دورة فبراير العادية للمجلس الجماعي بمكناس طغى عليها احتقان الحراك الاجتماعي العمالي المتفاقم بالمدينة. وكان الملف العالق عن الحل لمعمل “سيكوميك” هو النقطة التي أسالت أحداث جمعة حصار رئيس المجلس الجماعي السيد عبد الله بوانو. فلم يكن احتلال مداخل القصر البلدي ب”حمرية” من طرف المحتجين إلا بعد شيوع خبر قرار دورة الجلسة المغلقة. فرغم الحوار الذي فتحه رئيس المجلس مع بعض ممثلي المحتجين، إلا أن المسعى باء بالفشل دون التوصل إلى حل توافقي يفك سد الحصار عن بوابات القصر البلدي.
خروج رئيس المجلس الجماعي عبد الله بوانو من الباب الرئيسي للقصر البلدي رغم كل الحشد الناقم من التسويف و الوعود غير المفعلة، كانت له دلالاته الرمزية في باب سياسية المواجهة ، وتمرير خطاب صريح وآخر مشفر إلى من يهمه الأمر. دلالة تتحدد في أن رئيس المجلس الجماعي بمكناس قادر على التفاعل مع كل احتجاج أو احتقان اجتماعي بالمدينة بضوابط الاختصاصات حين تفشل الوعود و الحلول الممكنة، أن الرئيس لن يتم تهريب خروجه من الباب الخلفي للقصر البلدي، أن الرئيس أعلن طلاقه لملف “سيكوميك ” وفك حبل الود من خلال توافد سماع شعارات جماعية.
الأزمة الاجتماعية بمكناس تزيد تكلسا و تكدسا. ساحات وممرات حراك الاحتجاجات العمالي كل يوم يلتحق بها فئات ممن أحسوا بالحكرة والظلم والقهر الاجتماعي، ممن يطالبون فقط بالعدالة والعيش الكريم، والحرية في تسويق مشكلاتهم الاجتماعية. فمن عمال “سيكوميك” والشهر الرابع للمشكلة القائمة بسد المعمل وتشريد العاملين، إلى مشاكل سوق الجملة للخضر، إلى مطالب تتنوع بين الأطر المعطلة و عمال النظافة، إلى المتضررين من هشاشة البنية التحتية بهوامش المدينة، واللائحة ممكن أن تمتد وتطول.
هي المشاكل المتفاقمة في شقها الاجتماعي وبعدها الاقتصادي التنموي والتي دفعت برئيس المجلس الجماعي بمكناس خلال افتتاح دورة فبراير- (والتي لم تعقد لا في موعدها ولا في مكانها المحدد)- أن يعلن من داخل قاعة الإسماعيلية أن “هناك أطراف سياسية ونقابية تستغل ملف “سيكوميك”. و مجلس جماعة مكناس سينأى بنفسه عن هذا المشكل ولن يتدخل مرة أخرى إلا في حدود اختصاصاته …”.
جدولة أعمال الدورة رغم أهميته فقد استحوذ عليه الوضع الاجتماعي المحتقن خارج أسوار قاعة الدورة. هو الاحتقان الاجتماعي الذي قال عنه أكثر من عضو بالمجلس على ضرورة مواجهته ولو بحدود الحلول في الشق الإنساني للعاملين والعاملات. نعم لا يمكن أن نفصل موضوع الاحتقان الاجتماعي بخانة التجزئة بين عمال “سيكوميك” والمشغلين، وبين من لهم علاقة ارتباط تشغيل مع المجلس الجماعي. لا يمكن أن تطغى علينا ردود أفعال لحظية ونطوح بمشكل “سيكوميك” نحو رب المعمل والسلطة المحلية . لا يمكن أن نكون أكثر قسوة على العمال وهم يكابدون الحكرة والقهر الاجتماعي وكفاف حيلة اليد. لا يمكن أن نحتمي بالاختصاصات المخولة لرئيس الجماعة ونستكين إلى الصمت و النأي عن إيجاد حلول توافقية جماعية ولو بصيغ دعم كريمة، ودق أبواب الحكامة والتشغيل.
لكن، كيف للمجلس الجماعي أن يعالج مشكلة الاحتقان الاجتماعي المتفاقم بمكناس في بعده الإنساني فقط ؟. هو السؤال الذي يجب التفكير فيه بالإبتكارية الجماعية، هي الإجابات المشتركة والمتضامنة بين الأغلبية والمعارضة، هي المسؤولية المزدوجة بين ممثلي مكناس في المجلس الجماعي وبين التمثيلية البرلمانية.
حين عبر أحد أعضاء المعارضة بالمجلس من خجل الإختباء بقاعة جماعة الإسماعيلية، وبتهريب جلسة الدورة إليها.، تلحظ أن هناك تباين في رؤى حلول المشاكل الاجتماعية للساكنة داخل مجلس جماعة مكناس، تلحظ أن التضامن الضمني للمجلس مع مشكل “سيكوميك” حاضر بالشمولية التامة بين كل الأعضاء، لكن مخارج الحلول للإشكالية فهناك تباين واضح، ويلقى بها إلى خارج أسوار الجماعة.
متابعة للشأن المكناسي
محسن الأكرمين (مقال رأي)
عن موقع : فاس نيوز ميديا