المجتمعات العربية أمم اصبحت بدون هوية
الهُوية هي العنصر الذي يميز كل فرد عن غير من البقية، و كل أمة عن باقي الامم، و يبقى الحفاظ عليها من أهم الاوليات لديهم سواء الامة أوالفرد و كدى تلقينها لابنائهم، و تبقى من أهم الهٌويات التي برزت عبر التاريخ البشري هي الهَوية العربية و التي دوما ما كانت محطة اهتمام من مجموعة ليست بالهينة من مكونات المجتمعات الغير عربية، بل الاكثر من هذا فقد تجاوزت الاهتمام الى تقليدها و تلقين هُوياتهم بالهَوية العربية لكن باضفاء صبغة خاصة منهم كي تلائم مجتمعاتهم و ثقافاتهم وخصوصياتهم، و خصوصا في الجانب الايجابي منها، و بالمقابل دس مجموعة من القيم من هوياتهم سواء السلبية أو الايجابي -التي تخدم مصالحهم و مصالح بلدانهم- في داخل الهوية العربية قصد تشويهها أو افقادها قيمتها و مكانتها التاريخــــيـــــة، فالى أي حـــــــــد استطـــــــاع العـــــرب الحــــفاظ على هويتهـــم و الدفاع عنها و تنظيفـــها من الشوائب التي تلتسق بها كـــل حين؟ و هل حقا لنا القدر على الحفاظ عليها كعرب؟ و هل نجح أعداء الهوية العربية في دحضها و تشويهها و تغيير ملامحها عن أصلها؟ ويبقى السؤال الاهم الذي يثير أكثر هو هل ستسمر الهوية العربية في الحياة أم ان مصيرها سيكون مثل مصير بعض الهويات السابقة كالسومرية و الاغريقية القديمة على سبيل المثال، هي اسالة يجب أن تطرح على القادة العرب بشكل خاص و المواطن العربي بشكل عام قبل أن نطرحها في هذا المقال، لكن لابأس اذا ما ناقشنها قليلا ولو من أجل اثارتها على الاقل.
ان تاريخ الهوية العربية يعود الى عدت قرون قد خلت، والتي تعتبر من أقدم الهويات على الاطلاق منذ نشأت البشرية والتي تميزت بطباعها الخاص و تقاليدها العريقة و سلميتها الدائمة في التعامل مع الاخر بالاضافة الى تنقلها من منطقة لاخرى دون كلل أو ملل، و هذا ما يفسر الانتشار و التشتت الخاص بالقومية العربية في مناطــــــــق مختلفة من القـــــــــــارات الخمــــــــس على عكــــــــس مجموعـــــــة كبيرة من الهويات و القوميات الاخرى التي تتمركز بمكان واحد الى حين اندثارها، لكن و نحن في القرن الواحد و العشرين اصبحنا نرى مجموعة كبيرة من التداخلات في الهوية العربية، بل الاكثر من هذا تباعدها و تغيرها من دولة عربية لدولة عربية أخرى والذي يفسر الى كون كل دولة ثأترت بثقافة و هوية محدد و على سبيل المثال دول الخليج العربي و دول شمال افريقيا، ايضا قد يكون الاختلاف داخل ذات الدولـــــــــة الواحــــــدة و في هذا السياق لنا المملكة المغربية مثال صريح في هذا الشأن فتجد الثأثر الواضح بالهويات الغربية كالاسبانية بالنسبة للمناطق الشمالية و الجنوبية و الفرنسية و البرتغالية للمناطق الداخلية من المملكة بالاضافة للثأتير الانجليزي لمناطق أخرى متفرقة من المملكة المغربية، هي فقط ملاحظات لكي نفهم ما مذا تأثر الهوية العربية بالهويات الاخرى سواء بفعل الاستعمار أو الغزو الفكري أو التاريخي أو الثقافي دون أن ننسى معظلة العصر الى وهي عملية الغزو التكنولوجي.
