للوزير حصاد: لا للارتجالية أو الانتقائية في محاربة ملفات الفساد بقطاع التعليم
يتساءل متتبعون للشأن التربوي عن اقتصار الوزير حصاد على تأديب ووقف رواتب مسؤولين في التعليم بسبب صفقات فاسدة حسب ما أوردته صحف وطنية، بيد أن هناك ملفات وقضايا أخرى تحتاج للبحث والتقصي، وتفصيل وبيان، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وما أثار الاستغراب، أن هذه الملفات والقضايا لا تقل فسادا وخروقات عن صفقات العتاد الديداكتيكي، يذكر منها:
تكوينات بيداغوجيا الإدماج.
قال عنها الخبير الدريج “لا يفهمها إلا الموكل له تنزيلها”، رصدت لها اعتمادات مالية مهمة، ولم يستسغها أي مدرس، ودافع عنها باستماتة المنتفعون من المصالح المركزية إلى المكلفين بمكاتب التكوين المستمر إقليميا، فأين المحاسبة والمساءلة القانونية بدءا بصاحب هذه البيداغوجيا وشركته المكلفة بتنزيلها والمسؤولين عن تصريف التكوين فيها، كلفت الكثير من أموال دافعي الضرائب(ما مقداره 200 مليون و920 ألفا و500 درهما)، واغتنم منها الكثير، وألغي العمل بها، وأقبرت بدهاليز الوزارة !
المبادرة الملكية مليون محفظة.
إن المبادرة الملكية السامية “مليون محفظة”، التي أعلن انطلاقتها عاهل البلاد سنة 2008، عمل وطني هام في مجال الدعم الاجتماعي لتخفيف أعباء الفئات الأكثر احتياجا، وقد عرفت خروقات واختلالات على مستوى تدبير العمليات المرتبطة بها والتي أشرف عليها مسؤولون إقليميون، إذ لم يتم الالتزام واحترام المساطر والشروط الجاري بها العمل في تنفيذ نفقات هذه العمليات وتوثيقها، وتمت تلاعبات في صفقات هذا المشروع، حيث كشفت رداءة جودة المحفظات، كما أن المحفظة لم تكن تسلم كاملة في الغالب، بالإضافة إلى عدم الوفاء والالتزام بالتعهدات التي يتضمنها دفتر التحملات في ما يتعلق بجودة المحتويات والكتب واللوازم، وكثيرها لا علاقة لها بالنموذج المقدم لما سموه باللجنة الإقليمية.
إسناد مناصب المسؤولية.
غياب المعايير وسيادة الارتجال والفساد هو العنوان العريض لهذه العملية، وقد لقبتها إحدى الجرائد الورقية الوطنية ب” مناصب سامية وسلوكات هابطة”، مديرون إقليميون جاء في تقارير المجلس الأعلى للحسابات وتقارير المفتشية العامة للوزارة اتهامهم بالفساد، لتلاعبهم بميزانيات البرنامج الاستعجالي، ومع ذلك احتفظوا بمناصبهم، أو تم تنقيلهم لأقاليم أخرى لرابطتهم بأصحاب النفوذ مركزيا،
أما عن مقابلات مناصب مديري الأكاديميات فكانت هي الأخرى صورية ومن بين هؤلاء من تمت الإشارة إليه بخصوص الخروقات والتجاوزات في الصفقات وتبذير أموال البرنامج الاستعجالي، بالإضافة أنه تم خرق المادتين 2 و7 من قرار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رقم 15- 0034 الصادر في 02 نونبر 2015، والمواد 4،9،و10 من المرسوم رقم 2.11.681 الصادر بتاريخ 25 نونبر2011.
احتلال السكنيات الإدارية.
منشور الوزير الأول رقم 94/16/د الصادر بتاريخ 21 شتنبر 1994 حدد شروط الاستفادة من المساكن الوظيفية، وحدد حالات فقدان هذا الامتياز، كذلك حدد المشرع الإجراءات والمساطر والعقوبات التي يجب اتخاذها ضد كل من فقد شروط الاستفادة من المسكن الوظيفي، ومن هذه الإجراءات تسخير اللجنة التقنية الإدارية للتقويم تكلف بتحديد سومة كرائية حقيقية، وعرض الموظف الفاقد للحق في السكن الإداري أو الوظيفي على المجلس التأديبي، وسلك مسطرة التقاضي لإفراغ السكن المحتل.
وهنا يأتي الخطاب الملكي بمنسابة الذكرى 18 لجلوسه على العرش، ليذكر الجميع كل من موقعه ب “محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه” و “القانون يطبق على مسؤول بدون استثناء أو تميز”، فلا ارتجالية أو انتقائية لأسباب حزبية أو نقابية أو حقوقية أو علائقية أو … في محاربة الفساد، ولا خاف ولا مسكوت عنه في تطبيق التوجيهات الملكية الواردة في هذا الخطاب.
وفي السياق ذاته يقول متتبع أن الوزير حصاد مطالب بمواجهة جميع ملفات الفساد المشار إليها سلفا وأخريات بنفس الفعالية وروح المسؤولية وأن لا يستثني أحدا وليس هناك أي نوع من الغطاء لأي أحد تحوم حوله شبهة الفساد، وألا يكون ربط المسؤولية بالمحاسبة مجرد عملية مناسبتية وعنوانا للتهدئة والهدنة من حراك مرتقب، بل يجب أن يستمر إلى حين تحرير القطاع من الشوائب، و يصبح نقطة مضيئة على درب تأسيس المسار الديمقراطي في مغرب الحداثة، مغرب المؤسسات والقانون.
عبد الله مغربي