يعد مشروع توسعة معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات استجابة فعلية للطلبات المتزايدة، المعبر عنها من طرف عدد من البلدان، الشقيقة والصديقة، الراغبة في الاستفادة من التجربة المغربية الناجحة في مجال التأطير الديني.
وقد أعد الشطر الثالث من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، الذي شيدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وجهزته بمبلغ 165 مليون درهم، وذلك على مساحة قدرها 10 آلاف متر مربع، من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من طلبة الدول الشقيقة والصديقة الراغبة في الاستفادة من سلك التكوين الأساسي واستكمال التكوين بالمعهد. وتشمل توسعة الشطر الثالث عددا من المرافق، أهمها جناح بيداغوجي يحتوي على قاعات للتدريس والمعلوميات تضم 640 مقعدا، ومدرج كبير على مساحة 2500 متر مربع يتسع لحوالي 1100 مقعد، وجناح للإقامة يضم نحو 350 سريرا.
ويعتبر هذا الشطر الثالث امتدادا للشطرين الأول والثاني اللذين سبق تدشينهما من طرف أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في 27 مارس 2015، والمتكونين من جناح بيداغوجي يتسع لـ1000 مقعد وإقامة سعتها 700 سرير.
وهكذا، سيسمح هذا الشطر بالرفع من عدد المقاعد البيداغوجية من 1000 إلى 2380 مقعدا، ومن الطاقة الاستيعابية لمجموع الإقامات من 700 إلى 1050 سريرا. ويعهد إلى المعهد بتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، تكوينا يؤهلهم للقيام بمهمة تبليغ أحكام الشريعة الإسلامية، وبيان مقاصدها وإبراز سماحتها ووسطيتها واعتدالها، والمساهمة في الحفاظ على الوحدة الدينية للمجتمع وتماسكه ضمن ثوابت الأمة، والمشاركة في الأنشطة الدينية والتربوية والثقافية. وتناط بالمعهد أيضا، مهمة تكوين وتأهيل واستكمال تكوين القيمين الدينيين الأجانب، حيث يوفر نوعين من التكوين، هما تكوين أساسي مدته سنة للطلبة المغاربة، وسنتان لطلبة إفريقيا، وثلاث سنوات للطلبة الفرنسيين، إلى جانب تكوين قصير المدى ومدته ثلاثة أشهر على الأقل، يستفيد منه الأئمة المزاولون للإمامة والخطابة في بلدانهم، والذين يقصدون المعهد لاستكمال الخبرة وتعميق الفهم والمكتسبات.
ويفتح التكوين الأساسي للمغاربة في وجه حملة الإجازة، المسلمة من إحدى الجامعات المغربية أو شهادة أخرى معادلة، الذين لا تتعدى سنهم خمسا وأربعين (45) سنة والحافظين لكتاب الله كاملا بالنسبة للطلبة الأئمة، ولنصفه على الأقل بالنسبة للطالبات المرشدات، المتمتعين جميعا بالحقوق المدنية، المتصفين بأخلاق حميدة والمتوفرين على القدرات البدنية اللازمة. ويعد هذا التكوين اللبنة الأولى في تأهيل الأئمة المرشدين والمرشدات، بما يكفل تطوير التوعية الدينية وتوجيه الوعظ وتحسين الإرشاد الديني. وهو تكوين لم يعرف المغرب له مثيلا من قبل.
ويروم تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات تمكين حاملي شهادة الإجازة أو ما يعادلها من العمل في مجال الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد، والتدريب على التطبيق العملي للمعلومات النظرية المقررة في البرنامج، والتعرف على ظروف العمل وشروطه وضوابطه في ضوء الرسالة المنوطة بهم.
كما يتوخى هذا التكوين التعود على طبيعة العمل والإيمان به لقداسته وأهميته والتشرف بالانتساب إلى سلك العاملين به، والتنمية العلمية والعملية للأئمة المرشدين والمرشدات، وتزويدهم بالمهارات التي تؤهلهم لتكوين أئمة آخرين.
ويهدف من جهة أخرى، إلى تكوين أئمة مرشدين ومرشدات من أهل الورع والتقوى والاستقامة فضلا عن العلم والدراية بشؤون الدين ومستجدات العصر، قادرين على المساهمة في استتباب الأمن الروحي والطمأنينة في نفوس المواطنين وتنزيه المسجد من كل ما قد يخل بحرمته.
ويشتمل برنامج الدراسة على دروس نظرية ومحاضرات وندوات وأيام دراسية وتداريب تطبيقية، حيث يتضمن التعليم النظري مواد في العلوم الشرعية ومداخل للعلوم الإنسانية الضرورية واللغات والإعلاميات. وبأمر من أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تسهر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تكوين الأئمة المرشدين المرشحين لتأطير الجنود في صفوف القوات المسلحة الملكية، كما تقوم، تنفيذا للأمر المولوي السامي، بتنظيم دورات تأهيلية للمؤطرين الدينيين العاملين في صفوف هذه القوات، وذلك بتنسيق تام مع المصالح المختصة في القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية.
وفي سياق الحرص على تعزيز التأهيل والترشيد للقائمين بالتأطير الديني داخل المؤسسة العسكرية، تم إعداد مشروع دليل لهؤلاء المؤطرين يذكر بالمبادئ العامة للإمامة والإرشاد الديني في إطار ثوابت المملكة المغربية، ينتظر أن تتم المصادقة عليه.
وتعزيزا للروابط الأخوية الوثيقة ولعلاقات التعاون المتميزة التي تجمع المملكة ببلدان شقيقة وصديقة، يحتضن المعهد، بالإضافة إلى تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات المغاربة، تكوينا خاصا بأئمة أجانب من دول إفريقية وأوروبية وغيرها.
وقد استفاد من التكوين الأساسي والمستمر بالمعهد 1490 طالبا أجنبيا، منهم 65 طالبة مرشدة أجنبية موزعين على دول منها مالي (399)، غينيا (311)، كوت ديفوار (294)، اتحاد مساجد فرنسا (65) والسينغال (139).
كما استفاد من دورات استكمال التكوين المستمر كبار الأئمة الغينيين البالغ عددهم 35 إماما، اتحاد مساجد فرنسا (24)، نيجيريا (107)، تشاد (79) وتونس (37). وتم تسليم شهادات استفادتهم من استكمال التكوين والتكوين المستمر بالمعهد.
وينظم المعهد، بتنسيق مع المكتب الوطني للتكوين المهني، أطوارا قصيرة للتكوين المهني في شعب الكهرباء والخياطة والفلاحة والإعلاميات، ي ؤطرها أساتذة من المكتب، حيث استفاد من هذا التكوين 301 من الطلبة.