معبر “باب مليلية” الحدودي الحلم في عبور ضفة الأحلام

من مختلف مدن المملكة، ومن الجزائر أيضا، أطفال قاصرون وشباب في زهرة العمر يقصدون البوابة الحدودية “باب مليلية”، ببني إنصار، نواحي الناظور، من أجل العبور إلى الضفة الأخرى، على أمل البحث عن عيش كريم، وضمان مستقبل زاهر.

أمام أنظار السلطات المحلية والأمنية، أطفال وشباب تتراوح أعمارهم بين 14 سنة و24 سنة، غادروا المدارس والثانويات، هاربين من دفء العائلات، ليتربصوا في شوارع الناظور بالحافلات والشاحنات المتجهة نحو أوروبا، عبر السفن الراسية بميناء بني إنصار، والمتجهة نحو ميناء مليلية المحتلة، مخاطرين بحياتهم من أجل التسلل إليها، غير مكترثين بالمخاطر والصعوبات.

ويلجأ العديد من هؤلاء إلى التمسك بهياكل الحافلات والشاحنات، والارتماء تحتها، غير مكترثين بالدخان الذي تنفثه والحصى المتطاير من العجلات، ليختبئوا في أماكن أسفلها في غفلة من المراقبين والسلطات الأمنية؛ في حين يلجأ معظم القاصرين الذين تقل أعمارهم سن 15 سنة إلى القفز في مياه البحر والإمساك بجنبات البواخر، في انتظار إقلاعها، لكن أغلبهم يقعون في قبضة الإسبان، ليتم إيداعهم مركزا لإيواء القاصرين بمليلية السليبة.

وخلال إعدادها هذا الروبورتاج، صادفت هسبريس عددا من الحالمين بالوصول إلى الضفة الأخرى، الوافدين من مختلف مدن المملكة، كمراكش وفاس والدار البيضاء والرباط وأكادير وتازة ووجدة…ومن دولة الجزائر كذلك؛ لكل منهم حكايته، غادروا مدارسهم وعائلاتهم مجبرين لا أبطال، بسبب الفقر المدقع، ليصبح ملاذهم وحلمهم الوحيد هو العبور إلى الضفة الأخرى، بحثا عن فرص عمل وحياة أفضل، غير مكترثين بالمخاطر التي تهدد سلامتهم الصحية وحياتهم، وطامعين في مستقبل مجهول؛ وسبب ذلك غياب مرافق الترفيه والتربية والحق في أبسط أمور العيش الكريم والحقوق التي تنص عليها المواثيق الدولية من أجل حمايتهم من مخالب الضياع والتشرد.

وفي تصريح لهسبريس أدلى به رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، عمر الناجي، أكد أنه “تم فعلا في الآونة الأخيرة تسجيل توافد عدد كبير من القاصرين من مختلف مدن المغرب على الناظور، لغرض واحد هو العبور إلى مليلية، ثم الهجرة نحو إسبانيا”، وأكد كذلك أن “الوافدين ليسوا أطفالا متشردين، بل ينتمون إلى عائلات من مختلف مدن المغرب”.

ووصف الفاعل الحقوقي العملية بـ”الهجرة الخطيرة جدا”، وأكد أن “العبور يكون في ظروف صعبة؛ إما بالاختباء داخل السيارات، أو تحت الشاحنات والحافلات”، مشيرا إلى “الاعتداءات الجنسية التي تطال القاصرين داخل مليلية”، ولافتا إلى أنه “رغم توفر مليلية على مركز لإيواء الأطفال القاصرين، إلا أنه لا يستطيع استيعاب الكم الهائل المتدفق عليه”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “الجمعية سجلت حالات وفايات عدة في صفوف الأطفال الراغبين في الهجرة”، مشددا على أن تواجدهم بالناظور وبني إنصار “خرق سافر لحقوق الطفل التي تضمنها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي صادق عليها المغرب، باعتبار مكانهم الطبيعي هو المنزل والمدرسة عوض الشارع”.

وحمل رئيس فرع الجمعية الحقوقية المسؤولية للسلطات المغربية الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل، “التي تتضمن مجموعة من الالتزامات الصريحة الواجب على السلطات المغربية القيام بها”.

عن موقع: فاس نيوز ميديا