قال رئيس معهد العالم العربي بباريس ، جاك لانغ، إن المغرب يعتبر أحد البلدان الاكثر ابداعا وابتكارا في العالم العربي، وذلك عبر العديد من الكتابات،وروائع الهندسة المعمارية ، والتعبيرات الموسيقية ،وكذا من خلال الفن المعاصر والسينما في الوقت الراهن.
واعتبر جاك لانغ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس معهد العالم العربي، انه من الطبيعي والمشروع ان تكون المملكة حاضرة بقوة في برنامج هذه المؤسسة.
وقال رئيس هذه المؤسسة التي افتتحت سنة 1987 من قبل الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران “ان مساهمة المغرب والمغاربة في انشطة معهد العالم العربي لا تقدر بثمن، انها مساهمة استثنائية. المغرب بلد الاستثناء، والعلاقات بين المغرب وفرنسا فريدة من نوعها”.
واضاف “ان المغرب يوجد هنا في بلده والمغاربة يوجدون ايضا هنا في بلدهم، البعض يعبر احيانا عن مشاعر الحسد، لكني اجيبهم ان المغرب هو المغرب” مبرزا البعد الرمزي الكبير للساحة المحاذية لمعهد العالم العربي والتي تحمل اسم المغفور له محمد الخامس.
واكد من جهة اخرى ان “صاحب الجلالة الملك محمد السادس يكن عطفا خاصا لمعهد العالم العربي، وقد حظينا بشرف زيارته لهذه المؤسسة في عدة مناسبات منها تقديم مجسم للمركز الثقافي المغربي الجاري انجازه بباريس”.
وقال وزير الثقافة الاسبق “انه على مدى ثلاثين سنة من تواجد المعهد كان المغرب دائما حاضرا، وحرصت شخصيا على ذلك”، مشيرا بهذا الصدد على الخصوص الى المعرضين الكبيرين والرائعين (المغرب المعاصر) (روائع الكتابة في المغرب ، مخطوطات نادرة لم يسبق نشرها” اللذين دشنتهما صاحبة السمو الملكي الاميرة للا مريم رفقة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، فضلا عن الحضور القوي للمملكة في معرض (كنوز الاسلام بافريقيا جنوب الصحراء).
وذكر جاك لانغ بان صاحبة السمو الملكي الاميرة للا مريم قامت بمبادرة رمزية كبيرة بتسليمها وساما ملكيا لإمام وحاخام واسقف، مشيدا بروح التسامح والانفتاح التي تميز المغرب.
وفي رده عن سؤال بشأن الافاق المستقبلية لمعهد العالم العربي، حرص جاك لانغ على التأكيد على ان العمل الذي انجز على مدى ثلاثين سنة الماضية كان هائلا مبرزا انه لم يفتأ منذ توليه رئاسة هذه المؤسسة يولي مكانة هامة سواء للتقليد او الحداثة، وافضل مثال على ذلك المعرض حول المغرب المعاصر الذي احتل حيزا كبيرا من بناية المؤسسة وحقق نجاحا كبيرا.
واعتبر “ان المهم بالنسبة للسنوات القادمة هو تطوير ما قمنا بتغييره “مشيرا على سبيل المثال الى اللغة العربية التي شهد القسم المعني بها توسعا جديدا. كما ارتفع عدد التلاميذ بشكل ملموس، ونحن الان بصدد التفاوض مع هيئات دولية بشأن امكانية استفادة اللغة العربية انطلاقا من معهد العالم العربي، من اعتماد على مختلف المستويات”.
واضاف “نحاول ايضا الى جانب التظاهرات الكبرى (ندوات ، منتديات .الخ…) ،اقامة روابط مع جامعات فرنسية وعربية. نرغب في ان يتمكن الشباب سواء الفرنسي من اصل مغربي او الفرنسي من اصل عربي او بكل بساطة مواطني هذا البلد، من التوافد بكثافة على المعهد، معربا عن عزمه على التركيز على البعد الثقافي والروحي.
وفي ما يتعلق بالبرنامج الذي تم تسطيره في اطار تخليد الذكرى الثلاثين لمعهد العالم العربي، قال جاك لانغ انه سيتم على مدى الاسابيع المقبلة تنظيم عدة تظاهرات، منها الدورة الثانية لبينالي مصوري العالم العربي المعاصر الذي سيفتتح في 13 شتنبر الجاري، حيث سيتم تكريم المصورة المغربية الراحلة ليلى العلوي، فضلا عن معرض (مسيحيون من الشرق، 2000 سنة من التاريخ) الذي سيتم افتتاحه في 26 ستنبر من قبل الرئيس ايمانويل ماكرون، اضافة الى سلسلة من “البطاقات البيضاء” التي سيتم منحها لشخصيات من عالم الثقافة ضمنها الكاتب المغربي الطاهر بنجلون، والحدث المخلد لاعادة اطلاق المشربية الشهيرة للواجهة الجنوبية لمبنى معهد العالم العربي، التي كان يفترض ان تفتح وتغلق في ارتباط مع الانارة على غرار بؤبؤ العين ،لكن استعصى ذلك لاسباب تقنية.
واكد انه بمناسبة اطلاق هذه المشربية، رمز معهد العالم العربي، وحداثة العالم العربي بارتباط مع ماضيه، وبفضل مهارة تكنولوجية، سيتم تنظيم حفل للانوار بمشاركة عدد من الفنانين من بلدان مختلفة ضمنهم مغاربة، مشيرا الى ان هذه التظاهرات ستكون مفتوحة في وجه الجمهور.
واضاف رئيس معهد العالم العربي انه سيتم في اطار انفتاح المعهد على العالم الاقتصادي، تنظيم منتدى هام حول التنمية في 19 شتنبر الجاري، من اجل تسليط الضوء على الروابط المتينة بين فرنسا والعالم العربي وافريقيا، مبرزا ان المنتدى سيعرف مشاركة العديد من الشخصيات التي تنتمي الى عالم الاقتصاد خاصة من المغرب.
يشار الى ان معهد العالم العربي الذي يقع في قلب العاصمة الفرنسية باريس بالقرب من كاتيدرائية نوتردام، والمسجد الكبير لباريس، يستقبل كل سنة ازيد من مليون زائر ، من اجل اكتشاف التراث الهائل للبلدان العربية، وتثمين معالم التراث الراهن.