تعددت القراءات والتحليلات لحدث إعلان زعيم البام الياس العماري استقالته من قيادة الجرار، لعل أبرزها فشله في تحقيق المهمة التي وجد من أجلها، لكنها في المقابل أجمعت على ان هذا القرار لم يكن الياس من اتخده بل فرض عليه، ليبقى السؤال المؤرق لماذا استقال إلياس؟.
وفي هذا الصدد، يرى مدير نشر يومية أخبار اليوم توفيق بوعشرين، أن الياس العماري لم يعثر على “تخريجة” ذكية أو مناسبة للنزول من على الجرار، وجاء في الندوة الصحافية، ليقول للصحافة كلاما لا يصدقه حتى الأطفال، قال “لم أكن أنوي تقديم استقالتي في بداية اجتماع المكتب السياسي للحزب حتى استمعت إلى تقارير عن الأداء البرلماني والجماعي لمندوبي الحزب. عندها قررت أن أتحمل مسؤولية اختيار هؤلاء، وتقديم استقالتي من قيادة الحزب لكي أقدم الحساب”.
عندما يبالغ شخص في إخفاء الحقائق لا يعمل إلا على إظهارها، يؤكد بوعشرين في افتتاحية أخبار اليوم في عدد أول أمس، تحت عنوان “إقالة وليست استقالة”، مبرزا أنه لم يفلح في تغطية “قرار سياسي نزل من الأعلى، وطلب منه أن يتنحى عن قيادة حزب الإدارة الجديد لأسباب لا علاقة لها بأداء برلمانييه، ولا بمستوى تدبير رؤساء المجالس الجماعية والقروية التابعين له”.
وتساءل بوعشرين، هل كان عاقل ينتظر من خليط من الأعيان، والتجار، والشناقة، ويساريين متقاعدين، وسياسيين جربوا جل ألوان الانتماء الحزبي قبل أن يركبوا موجة البام، تدبيرا “ذكيا” للشأن العام، وأداء مميزا في برلمان دخله جلهم من أجل الوجاهة أو الراتب أو خدمة مصالحه؟
من جتها، اعتبرت اليسارية لطيفة البوحسيني، أن مشكل البام أكبر من استقالة رئيسه، “مشكلته أنه حزب أسسه “كبار” الدولة العميقة ليقوم بمهام محددة، لكنه فشل فشلا ذريعا”، متسائلة: هل يمكن لهذا الحزب أن يتجاوز خطيئة النشأة؟ قائلة “يمكنه ذلك، شريطة القيام بمراجعات كبرى وبناء مشروع سياسي بخلفية فكرية متينة وبنساء ورجال ممن يتوفرون على الكفاءات اللازمة على هذا المستوى”.
يمكنه ذلك، تسترسل البوحسيني، في تدوينة لها نشرتها بصفحتها على موقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك”، “شريطة أن يتحول إلى مشروع للبناء، وللتوجه للمستقبل، ولاقتراح بدائل تساهم في إخراج البلد من أزمته، لا أن يبقى حزبا مهمته الرئيسية هي استئصال البيجيدي”.
جواد بنعيسي عضو اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي، سابقا، يرى أن حزب الأصالة والمعاصرة لا يمكنه أن يستمر في غياب إلياس، لأنه يُسيِّر البام بأصبعه الصغير. “كل تفاصيل هذا الحزب وقراراته وأسلوب التسيير ومصالح ومسارات العديد من الأطر مرتبطة بشخصه”.
وتابع بنعيسى، وفق ما نقل عنه موقع الأول، أنه منذ أكثر من 10 سنوات وتدبير الحقل الحزبي برمته موكول لإلياس، مردفا أن “أخطر ما قام به الرجل هو تصفية أحزاب تاريخية كبيرة لها امتدادات جماهيرية عميقة”.
بنعيسى، حمل المسؤولية بشكل مباشر لإلياس، في غياب قوى وسيطة بين الدولة والشعب، قائلا “في خطاب العرش لاحظ جلالة الملك، بأن الشعب وجد نفسه وجها لوجه أمام القوات العمومية لأن الأحزاب السياسية غائبة عن الساحة”، بالإضافة إلى “إفراغ الأحزاب من محتواها مما انعكس بشكل مباشر على المؤسسات التي فقدت مصداقيتها”.