هل تشعر أنك استنفدت طاقتك في آخر يوم عمل في الأسبوع؟ وهل تشعر بالكسل في أشهر الصيف بالتحديد؟ يبدو أنك لست وحدك من يشعر بذلك.
عندما نخطط لأهدافنا في بداية كل عام، ينبغي أن نضع في الاعتبار أن هناك أوقاتا بعينها نكون فيها أكثر إنتاجية ونشاطا.
فقد أوضحت دراسة نشرت مؤخرا على موقع شركة “ريدبوث” لإدارة المشروعات، ومقرها كاليفورنيا بالولايات المتحدة، أن ذروة نشاط وإنتاجية العاملين في مؤسسة ما، تكون قبل الساعة 11 صباحا، وفي أيام الإثنين من كل أسبوع، وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وتوصلت الشركة لهذه النتيجة بعد تحليل بيانات المشروعات الخاصة بمئات الآلاف من العاملين الذين يستفيدون من خدمات الموقع الإلكتروني للشركة في التخطيط لأعمالهم، ومتابعة مستويات إنجازهم.
ويعمل مستخدمو ذلك الموقع الإلكتروني في مهن مختلفة، مثل التسويق، والهندسة، والتأمين الصحي، والمحاسبة، والمحاماة، ومهن أخرى متعددة.
هل نحتاج إلى ساعات نوم أقل كلما تقدم بنا العمر؟
لماذا يرتكب الأذكياء في أماكن العمل أخطاء قد لا يقع فيها آخرون؟
لكن القائمين على هذه الدراسة يؤكدون أنها دراسة واحدة فقط أجريت حول عاملين يستخدمون منصة إلكترونية واحدة، وبالتالي لا يمكن تعميم نتائجها في كل مكان
لكن مع ذلك، إذا شعرت بالتراخي في آخر يوم عمل كل أسبوع، أو في شهر أغسطس/آب، فاعلم أنك لست وحدك في ذلك.
لكن ما هو تفسير هذه النتائج؟
يقول جون ترغاكوس، وهو مدرس مساعد في مجال السلوك المؤسسي بجامعة تورونتو الكندية: “تتوافق هذه الأرقام مع أبحاث سابقة عن طاقة العاملين وإنتاجيتهم. فمثلا، هناك 75 في المئة من الناس يكونون في حالة انتباه وتركيز عقلي من الساعة 9 إلى 11صباحا، وذلك وفقا للإيقاع الدوري للساعة البيولوجية لدينا”.
ويعد الإيقاع الدوري للساعة البيولوجية هو المنبه الداخلي لدينا الذي ينبه أجسادنا لموعد الاستيقاظ، وموعد تناول الطعام، وموعد النوم، وذلك على مدار 24 ساعة.
وقد توصلت العديد من الدراسات إلى أن العمل الذي يتوافق زمنيا مع إيقاع ساعاتنا البيولوجية، يكون أكثر نشاطا وإنتاجية، وأقل إرهاقا.
حتى إن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا قد اهتمت بمراقبة الإيقاع الدوري للساعة البيولوجية لرواد الفضاء، وذلك بهدف تحسين نشاطهم وأدائهم، بالإضافة إلى الحفاظ على صحتهم.
وأضاف ترغاكوس: “عندما يصل الناس إلى العمل فإنهم غالبا ما يبدأون يومهم بتصفح بريدهم الإلكتروني، والاستقرار في مكانهم لبعض الوقت، وبعدها ينهمكون في تنفيذ مهام عملهم. ولذلك، فإن اعتبار الساعة 11 صباحا وقتا لذروة النشاط والإنتاج يبدو أمرا منطقيا”.
وتشير الدراسة إلى أن الفترة بين الساعة الثانية إلى الثالثة بعد الظهيرة، تقل فيها الإنتاجية بوضوح، “وهذا يفسر السبب وراء اعتبار هذا الوقت في كثير من الثقافات وقتا مناسبا للقيلولة”، كما يقول ترغاكوس.
متى تكون عقولنا في ذروة نشاطها؟
لكن ماذا تقول النتائج فيما يتعلق بالأيام، أو المواسم، أو الشهور؟ بالطبع هناك أوقات معينة في كل موسم، أو أسبوع، أو عام، يكون فيها الأداء العقلي في قمة نشاطه
يقول دون دراموند، وهو اقتصادي وأستاذ مساعد بجامعة كوينز في مقاطعة أونتاريو بكندا، إن هذه النتائج “تتوافق مع أبحاث أخرى معتبرة حول زيادة ونقصان حدة النشاط العقلي”.
ويعد يوم الإثنين أكثر أيام الأسبوع نشاطا وحيوية، “لأن الناس يكونون أكثر انتعاشا عقليا وجسديا في بداية كل أسبوع، ثم يتراجع أداؤهم تدريجيا بمرور أيام الأسبوع”، كما يقول دراموند.
كما تعكس مواسم السنة المختلفة أيضا تفاوتا طبيعيا في مستويات زيادة أو تناقص الطاقة العقلية والبدنية لدينا.
ويقول دراموند إن الناس يعودون من إجازات الصيف أكثر انتعاشا، ولذا يكونون أكثر إنتاجية في أوائل فصل الخريف.
وفي المقابل، يمكن لدخول فصل الشتاء، وما يصاحبه من حلول الظلام مبكرا كل ليلة، أن يُفسر تراجع مستويات الإنتاجية، والنشاط العقلي، وتقلب الحالة المزاجية.
ويقدم دراموند بعض المقترحات من أجل تعظيم الاستفادة من هذه النتائج، فيقول: “اسمحوا للناس بأن يقضوا الوقت المطلوب لإظهار قدراتهم الإبداعية في وقت مبكر من الأسبوع، ومن اليوم”.
ويضيف: “فليس من المفيد، على سبيل المثال، اختيار مثل هذه الأوقات لعقد اجتماعات مملة. وللآسف، هذا هو الوقت الذي تعقد فيه تلك الاجتماعات المملة بالفعل.”
إذا كانت هذه النتائج تبدو مألوفة، فأنت لست وحدك من يعتقد ذلك. فهي قد تساعد أعضاء فريق عملك في أن يكون أداؤهم أكثر قوة وعقلانية، حتى قدوم موسم الإجازات التالي