التصوف و بطلان علم الباطن
التصوف السني SOUFISME SUNNITE·24 فبراير، 2017
عند كثير من الناس ”التصوف مرتبط بالعلم الباطن“. لكن الأمر لم يكن كذلك عند بداية ظاهرة التصوف، فما هو التصوف ؟
التصوف و أصله
ظهر ”التصوف“ في القرن الثالث الهجري، في شكل نزعة روحية فردية مبنية على الزهد في الدنيا
سئل ابن تيمية عن التصوف و أصله، فأجاب : أَمَّا لَفْظُ «الصُّوفِيَّةِ» فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ، وَ إِنَّمَا اُشْتُهِرَ التَّكَلُّمُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ نُقِلَ التَّكَلُّمُ بِهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَ الشُّيُوخِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ، وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَتَنَازَعُوا فِي «الْمَعْنَى» الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الصُّوفِيُّ
وَقِيلَ: -وَهُوَ الْمَعْرُوفُ-: إنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى لُبْسِ الصُّوفِ؛ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا ظَهَرَتْ الصُّوفِيَّةُ مِنْ الْبَصْرَةِ وَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى دويرة الصُّوفِيَّةِ بَعْضُ أَصْحَابِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ، وَ عَبْدُ الْوَاحِدِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ (البصري)، وَ كَانَ فِي الْبَصْرَةِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الزُّهْدِ وَ الْعِبَادَةِ وَ الْخَوْفِ، وَ نَحْوِ ذَلِكَ» [مجموع الفتاوى: 11/5].
هكذا كانت بداية التصوف يغلب على أصحابها شدة الخوف من الله و الزهد في الطيبات التي أحل الله. و قد آخذ العلماء (و منهم الإمام الشافعي، و أحمد و غيرهم)، على هذا المنهج المخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم في أمرين أساسيان :
1) حث رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه على أن يكون إيمانهم بالله مبني على الخوف من عذاب الله بقدر متساوي مع الرجاء في رحمته الواسعة و ذلك تلبية لأمر الله عز و جل :
في وجوب التعلق برحمة الله، قال سبحانه: إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87 سورة يوسف )
في وجوب الخوف من الله، قال عز و جل: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99 سورة الأعراف)
و قد أثنى الرحمان على من جمع بين الخوف و الرجاء، فقال: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ٱلَّيْلِ سَاجِداً وَ قَائِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَ يَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلألْبَابِ} [الزمر: 9]
2) نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم على شدة الزهد في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَ أَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَ قَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَ لَا أُفْطِرُ وَ قَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَ كَذَا أَمَا وَا للَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَ أَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَ أُفْطِرُ وَ أُصَلِّي وَ أَرْقُدُ وَ أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
تحول منهج الصوفية عن الأصل
بعد زمن يسير انقلبت نزعة شدة الخوف من الله، و الزهد، عند أغلب الفرق الصوفية إلى العجب و تزكية أنفسهم (1) و الأمن من مكر الله و ضمان الجنة. فأحدثوا مراتب في ولاية الله كما في كنيسة النصارى، و من شيوخهم من ادعى أعلى مرتبة و هي ”القطبانية“ و ضمن لأتباعه الجنة، و من شروط اتباعه خدمته و خدمة أولاده …
و لكي يسلموا من حجة العلماء عليهم، ادعوا أن ما هم عليه هو ”العلم الباطن“ و أما ما عند علماء الدين فهو ”العلم الظاهر“.
و حسب زعمهم العلم الباطن هو عِلْمٌ لَدُنِّيٌّ ، علمٌ ربّانيّ يصل لصاحبه عن طريق الإلهام لعمق الإيمان و الاجتهاد في العبادة.
و حتى يكون لهذا ”العلم الباطن“ مشروعية من الدين اختلقوا له أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم باطلة و غيروا معنى أحاديث أخرى، فاحتجوا بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم :
«إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع»
فقالوا إن القرآن له سبعة أبطن. و هذا مخالف لكلام رسول الله صلى الله عليه و سلم، كما هو ظاهر في نص الحديث.
و كذلك زعموا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خص أصحابه بهذا ”العلم الباطن“ دون باقي المسلمين، لأنه صعب الإدراك على عامة الناس. و أتوا على كل هذا بحجج مفتعلة.
