من جهته قال الخبير الاجتماعي عبد الرحمن رشيق الذي أصدر كتابا مرجعيا حول التحركات الاجتماعية، إن “الاحتجاجات الاجتماعية انتقلت من ظاهرة الشغب التي تتسم بعنف دام سواء من جانب السكان أو من جانب الدولة (…) إلى المظاهرات والاعتصامات والمسيرات، وميزتها التحركات الجماعية السلمية”.
ويعتبر رشيق أن خريجي الجامعات الشبان العاطلين عن العمل والتنظيمات النقابية “لعبت دورا كبيرا” في هذا التحول في نمط الاحتجاجات.
كما أن موقف الدولة حيال الحراك تطور. وحتى في أزمة الريف، حاولت السلطة -بموازاة تصديها بشدة للتحركات- التعامل معها بإطلاق، أو تحريك سلسلة من المشاريع الإنمائية.
وانطلاقا من ذلك، عمدت حتى الآن حيال جرادة إلى “حوار مفتوح”، وأعلنت السبت الماضي عن تدابير يفترض أن تلبي المطالب المرفوعة.
ولفت ظريف إلى أن الاحتجاجات “تجري جميعها في مدن صغيرة تعاني من التهميش والفقر وقصور في البنى التحتية”.
تهميش وعزلة
وفي دراسة صدرت عام 2010، لخصت الباحثتان الجامعيتان كارين بنعفلة ومونتسيرات أمبيرادور تعبئة سنوات الألفين فكتبتا أن هذه التحركات “تكشف عن الإحساس بالتهميش لدى سكان يعيشون في مساحات-هوامش، مناطق جبلية معزولة أو أرياف نائية، ويرسمون صورة مغرب وصف في زمن الانتداب بأنه غير مجدٍ، بعيدا عن حيوية محور الأطلسي الممتد بين طنجة والرباط والدار البيضاء”.
وتبقى هذه القراءة للأحداث صحيحة إلى اليوم من شدة ما تعانيه المملكة من تباين اجتماعي ومناطقي صارخ، على خلفية البطالة المتفشية بنسب مرتفعة بين الشباب. وأشار تقرير صدر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أن الفقر الشديد ما زال منتشرا في المناطق المعزولة من المغرب.
وأوضح رشيق أنه إذا كان السكان فيما مضى يرون الفقر “على أنه طبيعي، فإن عملية انفتاح النظام السياسي المتسلط، وارتفاع الأصوات (…) والأمل في تغيير ممكن، كلها تشكل العوامل الأولية التي تغذي الاستياء الجماعي”.
غير أن ظريف رأى أن “نموذج التنمية الاقتصادية غير المجدي هو نتيجة النموذج السياسي”، معتبرا أن “مراجعة النموذج الاقتصادي يجب أن تمر عبر خيارات سياسية جديدة من ضمنها إدخال الديمقراطية إلى المؤسسات وتوسيع نطاق الحريات”.