلاق النار، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وفي تعليقه على القرار المغربي قال عبد الرحمان مكاوي الأستاذ بجامعة الحسن الثاني، والخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية في تصريح لموقع يابلادي، إن الانسحاب المغربي “عقلاني وجاء استجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس الذي يعرف المنطقة جيدا ويعرف حقيقة النزاع المغربي الجزائري”.
وتابع المكاوي أن “المغرب انسحب احتراما للقانون الدولي ولالتزاماته الدولية عند توقيعه لاتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991″، وأكد أنه:
“في الوقت الذي كانت فيه بعض الأطراف تحاول جر المغرب إلى إشعال المنطقة من خلال مناوشات ومناورات معينة تستهدف قطع المملكة عن جذورها الإفريقية اقتصاديا واجتماعيا وتاريخيا، المغرب عاد إلى قواعده السابقة في جو من اليقظة والحذر حتى لا يقع في الفخ الذي وضع له بعد رجوعه إلى الاتحاد الإفريقي”.
وأوضح الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية أن “نفس السيناريو الذي كان الرئيس الجزائري المرحوم أحمد بن بلة قد وضعه في سنة 1963 بمناسبة حرب الرمال والذي جر من خلاله المغرب إلى مواجهة عسكرية مع الجارة الشرقية، كانوا يريدون تكراره”. واسترسل قائلا:
“إن الجزائر هذه المرة ولتصدير أزماتها الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حاولت إشعال المنطقة وإدخالها في اضطرابات عسكرية لا تحمد عقباها، إلا أن المغرب انتبه إلى هذا السيناريو وتم الانسحاب الأحادي الجانب لوضع الرأي العام الإفريقي خاصة والعالمي عامة أمام مسؤولياته تجاه هذه الاستفزازات التي تقوم بها ميليشيات البوليساريو، والتي هي بالمناسبة لا تمتلك لا قرار الحرب ولا قرار السلم، بل هي شعبة من شعب الجيش الوطني الشعبي الجزائري”.
ورأى الأستاذ الجامعي أن “المغرب بانسحابه هذا سحب بساط من تحت أقدام الجزائر والبوليساريو”. ورغم أن المغرب متضرر -بحسبه- “من مناوشات البوليساريو ولكن الجارة موريتانيا وبعض الدول الإفريقية متضررة أيضا من هذه الاستفزازات ولهذا فسحب هذه الذريعة من تحت أقدام الجزائر يضعها أمام مسؤوليتها الإفريقية والدولية”.
وزاد موضحا بأن “موريتانيا ستتضرر كثيرا من قطع أي تجارة دولية في هذه المنطقة، ونعلم أن 60 شاحنة تمر يوميا من معبر الكركرات، وهي منطقة معزولة السلاح حسب التزامات الأطراف الموقعة على اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991”.
وأكد المكاوي أن المغرب نجح في تجنب “الفخ” الذي وضعته له الجزائر، وتابع أن:
“موضوع تمركز سَرِيَّة من البوليساريو يمكن معالجته في ظرف ساعات من قبل الجيش الملكي المغربي، لكن هذا من الناحية الاستراتيجية قد يؤدي بالمنطقة إلى حرب متعددة الأطراف، وقد تتدخل فيها أطراف متعددة، وحتى أعضاء مجلس الأمن في اجتماعهم التشاوري الأخير اعتبروا أن النزاع في الصحراء ليس أولوية من أولوياتهم، ولهذا هناك ضغوط دولية على الجزائر لمراجعة حساباتها وللكف عن المناورات التي تقوم بها”.