من مقالات الرأي و هو لا يلزم إلا صاحبه :
( أقم دولة العدل في نفسك , تقم على أرضك..
###############
شعب بارع في التشخيص .. بارع في رصد المشاكل و الاختلالات.. بارع في التحليل ..
ولنا قدرة هائلة على تفسير كل شيء .. كل شيء ..
نحن شعب يمكنه أن يحلل الرياضة و الفن و السياسة و الاقتصاد و العلوم و حتى الدين ..
نحن شعب يتقن الكلام ..
و يتقن السباب .. و يتقن التنصل من المسؤولية ..
و بارع في جلد الذات ..
و متخلف عن القيام بالواجب ..
نحن شعب يقدم لك جوابا عن كل سؤال .. و لا يهمه إن كان الجواب صحيحا أم خطأ .. المهم أنه قادر على الجواب ويملك لكل سؤال جواب .. و إن اعترضت عن الجواب الذي قدمه لك .. فهو يمتلك ردا على اعتراضك و اعتراضا على اعتراضك .. و اعتراضا على اعتراض اعتراضك.. و مستعد للبقاء في مواجهة اعتراضاتك حتى آخر رمق ..
نحن شعب يجلس في المقاهي لساعات يناقش التفاهات و يغتاب هذا
و ذاك .. و يلعن الحكومة والوزراء و المدراء……. والرؤساء .. و يريد دولة مثل السويد و الدانمارك ..
نحن شعب يشاهد مباريات البارصا و الريال .. و يحفظ تفاصيل لاعبيهم.. أجورهم و ملابسهم و سياراتهم .. بل و حتى صديقاتهم
و خليلاتهم .. و يتخاصم و يتفاجر لأجلهم.. و بعد المقابلة يجلس لساعات طوال يحلل مقابلاتهم ..
نحن شعب يغضب لخسارة البارصا أو الريال و لا يغضب لخساراته و لا لفشله في كل مباراة الحياة ..
نحن شعب يلعن البلدية التي لا تجمع النفايات التي يرميها هو من نافذة منزله أو من نافذة السيارة .. و يلعن البلدية التي لا تنظف الساحات التي يتبول فيها .. و يلعن البلدية التي لم تغير زجاج حافلة النقل التي كسرها رميا بالحجارة .. و لم تغير مصباح الإنارة الذي كسره طفله و هو يمارس هواية الرماية بالحجارة ..
نحن شعب يلعن غلاء أسعار المواد الغذائية و يتسابق و يتنافس في شراءها و تكديسها .. و يرمي بقايا أطعمته الكثيرة بعد ذلك في القمامة .. نحن من أكثر الشعوب رميا للنفايات المنزلية ..
نحن شعب يلعن موازين و يحضر بكثافة لأنشطتها و يملأ ساحاتها .. و يرقص و يصرخ بجنون في سهراتها..
نحن شعب بعد كل مباراة لكرة القدم نكسر كل شيء داخل الملعب وخارجه … الكراسي و المرافق .. و الحافلات التي ستقلنا إلى منازلنا .. و نكسر بعد ذلك عظام بعضنا .. سواء خسر فريقنا أو ربح ..
نحن شعب عندما تنقلب حافلة محملة بالخضر أو الفواكه … نهتم بسرقة الحافلة و لا نهتم بالسائق .. أجرح المسكين أم مات ..
نحن شعب تجد الموظف منا يترك عمله و يجلس في المقهى مع أصدقاءه يلعن الدولة و الحكومة و تردي الخدمات العمومية .. و إن حدتثه عن واجبه قال لك “على زين الأجر الذي نتقاضاه” ..
نحن شعب التسيب الوظيفي.. شعب يعشق السليت .. فمعدل اشتغال موظفينا هو 27 دقيقة في اليوم .. في حين متوسط اشتغال موظفي الدول المتقدمة هو 7 ساعات ..
نحن شعب يخرج موظفوه بكثافة لأداء صلاة الجمعة و نترك المكاتب فارغة .. لكن مسجد الإدارة الصغير و القريب جدا يكون شبه فارغ في كل الصلوات الأخرى ..
نحن شعب يلعن المعلمين و الأطباء و المهندسين و الموظفين و رجال الأمن و التجار و الحرفيين و المقاولين .. مع أن الشعب هو كل هؤلاء ..
نحن شعب يريد الزيادة في الأجور و لا يريد الزيادة في الإنتاجية .. يريد المزيد من الحقوق و لا يؤدي القليل من الواجبات..
نحن شعب تجد منا من لا يملك أي شهادة علمية و لا تقنية و لا تجربة و لا خبرة له ومع ذلك يريد عملا مريحا بأجر كبير … و إذا هاجر خارج بلده اشتغل في أي شيء .. البناء و الحفر و جمع النفايات .. و يبيت في العراء و داخل السيارات و في غرف ضيقة .. و إذا عاد إلى وطنه تباهى بسيارته الأجنبية وبذلته الغربية.. اللذان اشتراهما بعد تعب رهيب و محنة قاسية ..
و نحن شعب لا يقرأ و لا يحب الكتاب.. فمعدل القراءة عندنا هو 6 دقائق في السنة.. في حين معدل الدول المتقدمة هو 200 ساعة .. نحن شعب ينفق على الكتاب درهما واحدا في السنة .. بينما شعوب الدول المتقدمة تنفق على الكتاب معدل 1000 دولار في السنة..
نحن شعب ينفق على التدخين 300 درهم سنويا .. و على الهاتف 1000 درهم سنويا .. و على الكتاب درهم واحد فقط ..
نحن شعب يستهلك الخمر أكثر من الحليب .. نستهلك 132 مليون لتر من الخمور سنويا .. و نستهلك ألاف الأطنان من الحشيش سنويا .. وندخن 15 مليار سيجارة في السنة ..
نحن شعب نريد دولة مثل دول أوروبا و السويد و الدانمارك.. و لا نريد شعبا مثل شعوبهم ..
نحن شعب يلعن الرشوة و الفساد .. فلكي تقضي حاجتك الصغيرة أو الكبيرة فأنت تحتاج للرشوة .. الشاوش يأخذ الرشوة و المقدم و القائد و المعلم و المهندس و الطبيب والقاضي و الرئيس و الوزير …
و الشعب هو كل هؤلاء ..
الكل يتغنى بالوطن .. لكن لا أحد حاسب نفسه و سأل نفسه ماذا قدم لهذا الوطن ؟ ؟ ؟
أقم دولة العدل في نفسك تقم على أرضك” .)