و توضيحا لهاته المسألة جملة و تفصيلا سنعالجها في المحور الموالي ”بطلان العلم الباطن“
بطلان ”العلم الباطن“
دعوى القرآن له سبعة أبطن، يريدون بهذا أن كل آية منه لها معنى ظاهر من كلماته و سياق نصه و لها كذلك سبع معاني مخفية ”باطنة“ لا يعلمها إلا أهل ”الباطن“، و هذا أمر باطل. نص الحديث الذي يستشهدون به، فيه أن القرآن أنزل على سبعة أحرف و ليس سبعة أبطن، ثم قال إن لكل آية ظهر و بطن. نص الحديث كما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الله ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
” لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن صاحبكم خليل الله ” . ”
وأنزل القرآن على سبعة أحرف ، ولكل آية منها ظهر وبطن ”
و أما سبعة أحرف فهي في كيفية القراءة فقط، و ليست تغير شيئا في الآية و معناها. و قد سبق بينا بالتفصيل مسألة ”القرآن نزل على سبعةأحرف“ في منشور خاص تحت عنوان ”القرآن نزل على سبعة أحرف، لكن بمعنى واحد“
و بصفة عامة زعمهم في ”العلم الباطن“ مخالف لكلام الله عز و جل و كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم. و الدليل من القرآن و الحديث فيما يلي.
الحجة من القرآن
الله سبحانه و تعالى أوحى إلى نبيه القرآن بأسلوب واضح بين، و أكد على ذلك في كتابه في سورة الشعراء فقال :
وَ إِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ(192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ(194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195)
ثم تعهد ببيانه للناس، كما ذكرته الآية الكريمة في سورة القيامة :
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
و بيان القرآن كان بوحي إلاهي لرسوله صلى الله عليه و سلم و جزء من رسالته إلى الناس.
و أكد على ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث أخرجه أبو داود في السنن :
” أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَ مِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ“
و قد بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم الرسالة كاملة و شهد له على ذلك 40.000 مسلم عند خطبة حجة الوداع، أسابيع قليلة قبل وفاته. و أكد الله سبحانه و تعالى على بيان الدين الذي أصله هو القرآن فقال في سورة المائدة :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا . و في كتب التفسير ”أكملت لكم دينكم“ يعني أتممت لكم بيانه على لسان الرسول.
فهذا كلام الله واضح و من أصدق من الله قيلا، و أكد على أن كتابه بين و لم يشير إلى وجود أمر باطن في القرآن …
الحجة من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث العرباض و غيره و له شواهد كثيرة
ذكر ابن القيم هذا الحديث في ”إعلام الموقعين“ ثم عقب عليه بحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{ مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُمْ عَنْ النَّارِ إلَّا أَعْلَمْتُكُمُوهُ }
حيدث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
أخرج ابن كثيرفي تفسير الآية 67 في سورة المائدة يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ … قَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :
مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ ، اللَّهُ يَقُولُ :
( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الْآيَةَ
حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنه
ذكر ابن كثير في تفسيره الآية : يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( 67 المائدة)
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ :
إِنْ نَاسًا يَأْتُونَا فَيُخْبِرُونَا أَنَّ عِنْدَكُمْ شَيْئًا لَمْ يُبْدِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ .
فَقَالَ : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ )
وَ اللَّهِ مَا وَرَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ .
(علق ابن كثير على الحديث بقوله : وَ هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ )
حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج الْبُخَارِيِّ في صَحِيحِه مِنْ رِوَايَةِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ
سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ
فَقَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (2)
و علق ابن حجر في الباري عند شرح الحديث بملاحظة مهمة فقال:
إِنَّمَا سَأَلَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الشِّيعَةِ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِ الْبَيْتِ – لَا سِيَّمَا عَلِيًّا – أَشْيَاءَ مِنَ الْوَحْيِ خَصَّهُمُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِهَا لَمْ يُطْلِعْ غَيْرَهُمْ عَلَيْهَ.(3)
خــلاصـة
دعوى ”العلم الباطن“ روج لها الشيعة في عهد علي ابن أبي طالب، كما يشهد لذلك بعض الأحاديث و منها الحديثين السابقين، و قد نفى صراحة كلا من علي ابن أبي طالب و عبد الله ابن عباس وجود شيئ من الدين مخفي عن الناس.
تنبيه : كتبت نفس موضوع هذا المنشور باللغة الفرنسية تحت عنوان : Science Esotérique: Hérésie en Islam
*****************
(1) انظر أيضا منشورنا تحت عنوان : ”التصوف و مقوماته الشرعية“
(2) شرح ابن حجر في الباري أن الصحيفة كتب فيها علي رضي الله عنه ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحكام و حدود القتل و الدية التي تترتب على ذلك. و كلمة ”العقل“ كانت تطلق على الدية، و سميت الدية عقلا تسمية بالمصدر لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل ، ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية ولو لم تكن إبلا
(3) وأضاف ابن حجر : وَقَدْ سَأَلَ عَلِيًّا عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ – وَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ – وَالْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ وَحَدِيثُهُمَا فِي مُسْنَدِ النَّسَائِيِّ .
_ بقلم : مجد العلمي _