استكملت مكناس زينتها البهية ولم يبق لها إلا كنيف (مرحاض) تصرف فيه فضلات إخفاقات السنوات العجاف للتدبير الارتجالي. بعد اليوم لن ترى من يدون كتابة على حائط أو على السور الإسماعيلي ” ممنوع البول…” ، لن تلفح أنفك الرائحة الكريهة الآتية من الأماكن المغلقة ولا من جنبات الأسوار وحدائق المدينة القليلة. بعد اليوم ستفك حاجة ساكنة مكناس بالإنسانية والآدمية المحصنة بعد أن تم التفكير بفتح أكشاك مراحيض.
مشروع مراحيض الجماعة ستنشأ بالساحات العمومية (ست نقط) ، سيتم تكليف إدارتها لذوي الاحتياجات الخاصة بمقرر جماعي وبمعيار نوعية الإعاقة والهشاشة الاجتماعية. إنه التفويض التشاركي الأولي لتدبير حاجيات مكناس المتردية.
فكرة إنشاء نقط للمرافق الصحية العمومية سبق للمجتمع المدني المكناسي أن طالب بها مرارا، سبق وأن ألح على فتح تحقيق في مآل ممتلكات الجماعة وأمكنة المراحيض العمومية التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى دكاكين ومطاعم ومتاجر. إنه ” زمام التريكة ” للأملاك العمومية والذي لا يشتغل عليه عدول الثوثيق بالجماعة الحضرية بمكناس.
الآن، السيد الرئيس قرر تزويد نقط معينة بالمدينة وبشكل أولي(06) بوحدات من المراحيض العمومية الصديقة للبيئة. قررت رئاسة المكتب المسير للجماعة بفتح باب الترشيح لتدبير تلك المرافق الصحية لفئة ذوي الاحتياجات ومن في وضعيات خاصة. هي مناصب الشغل المحدثة بالتمييز الإيجابي التي تستهدف فئة من المجتمع والتي تعاني إعاقة معينة وهشاشة إجتماعية. هي مجانبة الرعاية الفضلى لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بإدماجهم ضمن سوق الشغل وفق خطة مندمجة تراعي أولوية احترام كرامتهم وتطلعاتهم في الترقي الاجتماعي. هو القفز على الدمج الكامل لتلك الفئات الخاصة ضمن حوض العمل بالمدينة عبر تحسين ولوجيات الشغل لهم ولو بالكوطة . هو صناعة حيلة فريدة بمعالجة وضعيات تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة بمكناس بإسناد تدبير المرافق الصحية لهم. هو تحجيم تفعيل رؤية الفصل ( 34) من دستور المملكة حين نص على:” تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولهذا الغرض، تسهر خصوصا على ما يلي:
– معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها ؛
– إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع”.
لن ندخل في الرفض القطعي الذي تنادي به جمعيات المجتمع المدني المختصة في تأهيل و إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكننا نشهد على أن تلك المعالجة لإشكالية المرافق الصحية بالمدينة وتشغيل فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بها هي من صيغة الحلول السطحية البسيطة و السهلة، نعلن أن قضايا مكناس الكبرى تعوم بقضايا صغرى ترتضي تحسين صورة المجلس الجماعي ، والتنفيس عن حاجيات المواطن المكناسي بأكشاك مراحيض .
عند تأملنا لموضوع ” إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في الحياة الاجتماعية والمدنية عبر تفويض تدبير مراحيض الجماعة ” ، وعند تمام تقليبه، تسارع أمامنا أن هناك أماكن بمكناس نتيجة الإهمال المتراكم تصلح مراحيض عشوائية و بدون أداء. من تم يمكن أن نعلن إفلاس تلك المرافق الصحية عند نقطة البدء. نعلن أن السومة الكرائية التي تستهدف سد واجبات اقتنائها الشرائية ستشكل عائقا أوليا لمن تم اختياره لتدبير تلك المرافق الصحية، نعلن أن بلاغ الجماعة بسيط في صياغته ولا يحمل معايير الإسناد و لا دفتر تحملات جلي وشفاف. نعلن أن مطالب ذوي الاحتياجات الخاصة تفوق بالتمام ما تم تنزيله من الإشراف على مرحاض يتيم بإشكاليات كبيرة ( الصيانة/ الماء/ الكهرباء/ التفريغ/ العلاقة مع لاراديم…) هي البداية في تأثيث شوارع معينة بمراحيض الأكشاك في حين تغيب المعالجة الكلية لمشاكل مكناس الكبرى.
محسن الأكرمين .
عن موقع فاس نيوز ميديا