يقوم البروفيسور شافي أحمد الجراح البريطاني، مرتدياً نظارات رقمية تلتقط صوراً بالغة الدقة، بشرح كيفية إجراء #العمليات_الجراحية وتدريب الأطباء حول العالم مباشرةً من داخل غرف العمليات أثناء إجرائه جراحات.
وبحسب ما أوضحته مجلة “تايم” الأميركية، يستخدم الجراح البريطاني، المتخصص في عمليات القولون والمستقيم، نظارات “سبكتاكلز” ذات التقنية العالية من إنتاج شركة “سناب” “Snap” منذ العام الماضي. يعرض أحمد للمتدربين من الأطباء بل وللملايين من المشاهدين العاديين خطوات إجراء عملية جراحية للفتق عبر بث مباشر باستخدام تطبيق “سناب تشات” Snapchat لمشاركة الصور والفيديو.
يخطط أحمد هذا العام للقيام بنشر Avatar ، أي صورة رمزية له بداخل غرف العمليات مستخدما ما يسمى “التكنولوجيا الغامرة”، التي تمتد إلى كل أنشطة الحياة بدءا من التدريب العسكري إلى وسائل الترفيه للكبار. ويعد أحمد بدعم الجيل القادم من الأطباء من خلال الإشراف عليهم وتعليمهم في نفس اللحظة عن بعد من داخل غرفة العمليات.
يذكر أن #سناب_شات هو تطبيق للتراسل الفوري. ويسمح هذا التطبيق للمستخدمين بالتقاط الصور أو الفيديوهات، ووضع نص أو صورة عليها، وإرسالها شخصيا إلى الأصدقاء أو إذاعتها كـ”قصة” عامة.
50 مليون مشاركة
ويقول أحمد: “تتيح هذه التكنولوجيا للأطباء الحصول على المساعدة كلما تطلب الأمر ذلك.. جميعا بحاجة إلى الدعم والمساعدة عندما نواجه وضعا صعبا”. وقد أصبح أحمد، بفضل اعتماده في وقت مبكر على التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعية، الجراح الأكثر مشاهدة حول العالم، حيث يشاهد مقاطع الفيديو التي يبثها أكثر من 2 مليون شخص بينما يشارك تغريداته حول الجراحات التي يجريها 50 مليون شخص على موقع “تويتر”.
وأحدثت محاضرات أحمد العلنية، ذائعة الصيت، ارتباكا واضحا بين زملائه في المهنة المحافظين للغاية. لكنه يقول إنها تمثل “واحدة من أفضل الطرق” لتلبية دعوة منظمة الصحة العالمية إلى “توسيع نطاق التعليم العالي الجودة” ومحاولة سد العجز العالمي في مجال الصحة، والمتوقع أن يصل إلى 15 مليون عامل صحي بحلول عام 2030.
عجز في الخدمات الطبية
وقدّر تقرير لجنة Lancet عن الجراحة عبر العالم في عام 2015 أن 5 مليارات شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الجراحية والتخدير الآمنين بأسعار معقولة، مما قد يؤدي إلى وفاة حوالي 17 مليون شخص سنويا.
وأضاف التقرير أن إنقاذ الأرواح سيتطلب مضاعفة القوى العاملة الجراحية، أو تأهيل 2.2 مليون جراح وطبيب تخدير وتوليد إضافيين على مدى 15 عاما.
وتتيح الابتكارات التكنولوجية المزيد من نظم التشخيص والعلاج، وتقوم كليات الطب بدمج تلك التقنيات في الدروس التي توفرها لطلابها. وعلى سبيل المثال، فإن كلية طب ستانفورد، في ولاية كاليفورنيا، تجمع بين التصوير بالرنين المغناطيسي والمسح والتصوير CT ، جنباً إلى جنب مع نظام البرنامج الجديد لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد يمكن للأطباء والمرضى رؤيته والتعامل معه.
