إصلاح التعليم بين واقع الحال ورهان المستقبل
بقلم الدكتور حسن عبيابة
يبدو أن عملية إصلاح التعليم طال فيها النقاش والحوار بين جميع المكونات المعنية طويلا طيلة الحكومات سابقة. بل إن النقاش حول إصلاح التعليم بات بندا وموضوعا قارا في أي برنامج حكومي بدون تفعيل. كما أن البعض أصبح متأكدا من كون هذا الموضوع قد استهلك بسداجة وبات وكأنه مستعص على الجميع.
السؤال المطروح هو “هل عجزت المؤسسات المعنية والمؤسسات الحكومية والنخب الوطنية عن إيجاد حل ولو تدريجي لحل أزمة التعليم؟”
الجواب يجب أن يكون لا، لأن المغرب كدولة صاعدة قادرة على رفع تحدي الإصلاح، ويجب على الجميع أن ينكب على إصلاح هذا الورش الحيوي عبر مقاربات عملية شاملة يكون فيها التشخيص والتخطيط والتنفيذ أساسا لبرنامج حكومي عملي لإصلاح التعليم.
لقد صرح وزير التعليم السيد محمد حصاد في لقائه مع النقابات بأن التعليم مريض ويحتاج إلى طاقم طبي منسجم لإنقاذه، وأضاف بأن الإصلاح يجب أن يشمل مايلي:
. الإدارة : اي إصلاح إدارة المؤسسات التعليمية بكافة مستوياتها
. الأساتذة: وهي فئة تتحمل عبأ العملية التعليمية يجب الاعتناء بها ومواكبة عملها
. التلاميذ وهم الفئة المستهدفة في العملية التربوية والتعليمية ويجب تعليمهم وتربيتم بإشراك الأساتذة والآباء
أعتقد أن هذه المقاربة جيدة وهي جزء من تشخيص موجود في تقارير البنك الدولي المختلفة على مدار عشر سنوات الماضية.
لكن كيف يمكن العلاج لمريض فيه الأمراض التالية:
.داء قلة الجودة التعليمية ومن المسؤول عنه
.داء فساد الأخلاق وقلة التربية ومن المسؤول عنه
.مرض البرامج التعليمية ومن المسؤول عنه
.اهتراء البنية التحتية ومن المسؤول عنه
.الهدر المدرسي ومن المسؤول عنه
.طلبة اللغات الأجنبية في الجامعة لايتقنونها، وطلبة اللغة العربية لايتقنونها، وطلبة القانون لايفهمونه وطلبة ……!
.شبه غياب للثقافة والثوابت الوطنية
انها امراض مستعصية تحتاج إلى عمليات جراحية مؤلمة تحتفظ بالجسد سليما مع بتر بعض الأعضاء المتوقفة عن العمل.
والحلول التي يمكن اقتراحها في هذا المجال أجملها فيما يلي:
.تغيير نوعية الحوار مع جميع المكونات من حوار التشخص والمطالب إلى حوار إنقاذ مريض حتى لايصبح جثة هامدة.
.يجب فتح حوار مع الآباء حسب الجهات وفق إطار جهوي قانوني جديد يجمع الآباء يكون هدفه المشاركة في الإصلاح وليس الحديث عن الإصلاح
.يجب أن تمهد لقرارات المجلس الأعلى للتعليم لكي تصبح واقعا ملموسا.
.يجب أن تكون الجرأة لدى الجميع من نقابات وجمعيات للآباء للنظر جديا لإيجاد حل لتمويل التعليم من جميع المكونات المتدخلة، وبدون هذه الحلول يصعب أن يتحقق اي إصلاح للتعليم ببلادنا.
.أي إصلاح لايتم إلا بإيجاد التمويل اللازم والحكومة المالية وجودة الإدارة وتعليم يكسب المهارات بدل حفظ الكراسات.
.إصلاح التعليم بجميع مستوياته يتطلب مناظرة وطنية يشارك فيها الجميع لكي يستفيد من التعليم الجيد الجميع.
.الجامعات في بعض الدول الصاعدة مثل الهند تكون جيوشا من الطلاب في جميع التخصصات وترسلهم إلى بريطانيا سنويا ليتحولوا إلى موارد بشرية مالية تساهم في إنتاج الثروة في الهند.
.البعد الدولي في التكوين والتشغيل أصبح واقعا يفرض نفسه بعيدا عن البرامج التربويةالمكررة المتجاوزة محليا ودوليا.
.بعض التكوينات الجامعية البعيدة عن الشغل عن التشغيل أصبحت فقط تخرج أفواجا ليصبحوا جزءا من الحركات الاحتجاجية اليومية
.إن عدم إصلاح التعليم خلال عشر سنوات المقبلة سيشكل خطرا على التنمية وعلى السلم الاجتماعي والثقافي.
.عدم الاسراع بإصلاح التعليم ستكون له كلفة مالية وسياسة واجتماعية خارج التعليم أكثر بكثير مما قد ننفقه على إصلاح التعليم وبالتالي سنكون قد فقدنا المال والبنون والسلم الاجتماعي أن الافكارالمتطرفة لاتحارب فقط بالمقارنة الأمنية وإنما تحارب بالتعليم والتربية والثقافة الوطنية.
وأعتقد أن مرحلة الإصلاح قد وقتها ولايجب تأخيرها وعلى الجميع أن ينخرط إيجابيا بعيدا عن الموروث النقابي السلبي والموروث المبني على رهان ثقافة الهبة في كل شىء.