الانتخابات التشريعية في إيطاليا تضع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي على المحك

 تتابين مواقف الأحزاب السياسية الكبرى المتنافسة في الانتخابات التشريعية المقبلة (4 مارس) بإيطاليا بين مناهضة للسياسات الأوروبية وخاصة في المجال النقدي وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني، وبين مؤيدة للاتحاد الأوروبي، ما يجعل العلاقات المستقبلية مع هذا التكتل على المحك.

   فقد أثارت تصريحات لأعضاء في حزب رابطة الشمال (اليميني المتطرف) الذي يتصدر نوايا التصويت في الاستحقاقات القادمة وحركة خمس نجوم (الشعوبية) التي تواصل تقدمها في استطلاعات الرأي، والتي عبروا فيها عن تأييدهم للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قلق المسؤولين الأوربيين من انعكاس ذلك على الاتحاد برمته وتهديد وحدته.

   ففي آخر خرجة إعلامية ،لم تستبعد أمس الثلاثاء رابطة الشمال المنتمية لتحالف يمين الوسط ، “مغادرة الاتحاد الأوروبي في حال رفضت بروكسل إعادة التفاوض في غضون العامين المقبلين بشان قوانينها المتعلقة بالضرائب والهجرة”.

    وقال كلاوديو بورغي، رئيس السياسة الاقتصادية في رابطة الشمال ، “إذا لم نحصل على أي شيء في ظرف عامين (…)، فإننا لا نستبعد الانسحاب كما فعلت بريطانيا”.

   أما زعيم تحالف يمين الوسط سيلفيو برلسكوني فقد اقترح التخلي عن الاتحاد النقدي الأوروبي، بنظام عملة مزدوجة، كما دعا البرنامج الانتخابي للتحالف إلى “مزيد من السياسات وبيروقراطية أقل في أوروبا”، متعهدا بدفع أقل في حصته من الميزانية الأوروبية.

  واعتبر البرنامج الانتخابي لتحالف يمين الوسط أن دستور إيطاليا “يتعين أن يسود فوق القانون الأوروبي”.

  ويتوقع محللون سياسيون أن يتصدر تحالف اليمين الذى يضم حزب فورتسا إيطاليا ورابطة الشمال وحزب إخوة إيطاليا نتائج الانتخابات القادمة ، وقد يحالفه الحظ في الحصول على الأغلبية في مجلس النواب الإيطالي.

   ولم يخفي حزب فورتسا إيطاليا (إيطاليا إلى الأمام) على غرار حلفائه، استيائه من صرامة الميزانية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على أعضائه المثقلين بالديون .

   وفي هذا السياق، قال كلاوديو بورغي “أمام الوضع الحالي يعتبر الاتحاد الأوروبي مشروعا مفلسا”، كما أنه “لم يقدم أي شيء جيد لأعضائه”.

    وذهب ماتيو سالفيني رئيس رابطة الشمال إلى حد توجيه أصابيع الاتهام للسياسات النقدية الأوروبية كونها كانت وراء الصعوبات الاقتصادية التي تشهدها إيطاليا، كما اقترح في برنامجه الانتخابي إعادة إدخال الليرة كعملة موازية .

    وصرح القيادي في حركة (خمس نجوم) الإيطالية ومرشحها لرئاسة الحكومة في الانتخابات المقبلة، لويجى دى مايو، أنه سيصوت لصالح خروج بلاده من الاتحاد الأوروبى فى حال إجراء استفتاء شعبي على غرار الاستفتاء البريطاني، لكنه استبعد فرضية إجرائه واصفا ذلك بـ”الملاذ الأخير”.

   بالمقابل، حذر الأمين العام للحزب الديمقراطي (الحاكم) ماتيو رينزي من تداعيات “كارثية على الاقتصاد الوطني” في حالة التصويت في استفتاء شعبي مفترض بخروج بلاده من المنطقة الأوروبية.

   اما الاتحاد الاوروبي فيراقب العملية الانتخابية بتوجس ، عبر عنه مفوض الاتحاد للشؤون الاقتصادية، بيير موسكوفيتشي الذي وصف الوضع بإيطاليا في ضوء الانتخابات التشريعية المقبلة بكونه من ضمن “المخاطر السياسية” التي تلوح في سماء أوروبا خلال السنة الحالية.

  واعتبر المفوض الأوروبي، في تصريح للصحافيين، أن “إيطاليا تستعد لانتخابات يصعب التكهن بنتائجها”، متسائلا عن طبيعة الأغلبية التي ستفرزها صناديق الاقتراع و برنامجها والتزامها الأوروبي؟”

   وفي رأي المراقبين، فإن انتصار الأحزاب المشككة في الأورو لن يشكل تهديدا للمنطقة الأوروبية ، لأن مرحلة ما بعد الانتخابات ستكون الحلقة الأكثر تعقيدا في العملية السياسية بسبب قانون الانتخابات الجديد الذي ينص على ضرورة حصول الحزب أو التحالف الفائز على الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة جديدة، كما أن تنظيم استفتاء حول انسحاب إيطاليا من منطقة الأورو سيتطلب إصلاحا دستوريا، وهي عملية ليست باليسيرة.

 

عن جريدة: فاس نيوز ميديا