بدت قضية الهجرة واللجوء من أهم الملفات التي طفت على السطح خلال حملة الانتخابات البرلمانية في النرويج، التي تنظم خلال شهر شتنبر المقبل.
وتعتبر الانتخابات المقبلة مؤشرا على نجاح أو فشل اليمين النرويجي، الذي يسير الشأن العام لهذا البلد الاسكندنافي منذ سنة 2013 ضمن حكومة أقلية.
وبرز ملف الهجرة واللجوء بقوة خلال الأيام الماضية بعد التصريحات المتشددة التي أدلى بها مسؤولون في حزب التقدم المشارك في حكومة اليمين الحالية، حيث تشغل بها زعيمته سيف ينسن منصب وزيرة المالية.
ويرى مراقبون أن طرح اليمين لهذا الملف في ظرفية الانتخابات البرلمانية، يهدف إلى استقطاب أكبر قدر من الناخبين الذين لهم ملاحظات حول سياسة الهجرة في البلاد، وينتقدون وجود عدد كبير من اللاجئين والمهاجرين في بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من خمسة ملايين نسمة.
واقترح حزب التقدم المشارك في الحكومة الحالية، الذي يوصف أوروبيا بأنه “شعبوي”، سحب التعويضات الاجتماعية المقدمة للاجئين والمهاجرين الذين يفشلون في الاندماج خلال السنوات الخمس الأولى وإذا لم يتقنوا اللغة النرويجية بشكل جيد.
وأشارت رئيسة الحزب سيف ينسن، إلى أن إتقان اللغة النرويجية عامل مهم للحصول على منصب شغل، مبرزة أن ذلك له بالغ الأهمية بالنسبة للفرد ولمستقبل دولة الرفاه.
وتساءل العديد من المراقبين عن مدى تمكن شخص من إتقان لغة صعبة جدا في ظرف يكون فيه قد خرج من الحرب الأهلية مثل السوريين والأفغان، وعاش ظروفا صعبة قبل مجيئه لبلد مختلف من الناحية الثقافية.
وانتقد زعيم حزب العمال المعارض، يوناس كاهن ستورا، هذا الإجراء، معتبرا أنه قبل الحديث عن إتقان مهارات اللغة النرويجية، ينبغي البدء في ضمان تعليم جيد لهؤلاء المهاجرين، والرفع من ساعات تدريسهم إياها.
وأكد أن أعضاء البرلمان متفقون على أهمية اللغة النرويجية في تحقيق الاندماج، إلا أنه يجب تسهيل الأمر أيضا على الأشخاص الذين يأتون إلى النرويج وإخضاعهم لدورات تدريبية.
ويضم حزب العمال النرويجي المعارض في صفوفه عدة مهاجرين، من بينهم نائبة رئيسه هادية طاجيك المنحدرة من باكستان، والتي كانت أول مسلمة تتقلد منصب وزيرة (وزارة الثقافة) سنة 2012.
ورغم أن العديد من الأحزاب السياسية تحاول استقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين من أصول أجنبية للظفر بهذا الموعد الانتخابي، ومن ضمنها حزب العمال، أقوى أحزاب المعارضة، فإن حزب التقدم يبدو وفيا لمواقفه من الهجرة واللجوء.
وتأتي هذه المواقف في ظرفية تصاعد فيها النقاش أيضا حول ارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية، بعد تقديم حكومة اليمين النرويجية، مؤخرا، مشروع قانون يهدف إلى حظر النقاب في المؤسسات التعليمية، من الحضانة إلى الجامعة.
وتم طرح هذا الموضوع في وقت كان يستعد فيه الجميع للحملة الانتخابية، خاصة أنه من المتوقع أن يتم التصويت عليه في ربيع 2018 أي بعد الانتخابات البرلمانية وتغيير الحكومة الحالية.
ويندرج هذا الإجراء في إطار تنفيذ الوعد الذي قطعه الائتلاف الحاكم، المكون من حزب المحافظين وحزب التقدم، خلال السنة الماضية، بحظر النقاب والبرقع وارتداء اللثام.
وكان وزير التعليم والبحث، توربيورن رو ايساكسن، قد قال “لا نريد ملابس تغطي الوجه في دور الحضانة والمدارس والجامعات”، معتبرا أن “هذه الملابس تحول دون تواصل جيد وهو أمر حاسم لكي يتمكن التلاميذ والطلبة من التعلم بشكل جيد”.
من جهتها، صعدت وزيرة الهجرة والاندماج سيلفي ليستهوغ من مواقفها تجاه الهجرة في البلاد، داعية إلى إبلاغ إدارة الهجرة بالنرويج عن أي حالة سفر طالبي اللجوء إلى بلدانهم التي فروا منها بفعل الحرب أو الاضطرابات.
واعتبرت الوزيرة أنه من الغريب سفر طالبي اللجوء إلى بلدان هربوا منها وجاؤوا إلى النرويج من أجل الأمان، منتقدة سفرهم إلى هناك وقضاء العطلة.
واعترض سياسيون على فكرة ليستهوغ، معتبرين أن هذا الأمر سيخلق شكوكا وعدم الثقة وسط المجتمع حول اللاجئين.
كما عبروا عن الخشية من تراجع المهاجرين عن المشاركة بنشاط في المجتمع.
ولا يعد موضوع الهجرة واللجوء وليد اليوم، بل برز الملف على واجهة الأحداث بفعل الهجرة الكبيرة التي عرفتها البلاد، وكذا بعد إحداث وزارة جديدة أسندت مسؤوليتها لسيلفي ليستهوغ المنتمية لحزب التقدم (الشعبوي).
ومنذ أن تم منح حزب التقدم النرويجي هذه الحقيبة الوزارية وهو يسعى إلى تشديد القيود على طالبي اللجوء والهجرة.
ومن المتوقع أن يستمر الحديث عن الاندماج بعد انتخابات شتنبر المقبل، لكون الهجرة والاندماج أصبحت من المواضيع المتداولة بكثرة على الساحة السياسية بالنرويج، لاسيما بعد أن عرفت البلاد أكبر موجة لتدفق اللاجئين حيث استقبلت خلال سنة 2015 نحو 35 ألف طالب لجوء.