من المرتقب أن يمثل أربعة صحافيين، بتاريخ 25 مارس 2018، أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، بعد اتهامهم من قبل النيابة العامة بنشر معلومات مرتبطة بعمل لجنة تقصي الحقائق حول صناديق التقاعد التي أحدثها مجلس المستشارين في وقت سابق.
تأكيد الخبر
وأوضح الصحفي عبد الحق بلشكر، أحد المعنيين بالمتابعة، أنه تم استدعاؤه إلى جلسة 25 يناير 2018 بتهمة تسريب معطيات ومعلومات حول عمل لجنة تقصي الحقائق بخصوص صندوق التقاعد بعد شكاية من رئيس مجلس المستشارين لدى النيابة العامة بناء على تقرير رئيس اللجنة، مضيفا أنه تم الاستماع للصحافيين المعنيين، شهر غشت 2017، من قبل الشرطة القضائية، التي أحالت بدورها الملف على النيابة العامة قبل أن يصل إلى المحكمة التي حددت 25 يناير الجاري موعدا للجلسة.
خلفيات المتابعة
وحول خلفيات هذه المتابعة، قال بلشكر، في تصريح لـpjd.ma، “بالنسبة لنا غطينا جلسة الاستماع لابن كيران بخصوص صندوق التقاعد من جانب إخبار الرأي العام، وثانيا نحن لم ندخل في تفاصيل المعطيات بل تحدثنا فقط عن وقوع بوليميك ومشادات كلامية ولاشيء آخر”، معتبرا أن “المتابعة تأتي في سياق صراع سياسي كان قائما في ذلك الوقت بين البام ورئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بن كيران”.
قانون الصحافة أولا
من جهته اعتبر محسن مفيدي، عضو الفريق النيابي للعدالة والتنمية، أن بوادر الحديث عن متابعة هؤلاء الصحفيين وفق القانون الجنائي يضرب في العمق الإصلاحات التي عرفها مجال الإعلام والصحافة والنشر في المغرب على عهد الحكومة السابقة، مشيرا إلى أن روح الإصلاح التي طبعت المرحلة تقتضي متابعة هؤلاء الصحافيين وفق قانون الصحافة والنشر.
السرّية.. بين البرلماني والصحافي
وبعدما أكّد مفيدي، في تصريح لـpjd.ma، أن أشغال لجنة تقصي الحقائق، وبحكم القانون، مشمولة فعلا بالسرية، فقد أوضح بالمقابل أن المعني بهذه السرية هم أعضاء اللجنة من البرلمانيين وليس غيرهم من خارج المؤسسة التشريعية، على اعتبار أن دور الصحفيين هو البحث عن المعلومة خاصة في القضايا الحساسة التي يتابعها الرأي العام الوطني، والتي من المفروض أن يشملها التواصل مع الرأي العام بواسطة الآليات المتاحة.
دعوة إلى مراجعة “السرية”
وأبرز مفيدي، أن أعمال لجنة تقصي الحقائق حول صندوق التقاعد لا ترقى إلى درجة الأسرار الكبرى للدولة التي من شأن تسريب معطيات عنها إرباك مؤسساتها، مضيفا بالقول إن الصحافيين اكتفوا بنشر المعلومات وليس المحاضر الرسمية، وإن كانت هناك من متابعة فالنص القانوني الذي وجب أن يحكم الواقعة، ديمقراطيا وحقوقيا، هو قانون الصحافة والنشر.
وشدّد مفيدي على أنه آن الأوان لطرح مسألة سرية أشغال لجان التقصي البرلمانية للنقاش، بحكم أن الرأي العام الوطني متعطش للمعلومة التي وجب توفيرها من باب الوضوح والمسؤولية، مع إمكانية استثناء المؤسسات الإستراتيجية للدولة خاصة تلك التي تهمّ الدفاع والوحدة الوطنية.
رأيٌ مختص
وبدوره أبرز المحامي عبد الصمد الإدريسي، أنه بعد سنة فقط من دخول قانون الصحافة والنشر حيز التطبيق، تبين من خلال ملفين فقط (ملف شباب الفيسبوك وملف الصحفيين الآن)، أن البون شاسع بين إرادة المشرع وما كنا نظن أن مقتضيات القانون توفره من ضمانات من جهة، وبين قراءة النيابة العامة التي اعتبرها “متعسفة”.
واستهجن الإدريسي، في منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، عملية تكييف الوقائع، مضيفا بالقول “لسان حالهم يقول شرعوا ما شئتم وكيفما أردتم… لنا سلطة الملاءمة لا تخضع لرقابة ولا محاسبة”.
شرارة الموضوع
وكانت النيابة العامة قد استمعت صيف السنة الماضية، شهر غشت 2017، إلى أربعة صحافيين بمنابر إلكترونية وورقية، على خلفية الشكاية التي رفعها رئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماس إلى النيابة العامة بناء على تقرير لرئيس لجنة تقصي الحقائق حول صندوق التقاعد، وذلك بتهمة نشر معلومات تخص اشتغال لجنة تقصي الحقائق، على هامش استماع اللجنة المعنية لرئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، بخصوص صندوق التقاعد.
عقوبات القانون
ويتابع الصحفيون الأربعة وفق المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، والتي تنص على أنه يعاقب بغرامة من 1.000 إلى 10.000 درهم وبالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص قام، مهما كانت الوسيلة المستعملة، بنشر المعلومات التي تولت اللجنة جمعها.