قال الباحث بمركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، السيد علي موريف، إن الاحتفال بالسنة الأمازيغية يعد احتفاءا بالأرض باعتبارها مصدرا للحياة والاستمرارية والوجود.
وأوضح السيد موريف، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه بالرغم من هجرة العديد من السكان الأمازيغ لقراهم نحو المدن لاعتبارات اقتصادية مرتبطة بتنمية وسائل العيش والرفاه، فإن ارتباطهم وحنينهم إلى الجذور ظل راسخا، وهذا جانب يظهر جليا في احتفالات السنة الأمازيغية.
وأشار إلى أن المظاهر المختلفة للاحتفال بهذه المناسبة تعزى إلى الجانب الجغرافي والبيئي والطبيعي بالدرجة الأولى، مبرزا في هذا السياق أن هناك مناطق تحتفي بهذه المناسبة من خلال الابتهالات ومسابقات الخيل (تاغزوت) وأحواش وأحيدوس.
أما في ما يخص الأطباق التقليدية التي يتم إعدادها في هذه المناسبة، ذكر الباحث طبقي “أوركيمن” و “تاكولا” المعروفين في المناطق التي يرتبط إنتاجها الزراعي بالشعير، إضافة إلى طبق “تغرسي” المنتشر في المناطق التي تشتهر بتربية المواشي، فضلا عن الاحتفال بأنواع عدة من الزيوت كأركان وزيت الصبار (أكناري) والمنتوجات المحلية.
واعتبر السيد موريف أن الاحتفال بهذه المناسبة يكتسي بعدا تاريخيا مرتبطا بسنة 950 قبل الميلاد، والتي شهدت دخول الملك الأمازيغي شيشنق مصر وتأسيسه هناك للأسرة الفرعونية الثانية والعشرين والتي امتد حكمها من 950 ق.م إلى 817 ق.م. بعدها، تولى الأمازيغ سدة حكم مصر الفرعونية من خلال الأسرتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين.
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث ذاته أن الحقوق الاجتماعية المرتبطة بعلوم الإنسان، بما فيها السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا واللسانيات التاريخية، أفرزت الاهتمام المتنامي بالاحتفال بالسنة الأمازيغية، مشيرا في هذا الاتجاه إلى البعد الحقوقي المرتبط بالأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، أي تلك التي تهم الحقوق اللغوية والثقافية والهوياتية.
وأبرز أن الثقافة اللامادية أضحت رأسمال حقيقيا للشعوب، مستشهدا في هذا الصدد بالأهمية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطبه لتثمين هذا الرأسمال، معتبرا أن الاحتفال بالسنة الأمازيغية يعكس الخصوصية الثقافية والوطنية المغربية.
وسجل السيد موريف أن السنوات الأخيرة عرفت عدة مستجدات، من بينها دستور 2011 الذي كرس الوجود الدستوري للهوية الأمازيغية، وثمن في نفس الوقت مختلف الجوانب اللغوية والثقافية والتاريخية والهوياتية التي تزخر بها المملكة.
وخلص إلى الدعوة للاحتفال بالسنة الأمازيغية كعيد وطني، مبرزا أن هذا المطلب من شأنه تقوية اللحمة الوطنية والمسلسل الديمقراطي الذي انخرطت فيه المملكة.