قدم عبد الله بوصوف الأمين العام الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج أمس الاثنين بمؤسسة ( البيت العربي ) بمدريد الترجمة الإسبانية لمؤلفه ” الإسلام والمشترك الكوني .. تسامح واحترام وعيش مشترك ” الذي يسلط الضوء على طبيعة الإسلام كدين سلام وحوار كما يقدم بعض صور التسامح التي حث عليها القرآن الكريم .
ويرصد عبد الله بوصوف في هذا المؤلف الذي صدر خلال شهر أبريل 2017 بفرنسا عن دار النشر ( بانتيون ) قيم ومبادئ التسامح والتعايش كما جاء بها الإسلام كديانة وحضارة منذ 14 قرنا بالرغم من بعض مظاهر الحصار التي عرفتها هذه القيم في فترات معينة .
وقدم المؤلف في هذا الكتاب الذي صدرت ترجمته الإسبانية عن دار النشر ( ديوان ) مجموعة من المقالات بلغة بيداغوجية موجهة إلى فئتين مختلفتين لكنهما متشابهتان في المغزى وفي الغاية ـ كما يقول ـ وهما أصحاب الفكر المتطرف ودعاة الغلو في الدين من جهة والعنصريين ممن يستغلون الإسلام للتخويف وبث الشك داخل المجتمع من جهة أخرى مشيرا إلى أن الهدف الأساسي من كل هذا هو سد الفجوة بين مضامين الإسلام الحقيقية الراسخة في النصوص القرآنية والسيرة النبوية والأحداث التاريخية وبين ما تقدمه وسائل الإعلام والأحزاب اليمينية التي تستغل الدين كشماعة للوصول إلى دغدغة مشاعر أفراد المجتمع من أجل مصالح سياسية .
وقال عبد الله بوصوف إن الإسلام ” هو مشروع حياة وليس مشروع موت ” مؤكدا أن عناصر السماحة والتعايش لم تغب عن الدين الإسلامي الذي كان رائدا في فكرة التعايش السلمي واحترام الآخر قبل فترة طويلة من بروز الديمقراطيات المعاصرة .
وتوقف المؤلف خلال هذا اللقاء عند السياق الحالي الذي تمر منه المجتمعات الغربية اليوم وما تعيشه من تشنجات هوياتية تتمظهر سواء من خلال صعود اليمين المتطرف وارتفاع العنصرية والإسلاموفوبيا أوفي خطابات التطرف والغلو والإرهاب مشيرا إلى أن جميع هذه التمظهرات تصب في مصب واحد هو الكراهية والحقد ومحاولة استئصال الأخر .
وبخصوص أفراد الجالية المسلمة الذين يعيشون في دول الغرب أكد عبد الله بوصوف أن هناك هوة كبيرة بين التشريعات والقوانين المعتمدة في هذه الدول وبين واقع المسلمين وحقوقهم داخل هذه المجتمعات الغربية مضيفا أن هذه الهوة ساهم في اتساعها غياب الرغبة السياسية لدى الفاعلين السياسيين في أغلب هذه الدول المستقبلة للمهاجرين المسلمين بدعوى الخوف من الإسلام نتيجة ضغط الرأي العام .
وفي نظر عبد الله بوصوف فإن الأمر لا يقتصر فقط على مسؤولية الدول والمجتمعات الأوروبية في استيعاب الوافد الجديد ولكن يتقاسمها أيضا المسلمون أنفسهم خصوصا المثقفين منهم الذين لم تكن لهم القدرة على مواءمة المقتضيات الدينية مع سياقات البلدان الغربية ووضع الإسلام كدين لا يتعارض مع قيم الكونية ومع الديمقراطية وحقوق الإنسان مما عرقل بالتالي اندماج المسلمين في هذه المجتمعات وخلق نفورا بينها وبين الإسلام .
ودعا الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج في هذا السياق المسلمين في المجتمعات الغربية إلى المساهمة بمعية المجتمع في إيجاد نخبة علمية قادرة على الاجتهاد من أجل استنباط أحكام تستطيع أن تكون متوافقة مع ما تعيشه المجتمعات الغربية مستدلا ببعض مظاهر العيش المشترك في النموذج المغربي من قداسة أماكن العبادة لجميع الديانات بالإضافة إلى المكانة التي يوليها جميع السلاطين المغاربة للمكونات الدينية المكونة للمجتمع المغربي .
وأكد على أهمية العمل من أجل مواجهة الفكر المتطرف والإرهاب وأيضا موجات العنصرية والإسلاموفوبيا مع تبني مقاربة تعتمد على المسؤولية المشتركة بين الجميع والمعرفة الحقيقية بالأخر والتفريق بين الديني والثقافي بعيدا عن التشنج والأحكام المستبقة والتصورات الجاهزة والعدوانية اللفظية من هذا الطرف أو ذاك مستشهدا في هذا الصدد بمضمون الخطاب الملكي السامي الذي دعا فيه جلالته إلى تشكيل جبهة موحدة بين المسلمين والمسيحيين واليهود لمواجهة التطرف والكراهية .