أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مونية بوستة، اليوم الأربعاء 06 دجنبر بالرباط، أن أقرب وأنجع طريق للاندماج الإفريقي يجب أن ينبني على العمل المشترك القائم على الانخراط في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضحت بوستة، خلال ندوة دولية حول موضوع “الاندماج الإفريقي.. التحدي الكبير”، نظمتها لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب بتنسيق مع النادي الدبلوماسي المغربي، أنه أصبح من الضروري، تحقيقا لهذه الغاية، الاستثمار في الحكامة باعتبارها القاعدة المهيكلة والضرورية لتحديث وتقوية المؤسسات، فضلا عن تطوير ميكانيزمات مالية مبتكرة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات القارة.
وأبرزت أن المغرب، وعيا منه بانتمائه العميق لإفريقيا، عمل منذ استقلاله على توطيد علاقاته التاريخية والثقافية والتعاون مع البلدان الإفريقية، مشيرة إلى أن السياسة الخارجية للمملكة طالما اتسمت بالدعم والتضامن من أجل حرية ووحدة واندماج القارة.
وشددت على أن المغرب كان وسيبقى دائما ملتزما بقضايا القارة، مدافعا بكل التزام عن تطلعاتها وانشغالاتها في المحافل الدولية، وساهرا على القيام بالعديد من المبادرات الهادفة إلى حفظ الأمن والسلم القاريين، وتوفير شروط الإقلاع التنموي والاقتصادي لإفريقيا.
وذكرت أنه منذ 2002، أضحت إفريقيا الوجهة الأولى للجولات الملكية، حيث قام الملك محمد السادس بأكثر من 50 زيارة لأكثر من 25 بلدا إفريقيا في مختلف ربوع القارة، موضحة أن هذه الزيارات لم تأت بمحض الصدفة، بل كانت ثمرة اختيار إرادي هادف إلى اندماج إفريقي بحت.
وسجلت كاتبة الدولة أن الزيارات الملكية للبلدان الإفريقية، والتي تحرص على إشراك الفاعلين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص، ساهمت في بلورة الرؤية الملكية للقارة من خلال رؤية إيجابية تثق في قدرات وطاقات القارة وتثمن التطور الديمقراطي والاقتصادي لإفريقيا وتؤمن بدينامية مجتمعها المدني ونسيجها القطاعي.
كما تنبني الرؤية الملكية، تضيف بوستة، على العمل في إطار التعاون جنوب-جنوب، باعتباره شراكة فعالة قائمة على مبدأ رابح-رابح، ومحورا مستقلا وأساسيا في التعاون الدولي، ورافعة أساسية للتنمية المشتركة للقارة الإفريقية.
وشددت بوستة على أنه بفضل الانخراط الملكي القوي عزز المغرب في إطار سياسته الإفريقية مجالات التعاون بين المملكة وباقي بلدان القارة، مبرزة أن الشبكة الدبلوماسية المغربية في إفريقيا تطورت، حيث بلغت لحد الآن 29 سفارة تشكل ثلث التمثيل الدبلوماسي المغربي في العالم، منها 5 سفارات جديدة فتحت سنة 2016 بالموزمبيق، ورواندا، وأوغندا، وبنين، وتنزانيا.
بالمقابل، تضيف كاتبة الدولة، بلغ عدد سفارات الدول الإفريقية المعتمدة بالمغرب 32 سفارة، مما يجعل الرباط عاصمة دبلوماسية إفريقية بامتياز، فيما تضاعف عدد المغاربة المقيمين بإفريقيا جنوب الصحراء ثلاث مرات في ظرف 12 سنة، حيث ارتفع إلى 15.586 مقابل 4.500 سنة 2005.
بالموازاة مع السياسة الجديدة للمملكة في مجال الهجرة واللجوء، تقول بوستة، تمت تسوية وضعية الآلاف من المواطنين الأفارقة المقيمين بالمغرب، بشكل ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية التي تجعل من التنمية البشرية وضمان كرامة الإنسان ورفاهيته، صلب السياسة المتبعة من طرف المملكة على المستوى الوطني والجهوي والقاري.
وأشارت إلى أن المغرب يراهن من خلال عودته الرسمية سنة 2017 إلى أسرته ومكانه الطبيعي “الاتحاد الإفريقي”، على تعزيز الوحدة الإفريقية، عبر الانخراط في مشاريعه وأوراشه الاندماجية، على غرار خلق منطقة التبادل الحر القارية، والبرامج القطاعية الكبرى المهيكلة. وأضافت أن المغرب ينتظر أيضا أن ينظم بصفة قانونية إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، خلال القمة المقبلة لهذا التجمع الإقليمي المرتقب انعقادها يوم 16 دجنبر 2017 بالعاصمة النيجيرية أبوجا، موضحة أن طموح المغرب للحصول على العضوية الكاملة بهذا التكتل الإقليمي يعكس تشبثه القوي بمسار الاندماج الإفريقي، باعتباره رافعة للإقلاع الاقتصادي وتحقيق التنمية والاستقرار.
يشار إلى أن أشغال هذه الندوة تواصلت في جلستين ناقشت الأولى عدة مواضيع من قبيل “القطاع المصرفي والمالي : البنك الافريقي للتنمية ودوره في الاندماج الافريقي”، و”دور الاتحاد الافريقي في تحقيق الاندماج الافريقي”، و”دور المؤسسات الوطنية في الاندماج الافريقي : البرلمانات المجالس الجهوية الاحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني”، و”الاندماج الافريقي دعامة للامن والاستقرار واحترام الوحدة الترابية للدول الافريقية” و”دور العنصر البشري في الاندماج الافريقي : المرأة والشباب”.
أما الجلسة الثانية فقد انكبت على تدارس قضايا تهم على الخصوص “منافذ الاندماج الاقتصادي الإفريقي” و “المشاريع العابرة للحدود كأداة لإندماج إفريقيا” و “الاندماج الافريقي الكامل : مواجهة التهديدات الأمنية”.