واستهل الخطيب خطبتي الجمعة بالتذكير بأن من أيام الله البارزة والمشهودة في تاريخ المغرب الحافل بالأمجاد والمكرمات، يوم سادس نونبر من كل سنة، الذي ستخلده الأمة المغربية بعد يومين، مستحضرة فيه ذكرى من أعز ذكرياتها الوطنية المجيدة، ذكرى انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة.
وأبرز الخطيب، في هذا الصدد، أن هذه المسيرة كانت ملحمة وطنية مجيدة، شعارها القرآن، وركيزتها الإيمان، وغايتها تحرير الأرض والإنسان، وصلة الرحم مع سكان الأقاليم الجنوبية الأصلاء البررة الأوفياء، الذين حافظوا على التعلق بوطنيتهم المغربية الصادقة، وبرهنوا على الولاء الدائم والإخلاص المتجدد لملوك الدولة العلوية الشريفة، والتشبث بالوفاء بالعهد الذي هو في ذمتهم للعرش العلوي المجيد، عملا بقوله تعالى “وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا”.
وأوضح أن ملحمة المسيرة الخضراء المظفرة تعتبر نموذجا فريدا من إبداعات العرش العلوي، وواحدة من عبقريات جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله تراه، كما ستظل نصرا عزيزا وفتحا مبينا لعرش وشعب متحابين، متراصين ومتفانين.
وقال، في هذا السياق، ” وها هو خلف الحسن الثاني ووارث سره البار، أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يواصل الجهاد الأكبر بمسيرات متتاليات : مسيرة التنمية الاجتماعية، مسيرة القضاء على أسباب الهشاشة والإقصاء، مسيرة تكريم المرأة، مسيرة تنمية الاقتصاد وتأهيل المجتمع، مسيرة التنمية البشرية، مسيرة إصلاح القضاء إيمانا من مولانا أمير المؤمنين بأن العدل أساس الملك، مسيرة إصلاح التعليم وتطويره، إلى غير ذلك من المسيرات المتلاحقات التي تستلهم من المسيرة الخضراء روحها ونهجها، وتعبئتها وحماسها، لعل أهمها مسيرة إصلاح الإدارة القائمة على ربط المسؤولية بالمحاسبة، التي أعلن عنها مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة في خطابه المجيد بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية 2017-2018″.
وأضاف أنه “نحمد الله تعالى في هذا البلد الأمين على أن أمير المؤمنين حفظه الله، حريص على رقابة سلوك المكلفين بالتدبير العمومي من حيث قيامهم بمسؤولياتهم، يسدد تلك المسيرة ويقوم اعوجاجها عند الاقتضاء، ويجدد فيها نشاطها وحيويتها، ويبقى على الأفراد والجماعات، كل في موقعه، أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة، وعدم الاكتفاء بإلقائها على جهة واحدة، وزارة كانت أو مؤسسة أو قطاعا من القطاعات”.
وسجل أن من شأن الالتزام بمحاسبة النفس أولا ثم محاسبة الغير ثانيا، أن يجنبنا الوقوع في أمراض خلقية جماعية كالزور والبهتان والوقيعة والتواكل والظهور دائما بمظهر الضحية، وكلها، وما يشبهها من الأمراض، متأصلة في عدم تربية النفس التي وصفها الله بالأمارة بالسوء إذا لم تتطهر، وباللوامة إذا اجتهدت في محاسبة نفسها، وبالمطمئنة إذا وصلت إلى الغاية القصوى من التزكية.
وأبرز أن ما ينبغي التنبه له هو أن كل محاسبة تبدأ من محاسبة النفس، مبرزا أن الإنسان إذا لم يتمرن على محاسبة نفسه فإن انحرافه يظهر في ميله إلى اتهام غيره وإسقاط كل مشاكله على ذلك الغير، ولاسيما على المكلفين بالتسيير والتدبير العمومي في بلده.
وفي الختام، ابتهل الخطيب إلى الله تعالى، بأن ينصر أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وأن يحفظ جلالته في ولي عهده صاحب السمو الملكي، الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بصنوه السعيد صاحب السمو الملكي الأمير المجيد مولاي رشيد، وسائر أسرته الملكية الشريفة.
كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة فقيدي الأمة والإسلام جلالة المغفور لهما الملكين محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما، وبوئهما مقعد صدق عنده.
وكان قد تقدم للسلام على جلالة الملك بمدخل المسجد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد احمد التوفيق ، والحاجب الملكي الشريف سيدي محمد العلوي ، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السيد موسى فاكي محمد، وكبير مستشاريه الاستراتيجيين السيد محمد حسن اللبات.