تميزت مناقشات اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي أنهت أشغالها اليوم الثلاثاء بنيويورك، بالدعم المنقطع النظير، والذي لا لبس فيه، للمجتمع الدولي لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء، تحت السيادة المغربية، وهو الدعم الذي كان موضع مرافعات قوية ورفيعة للأغلبية الساحقة من البلدان الأفريقية والعربية والأمريكو – لاتينية ومن منطقة البحر الكاريبي، التي نوهت بدينامية التنمية الشاملة بالاقاليم الجنوبية للمملكة، وخلصت الى إقبار خيار الاستفتاء نهائيا، مؤكدة مسؤولية الجزائر الثابتة في إطالة أمد النزاع حول الصحراء.
وبعدما ثمن مختلف المتدخلين أمام اللجنة الاممية الارادة الحسنة التي تحلت بها المملكة المغربية خلال مسلسل المفاوضات من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي ومقبول من الأطراف لهذا النزاع الذي يرهن مستقبل المغرب العربي والعمق الجيو استراتيجي لمنطقة الساحل والصحراء ، أدانوا الموقف “المعرقل” للنظام الجزائري واستخدامه لكيان انفصالي مزعوم ، رافضا الاقرار بحقائق التاريخ المدعومة بالوقائع على الارض، والتي تكرس كلها الطابع الراسخ لمغربية الصحراء منذ الأزل.
وفي هذا السياق، ذكر السفير الممثل الدائم للمغرب السيد عمر هلال في مداخلة له أمام اللجنة الرابعة أن “الممكلة المغربية تعرب عن أسفها العميق لكون التزامها من أجل التفاوض بحسن نية، يقابل من طرف الجزائر بالتعنت وتوظيف حركة انفصالية، مهددة بذلك حظوظ نجاح المسلسل السياسي”، وأكد الدبلوماسي المغربي أن” الجزائر هي المسؤول الرئيسي عن إجهاض جهود السلام التي بذلت حتى الآن”.
وأوضح السيد هلال أنه أمام التعطيل المقصود للمسلسل السياسي بسبب تعنت الاطراف الاخرى ” قرر المغرب بحزم، تطبيق الجهوية المتقدمة في الصحراء تمهيدا للحكم الذاتي”، مشيرا بهذا الخصوص الى أن المملكة، أطلقت نموذجا جديدا للتنمية رصدت له ميزانية تناهز 8 ملايير دولار أمريكي.
وأبرز أن هذا القرار الاستراتيجي “يطمح إلى تولي سكان الصحراء زمام التنمية الاقتصادية ، كما أن حافزه هو قناعة المملكة بأن تنمية هذه المنطقة لا ينبغي أن تظل رهينة لعرقلة العملية السياسية، ولا لتسويف الأطراف الأخرى . فعلى النقيض من البؤس واليأس السائدين في مخيمات تندوف، يقدم المغرب الرخاء والحرية والأمل لأقاليمه الجنوبية”.
وفي هذا الاطار، جدد مختلف المتدخلين الإعراب عن دعمهم القوي لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كحل للنزاع حول الصحراء وللمصالح العليا للمغرب ولسيادته ووحدته الترابية.
وعكست هذه التدخلات صدى التأييد القوي للبلدان من إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، فضلا عن ممثلي البلدان العربية ، ولاسيما دول مجلس التعاون الخليجي الذين ذكروا بمضامين البيان الصادر عن القمة الخليجية/ المغربية في 20 أبريل من العام 2016 الذي جدد التأكيد على الموقف المبدئي لدول المجلس”المتمثل في دعم موقف المملكة المغربية وتأييد مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب”.
وأكدوا أن هذه المبادرة تشكل خيارا بناء يروم التوصل الى حل مقبول من الأطراف لحل النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية، مشددين على أنها “تعد حلا توافقيا متماشيا مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، كما تستجيب لمبدأ الحق في تقرير المصير”.
وقد شكلت اشعال اللجنة الاممية مناسبة كذلك، للتنويه بتعاون المغرب مع الهيئات الأممية في مجال حقوق الإنسان وجهود المملكة المبذولة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الصحراء، داعية الى الاستمرار في التزام جميع الأطراف بالعمل الجاد للإسهام بشكل إيجابي في إنجاح المسار السياسي والانفتاح على الافكار المتجددة من أجل التوصل حل سياسي تفاوضي للنزاع.
كما تم التأكيد على أن “أي مساس بالمصالح العليا للمغرب أو التعدي على سيادته”، يعد بالنسبة للمجتمع الدولي خطا أحمر، لاسيما أن “الوصول إلى تسوية نهائية لهذا النزاع، يعتبر أمرا أساسيا لتحقيق الاستقرار واستتباب الأمن في منطقة الساحل التي تتهددها المخاطر الامنية من مختلف الجهات”.
وعلى أساس هذا الدعم المتزايد لمخطط الحكم الذاتي والمؤسس على اقتناع عميق بالموقف الشرعي والمشروع للمغرب، أكدت المملكة مجددا خلال أشغال اللجنة الرابعة، دعوتها إلى احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما الفقرة 1 من المادة 12 من قبل الجمعية العامة، التي يتعين أن ترفع يدها عن قضية الصحراء المغربية، مادامت قيد البحث حاليا من قبل مجلس الأمن..
وقال السيد عمر هلال، في مداخلة معززة بالأدلة والتفاصيل القوية والدقيقة، إن “المادة 12 (1) تنص بوضوح على أنه عندما يباشر مجلس الأمن، بصدد نزاع أو موقف ما، الوظائف التي رسمت في الميثاق، فليس للجمعية العامة أن تقدم أية توصية في شأن هذا النزاع أو الموقف إلا إذا طلب منها مجلس الأمن ذلك”.
وقد أتاحت أعمال اللجنة الرابعة الفرصة من جهة أخرى، للتنيه الى المخاطر المترتبة عن النزعات الانفصالية وعواقبها الوخيمة على أمن سلامة الدول وازدهارها. حيث أكد المتدخلون أن هذه النزعات ماهي إلا أداة لخدمة المخططات الكارثية للجماعات الإرهابية والشبكات الإجرامية عبر الوطنية.
لقد اضطرت الجزائر ومعها مرتزقة البوليساريو أمام الدعم المنقطع النظير من قبل المجتمع الدولي لمخطط الحكم الذاتي ولمغربية الصحراء، الى التخندق خلف رؤية عفا عليها الزمن،تعكس إفلاسهم الايديولوجي والعقائدي.