الإستثمار في البؤس..!
* الفنان أحمد السنوسي
يفتخر المركز السينمائي المسمى مغربي بأن شركات الإنتاج الهوليوودية و الأوروبية، تختار المغرب لتصوير أفلامها دون غيره من بلدان العالم، لكن إذا ظهر السبب بطل العجب، ذلك أن قصص و سيناريوهات تلك الأفلام تدور وقائعها في حقب بعيدة و غالبا ما قبل التاريخ، و في أحسن الأحوال في القرون الوسطى، و العصور الغابرة مثل “كلادياتور” أو “لعبة العروش” و “بابل” و “الحريم” و “المومياء” و “مسيح الناصرة” و “دواوود” وغيرها كثير كثير، علما أن شركات الإنتاج الهوليوودية و الأوروبية “مصيدة الرخا فالمغرب”، وتستفيذ من الدعم الكبير من طرف السلطات لذلك يختارون المغرب دون غيره.
و يكفي أن تحمل شركات الإنتاج كاميراتها و معداتها و طاقمها التقني إلى الفضاء المغربي مستغنية تماما عن خبراء الديكور، لتجد حشودا بشرية بدائية و مجتمعا قائم الذات يعيد إنتاج مشاهد القرون الوسطى من خراب و قصدير و تخلف و مشردين يرتدون أسمالا “الشراوط” بأرجل حافية لم يسمعوا في حياتهم كلمات مثل الطفولة، المدرسة، المستشفى، العطلة، النجاح … كما في العصور القديمة، و كأن الزمن المغربي أصيب بعطب وانكسار وتوقفت عقارب ساعته و استحلى الركون إلى جمود أبدي و إلى شلل تاريخي بالرغم من أن خاصية التاريخ في الديناميكية سلبا أو إيجابا، أو الحركية الدائمة في تجدد النخب، لتفتح أمام الشعوب المظلومة آفاقا أرحب إذا توفرت إرادة هذه الشعوب لتغيير ما تعيش فيه من مآسي.
و مادام أن كل شيء في المغرب قابل للبيع، أرضه، و سماؤه، و شمسه، و بحره، و في المستقبل القريب سيتم الشروع في بيع هوائه أيضا، فإن جمود تاريخ المغرب المفروض قسرا، أصبح بضاعة تدر العملة الصعبة، بكل سهولة، و تحول بؤسه وفقره إلى مجال للإستثمار لمقاولي السلطة المعروفون بجيوب المقاولة على مقاس جيوب المقاومة الذين يرفضون الإقدام على أية خطوة أو خيط أمل، لإزاحة البؤس و الإستغلال الفضيع من مكانه المعلوم، فبؤس الشعب بالنسبة لجيوب المقاولة دجاحة تبيض ذهبا ” مول الدجاج كايحتاج” وبقرة حلوب و مقاولة خاصة لا يحق لأحد الإقتراب منها، ولو عن طريق طرحه السؤال.