ان من أهم الاسس التي ثأرت ضمن القومية و الهوية العربية سنجد اللغة و اللهجة ايضا اللباس بالاضافة الى الاغاني و أمور أخرى سنتطرق لها واحدة واحدة في هذا المقال -و التي ما لاحظته أنا شخصيا أن نسبة 90 في المئة منها هو سلبي فقط- ، فاذا ما تكلمنا على لهجاتنا فستجد ان جل الدول العربية تفقد شيئا فشيئا لغتها و تستبدلها بلهجة هي خليط بين اللغة العربية و لغة أخرى كالفرنسية أو الاسبانية أو الانجليزية بل الاكثر من هذا نجد ان في حواراتنا اليومة نطرح كلمة باللغة العربية وعشر كلمات بلغة أخرى و هذا ما يظهر لنا الحدود التي وصل اليها مستوى الغزو اللغوي لهوية اللغة العربية الاصلية، وبعيدا عن اللغة و اللهجة نتطرق الى اللباس و الذي اصبح لا يمث بصلة للهوية العربية التي تميز بها العرب من رجال و نساء عبر التاريخ، لكن الغريب في الامر و الملاحظ اليوم ان جل لباسنا لا يمث بصلة لا لهويتنا أو لهوية مصدريها لنا بل اصبحت تكتسي هوية عشوائية و هذا إن دل على شيء فهو يدل على أن العرب ليست لهم أو لم تعد لهم القــــــدرة في الحــــــفاظ على هُويــــتهم القومية و الفكرية و الثقافية و حتى الاخلاقية، فأصبح ينطبق علينا أحد أمثلنا العربية “فأصبح شأننا شأن الغراب، الذي ود تقليد مشية الحمام، فنسي مشيته و لم يستطع تقليد مشيـــــــــــــــة الحمام”، فأصبـــــح الذي يرى لباسنــــــا و تصرفتنا يظن أن هُويتنا هي فقط انحلال أخلاقي وشذوذ فكري، و بالانتقال مثلا للأغاني و الذي تعتبر موروثا و هُوية ذات تاريخ عريق، أن الجيل الحالي سوق له الاخرون من مَن يهمه اندثار الهُوية العربية أن نجاحهم و مـــن أجـــل الوصــول الى القمـــة هو كفيـــــــل فقـــــط بالتنصل من الهُوية العربية في أخلاقـــــــــــــــــــــــها و كلماتها فأصبح مغنيينا هم سلاح فتاك ضد الهُوية العربية بسوء نية أو بحسن نية بقصد أو غير قصد في أيادي أعداء الهُوية العربية أو من همهم هو انهاء الهوية العربية، لكن ان أهم غزو نشده في عصرنا اليوم هو اظهار أن العرب ليسوا مسالمين بل هـــــــــم حفنــــــــة من المتعطشين للدماء و للحــــــــروب و القتـــــــل و هذا جلي فيما يقع في سورية و العراق و اظهار ان داعش تمثل القومية العربية و أنها تجسيد للهوية العربية، و أيضا فيما يقع في ليبيا و السودان من حرب أهلية التي استمدت انطلاقتها من ما سمي بالربيع العربي أو ما أطلقت عليه شخصيا “الخريف العربي”، هي فقط أمثلة بسيطة ليست متعمقة، لكن سأعود و أكرر سؤالا جاء في الفقرة الاولى هل في ظل ما تعاني الهُوية العربية في هذه الفترة هل لاتزال لها القدرة على الاستمرار و الوقوف في وجه الاعدائها و غزاتها؟ و هل لقادتنا القدرة على الدفاع عن هويتنا العربية؟ أم اصلا هم غير مهتمون لها و بها؟ تبقى هي فقط أسإلة نناشد بها، و أنا شبه متأكد أنهم لن يجيبوا و لن يحركوا ساكنا أو لن يشعروا بالغيرة من أجل الحفاظ على هُويتهم.
إن استمرار الهُوية العربية على قيد الحياة، و استمرار وجودها رهينٌ بأبناءها وبناتها من مَن يحملون همها و غيرة عليها، بالاضافة الى الاهتمام، بها فكلما زادت نسبة الاهتمام بها و البحث عن حقيقتها كلما عاشت الهوية أكثر و أكثر و حافظت على استمراريتها، وما هو أكيد ان من الملزم اليوم ان تشهد الجامعات العربية و الاكاديميات شعبا تهتم بالهوية العربية و تدريسها كباقي العلوم بغية انتاج باحثين فيها ومؤرخين لها، و انشاء مراكز بحث خاصة أو تابعة للدول نفسها، ايضا أن نرى انتاجات درامية وتلفزية و اذاعية تهتم بهذا الشق أو على الاقل الحفاظ على بعض الخصوصيات و خصوصا في اللغة اثناء ترجمة بعد الانتاجات التي بدورها تسوق لنا ثقافات ليست لها صلة بنا، بالاضافة ايضا الى خلق مادة دراسية ثابثة لدى المستويات الدراسية التي يكون فيها ابناءنا قيد تلقي الابجديات الاولية سواء اللغوية أو العلمية أو غيرها، لاننا اليوم نلاحظ في مؤسساتنا التعليمية أن جل ما يطغـــــــــــــى علـــــــــى الثقافــــة و الفكــــر و الهوية سواء يكون عشوائي أو غربي، فحتى طريقة تدريس الدروس تبقى باللغة العامية وكما ذكرت -آنفا في مقالتي هذه- و التي غزتها اللغات الاجنبية و أصبحت منقطعة الصلة بهوية اللغة العربية، هي فقط حلول قد لا تكون جذرية لكن على الاقل يمكنها ان تعيد لنا هويتنا العربية الى أصولها و الحفاظ عليها.
الكاتب : عبد الاله رشقي
عن موقع : فاس نيوز ميديا