قاض ومحام ضمن مافيا عقارات
خبرات أثبتت تزوير عقود ووثائق اعتمدت في الترامي على أملاك الضحايا وتجميد إجراءات ومساطر في حق شخصيات معروفة تشكل رموزا لمافيا العقار
يباشر عدد من المصالح الأمنية، منذ مطلع الأسبوع الجاري، أبحاثا وتحريات في أنشطة ومعاملات عقارية لعدد من الشخصيات تستقر بمدن أكادير ومراكش والبيضاء، وبينها قاض ومحام ورجل أعمال، في إطار بحث مركزي مرتبط بأعمال اللجنة المكلفة بتتبع ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، التي تشكلت في وزارة العدل، بموجب الرسالة الملكية لـ30 دجنبر 2016 الموجهة إلى وزير العدل والحريات.
ويوجد جهاز الدرك الملكي، على رأس المصالح التي تبحث في الموضوع، إذ أسرت مصادر مطلعة لـ«الصباح»، أن المصالح المركزية بالقيادة العليا في الرباط، عممت على السريات الترابية للجهاز ومراكزه القضائية، تعليمات بتوفير معلومات وإنجاز تقارير عن الشخصيات المذكورة، وأنشطتها في المجال العقاري، سيما النزاعات والشكايات التي تشكل طرفا فيها، بسبب الاشتباه في أن تلك الأسماء تقود أو ترتبط بشبكة كبيرة للسطو على العقارات بالمغرب.
وتأتي التعليمات، في سياق حرب التصدي الفوري والحازم المعلنة من أعلى المستويات على ظاهرة السطو على العقارات، والتي تشكل موضوع متابعة آنية، من قبل لجنة مركزية في وزارة العدل، والتي كان من نتائج أعمالها، وفق الحصيلة التي أعلنت في ماي الماضي، خلال اجتماع عمومي للجنة، ترأسه محمد أوجار، وزير العدل، ارتفاع حجم الملفات المفتوحة من قبل اللجنة إلى 57 ملفا حاليا، عوض 37 المعلنة من قبل وزير العدل والحريات السابق، وتنقسم إلى 15 في طور البحث الجنائي، وتسعة أمام قضاة التحقيق، و33 قضية معروضة على هيآت الحكم.
يشار إلى أن لجنة تتبع ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، تأخذ طريقها نحو التحول إلى آلية دائمة، إذ مازالت تتقاطر عليها عشرات الملفات من تنسيقيات للضحايا بعدد من المدن، وفي وقت صار فيه المسؤولون يعتبرون أن ظاهرة السطو، صارت لها أبعاد باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي، إذ قال محمد أوجار، وزير العدل، خلال آخر اجتماع للجنة تتبع الظاهرة ، إن «الاستيلاء على الأملاك العقارية أصبح ظاهرة مثيرة للقلق»، لذلك جاء «التدخل الملكي المباشر لاستحداث آلية لمعالجة الظاهرة ومواكبتها».
وفيما أضاف وزير العدل أن النيابات العامة «مدعوة إلى تتبع الأبحاث الجارية بشأن قضايا الاستيلاء على عقارات الغير بالحزم والصرامة اللازمين، والحرص على تسريع وتيرتها»، يؤكد عدد من الضحايا أنهم لم يحسوا بعد بفرق كبير، سيما بالجنوب، حيث التأم ضحايا مافيا العقار، قبل أيام في تنسيقية جهوية للدائرة القضائية لاستئنافية أكادير، وتستعد لخوض اعتصام جديد، اختارت له ساحة الأمل بأكادير موقعا، ضد ما أسمته التماطل في إنصاف الضحايا.
وأشارت التنسيقية في بيان توصلت به «الصباح»، إلى ما أسمته عدم إعمال القانون في حق شخصيات معروفة تشكل «رموزا لمافيا العقار»، من خلال تجميد إجراءات ومساطر في ملفات تخص تلك الشخصيات، «رغم المعطيات التي تدينها، ومنها خبرات أنجزها المختبر الوطني التابع للدرك الملكي، وأثبتت التزوير في العقود والوثائق التي اعتمدت في الترامي على أملاك الضحايا، لكن بقيت في رفوف مكاتب قاضي التحقيق».
وعلى المستوى الوطني، تتأهب اللجنة التحضيرية للتنسيقية الوطنية لضحايا مافيا العقار، وفق مصادر «الصباح»، لتنفيذ وقفة احتجاجية جديدة أمام مقر وزارة العدل، ترمي، «بشكل سلمي»، إلى «عكس حجم الاحتقان والمرارة التي يكتوي بها الضحايا من جراء سياسة البطء والتجاهل والتواطؤ ضد مصالحهم»، وهي الخطوة التي ستواكبها «بعملية تواصل مع مختلف الهيآت والمنظمات الحقوقية والسياسية والبرلمانية تعريفا بالملف وفضحا لجرائم مافيا العقار والجهات المتواطئة».
امحمد خيي
_ عن جريدة الصباح _