إذا كانت فكرة نقل 130 كلم من الحمولات بدون قطرة وقود تبدو طوباوية، فإنها تبلورت في ذهن شاب مغربي مقيم في الخارج، وتجسدت على أرض الواقع، من خلال تصميمه لدراجة هوائية بثلاث عجلات تقدم كوسيلة جديدة للنقل “صديقة للبيئة” عملية واقتصادية.
فمع الوعي بهشاشة وسائل النقل في المغرب، انخرط إبراهيم البلغيتي، البالغ من العمر 29 سنة، في هذه المغامرة التي أطلق عليها باللهجة الدارجة المغربية اسم “بيكالتي/دراجتي”.
وقال السيد البلغيتي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، “منذ سنة تقريبا، أدركت بأن هناك حاجة في مجال النقل الإيكولوجي بالنظر لصعوبة نقل ليس فقط حمولة ثقيلة ولكن أيضا الحجم”.
وتتميز “بيكالتي”، هذه الدراجة الهوائية التي تذكر بالنماذج العتيقة التي كان يتفاخر بها الأطفال المغاربة سنوات ال70 و80 من القرن الماضي، بتوفرها على عجلتين في الأمام واللتين بإمكانهما دعم “مقصورة” تصل قدرتها على شحن 130 كلم من البضائع وغيرها.
وأوضح هذا المهندس الصناعي، المقيم بفرنسا، أنه فضلا عن البعد الإيكولوجي البيئي، فإن هذا النموذج ذو ثلاث عجلات يسعى لأن “يكون بديلا لكافة الأشخاص الذين ليس لديهم الإمكانية، ولا القدرات التقنية لقيادة مركبات آلية”.
ويرتكز تصور “دراجتي” في المقام الأول على استخدام مواد صديقة للبيئة، على غرار الألومنيوم، وهي مادة خام “مستدامة وقابلة لإعادة التدوير باستمرار”، مبرزا أن هذه الدراجة ذات ثلاث عجلات يتم تصنيعها في وحدة إنتاج في القنيطرة من قبل مناولين وصناع تقليديين محليين.
وسجل أنه “من أجل نقل 130 كلغ في المغرب، اليوم، فمن الضروري القيام بإصدار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن بفضل وسيلة النقل الجديدة هاته، سيكون بمقدور المستعملين نقل حمولات دون التفكير في تكاليف الوقود”.
وأبرز هذا الشاب المقاول، الذي يمتلك خبرة في مجال الأعمال، أن هذه الدراجة ذات ثلاث عجلات التي تحمل علامة “صنع في المغرب” تم تصميمها أيضا في أفق الحد من كافة الإكراهات المتعلقة بالأنظمة، خصوصا البطاقة الرمادية والزيارات التقنية ورخصة القيادة والتسجيل وغيرها.
وأضاف أنه “لا توجد أي صعوبة فى استعمال هذه الدراجة أو أي قيود لنقلها”، معتبرا أن هذا المنتج يمكن أن يكون ذا فائدة بالنسبة للأشخاص من مختلف الفئات العمرية ولخدمة أغراض مختلفة.
وقال الرئيس المؤسس ل”دراجتي” أنه بإمكان “سيدة موقرة ومسنة التي لم يسبق لها قيادة دراجة هوائية، والتي ترغب فقط في نقل أنبوبة غاز أو مقاول الذي يخطط لإنشاء مشروع لوجستيكي حضري لتوزيع الصحف والحلويات وتسليم البيتزا، … أو حتى باقات الزهور”، الاستفادة من هذه الدراجة ثلاثية العجلات.
وعبر عن اعتزازه لكون تصميم هذا المشروع جذب العديد من المستهلكين اعتبارا للطلبات العديدة التي تم تلقيها، مشيرا إلى “أننا نعمل مع كافة الطلبات من كل أنحاء العالم”، وأن شركته تتلقى طلبات من البلدان الاسكندنافية وألمانيا وفرنسا وبعض البلدان في إفريقيا جنوب الصحراء، وأساسا من كوت ديفوار وبوركينا فاسو.
ومن أجل تلبية هذه الطلبات العديدة، تعتزم شركة “بيكالتي” افتتاح أول وحدة تسويقية في جماعة القنيطرة في فاتح نونبر الجاري لمواجهة الطلب الآخذ في التزايد مع بروز شركات خضراء في المغرب.
وبالنسبة للأشخاص الذين يترددون في الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، أجاب إبراهيم بنبرة ملؤها الثقة أنه “لا توجد صعوبة في الاستثمار في المغرب في مشروع بيئي”.
ويرى هذا الشاب، المنتمي للمغاربة المقيمين بالخارج، في بلده الأصلي أرضا تتيح فرصا للمستثمرين، بالنظر للاستراتيجيات المعتمدة في مجالي البيئة والاستثمارات.