بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، زيارة دولة إلى تونس، تستغرق يومين، تعد الأولى التي يقوم بها لتونس منذ توليه منصبه في ماي الماضي.
ويرافق الرئيس الفرنسي في هذه الزيارة، وفد رفيع المستوى يضم على الخصوص عددا من الوزراء والبرلمانيين والجامعيين، فضلا عن ممثلي عدد من كبريات المجموعات الاقتصادية الفرنسية.
وذكر بلاغ لرئاسة الجمهورية التونسية أن هذه الزيارة، تأتي “في إطار الإرادة المشتركة للجانبين التونسي والفرنسي في دعم علاقات التعاون الثنائي وتنويع مجالاته ومزيد تكريس سُنة التشاور السياسي بين البلدين والتباحث في المسائل ذات الاهتمام المشترك”.
وسيوجه الرئيس الفرنسي في هذه الزيارة رسالة تشجيع لمسار الانتقال الاقتصادي والديمقراطي الذي تعيشه تونس، وفق ما أكدته وزارة الشؤون الخارجية التونسية.
وسيلتقي ماكرون بالرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، وسيتم التطرق بالخصوص إلى قضايا تتصل بالدفاع والأمن والاقتصاد والتربية والتعليم العالي والثقافة والوضع بمنطقة شمال إفريقيا لاسيما منها ليبيا.
وسيلقي الرئيس الفرنسي غدا الخميس خطابا أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) خلال جلسة عامة استثنائية، وسيتطرق إلى التعاون بين تونس وفرنسا وآفاق تطويره.
وأكد الرئيس ماكرون في حديث لصحيفة “الشروق” التونسية نشرته، اليوم ، أن “الصداقة الفرنسية التونسية مثل دعم فرنسا لتونس، ليست مجرد كلمات. فهي تجد ترجمتها كل يوم في أعمال ملموسة: تلك التي تجعل من فرنسا، إلى حد بعيد، أول شريك اقتصادي وتجاري لتونس”.
وأضاف ماكرون أنه ينتظر من هذه الزيارة أن يفهم “بشكل أفضل تحديات تونس واحتياجاتها”، مشيرا إلى أنه سيتم إبرام اتفاقيات من شأنها أن “تسمح للعلاقات الفرنسية التونسية بالوصول إلى مستوى جديد”. ومضى قائلا: “أريد أن أساهم بشكل ملموس في تعزيز الاقتصاد وتقديم إجابات للشباب: المزيد من الفرص، والمزيد من النشاط”.
وسيشارك الرئيس ماكرون مع رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد في المنتدى الاقتصادي التونسي الفرنسي، الذي يعد لقاء للأعمال بامتياز تنظمه الغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة بالتعاون مع مستشاري التجارة الخارجية بفرنسا.
وأعلنت سفارة فرنسا بتونس، أن وفد رجال الأعمال المرافق للرئيس ماكرون يضم ممثلي 20 شركة ومجموعة تعمل في قطاعات الصناعة والطاقة والبنية التحتية والخدمات والفلاحة.
وأوضحت السفارة “أنها أعدت برنامج لقاءات يشكل فرصة فريدة لأخذ صورة حول آفاق السوق التونسية وعقد علاقات شراكة”. وتتماشى القطاعات الممثلة في الوفد مع خارطة الطريق الاقتصادية التي سيوقعها الرئيسان التونسي والفرنسي خلال الزيارة.
وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند قام بزيارة إلى تونس في يوليوز 2013 وزار الرئيس التونسي فرنسا في أبريل 2015، ليعود إليها في دجنبر 2017 حيث شارك في القمة الدولية حول المناخ “قمة الكوكب الواحد”.
وتعتبر فرنسا أول شريك اقتصادي وأول بلد مستثمر في تونس، وتحتضن أكبر جالية تونسية بالخارج (حوالي 730 ألفا)، وفي المقابل يقيم حوالي 30 ألف فرنسي في تونس.
وتوجد بتونس حوالي 1400 شركة فرنسية توفر ما يناهز 136 ألف منصب شغل، وهي تعد بذلك أول مستثمر أجنبي في البلاد يوفر احتياطيا إجماليا للاستثمارات الخارجية المباشرة بقيمة 4ر1 مليار أورو سنة 2016. كما وفرت الاستثمارات الفرنسية في السنة الماضية 365 مليون دينار تونسي (122,5 مليون أورو) من حجم الاستثمارات، وهو ما يمثل 30 بالمائة من إجمالي الاستثمارات في البلاد.
وتعد فرنسا أيضا الممول الأول والزبون الأول لتونس، وتمثل أكثر من 15 بالمائة من حجم السوق في البلاد، حيث استقبلت 32 بالمائة من الصادرات التونسية سنة 2016. وبذلك يكون الميزان التجاري التونسي قد حقق فائضا مع فرنسا بقيمة 930 مليون أورو.
وفي الوقت الذي عرفت فيه المبادلات الفرنسية التونسية تطورا سنويا بمعدل 6 بالمائة، في الفترة الممتدة من 2005 إلى 2010، فان المبادلات التجارية تشهد حالة ركود منذ سنة 2011 بمعدل نمو سنوي ب 1 بالمائة.
وتظل فرنسا أكثر بلد يتوافد منه السياح الأجانب على تونس، رغم انخفاض نسق تدفقهم على البلاد منذ سنة 2011، وقد قام أكثر من 570 ألف سائح فرنسي بزيارة تونس سنة 2017، أي بزيادة تقدر ب 46 بالمائة مقارنة بسنة 2016.
وحسب السفارة الفرنسية بتونس، فإن فرنسا تتطلع إلى تعزيز استثماراتها بتونس في السنوات القادمة، خاصة عبر إعطاء الأولوية للاستثمارات الموجهة لتنمية السوق الداخلية التونسية، وذلك على أساس اتفاقيات مع الشركاء المحليين، على غرار قطاعي السياحة والتوزيع.