وبالإضافات لنظارات “سناب شات”، استخدم البروفيسور أحمد أيضاً سماعات رأس HoloLens من شركة ميكروسوفت ليجمع جراحين من مستشفى BMI London Independent ، ومستشفى Tata Memorial في مومباي للعمل معا على مريض مصاب بسرطان الأمعاء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتمكن كل الزملاء من رؤية الورم الذي ظهر كـ”هولوغرام” ثلاثي الأبعاد. كما تمكن الأطباء من رؤية بعضهم البعض كرموز مرسومة Avatar وتبادلوا الحديث كما لو أنهم معا بداخل نفس غرفة العمليات في مستشفى Royal London.
ويقول أحمد، البنغلاديشي المولد والبالغ من العمر 48 عاما: “أحاول ربط الناس من حول العالم بعضهم ببعض”.
وقد أجرى أحمد، العميد المساعد في Barts وكلية لندن للطب، أول عملية جراحية على مستوى العالم يتم تسجيلها بنظام الواقع الافتراضي ويجري بثها مباشرة بنظام تصوير فيديو 360 درجة في عام 2016. وتابع 55 ألف شخص في 142 بلدا فيديو العملية الجراحية، وتمت مشاهدته 200 ألف مرة على موقع “يوتيوب”.
نمو سريع
وعلى الرغم من أن الواقع الافتراضي ليس جديدا في مجال الرعاية الصحية، فإن المشكلة كانت تكمن في القدرة على تحمل تكاليفه، حيث تتراوح أسعار سماعات الرأس للاستخدامات الطبية ما بين 30 ألفا و300 ألف دولار، وفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول التكنولوجيات الناشئة. إلا أن سماعات رأس اللاسلكية Oculus Go من شركة “فيسبوك”، سوف تكون جهاز الواقع الافتراضي الأكثر سهولة في الاقتناء، حيث لن يزيد سعرها عن 199 دولارا أميركيا عندما يتم إصدارها في أوائل العام الجاري.
وقد أفاد تقرير، صدر في شهر أكتوبر/كانون الأول 2017 عن مركز Zion لأبحاث التسويق في فلوريدا بأن سوق برامج وأجهزة الواقع الافتراضي سيتوسع بنسبة 54% سنويا على مدى الـ5 سنوات المقبلة، ليصل إلى ما يقرب من 27 مليار دولار بحلول عام 2022.
أما السوق العالمي للصحة الرقمية، والذي يتضمن كل شيء من تطبيقات اللياقة البدنية والأجهزة القابلة للارتداء إلى تبادل الاستشارات عبر الإنترنت، فسوف يصل إلى 537 مليار دولار بحلول عام 2025 بعد أن كان يبلغ 196 مليار دولار في عام 2017، وفقا لما صرح به مركز أبحاث Transparency Market في سبتمبر/أيلول 2017.
معارضة أسترالية.. وهموم الخصوصية
في المقابل، يقول جون كوين، جراح الأوعية الدموية في بريسبين بأستراليا، والمدير التنفيذي للشؤون الجراحية بالكلية الأسترالية الملكية للجراحين: “إن مشاهدة العمليات الجراحية عبر الإنترنت لن توفر التدريب الجراحي الأساسي، ولن يمكن أن تحل محل تجربة التفاعل مع المرضى الحقيقيين”. ويشرح دكتور كوين، الذي أتم تدريبه كجراح في أوائل ثمانينات القرن الماضي، وجهة نظره قائلاً: “إن مجرد الفرجة على صورة لشيء يجري القيام به لا تؤدي إلى تعلم شيء مهم”. ويواصل معارضته معللاً: “يجب على الجراح أن يكون قادرا على اللمس والإحساس وأداء كل أنواع الأشياء الأخرى”.
ولا تتحمس الكلية الأسترالية للبث المباشر للعمليات الجراحية، وذلك بسبب مخاوف الخصوصية، واحتمال تشتيت الجراح وتعرضه لضغوط أثناء قيامه بإجراء الجراحة. ويقول دكتور كوين: “إن القيام ببث مباشر لعمليات جراحية يحول الجراحة إلى مادة ترفيه وتسلية”.
ويشدد دكتور كوين على أن هذا الأمر “يعتبر تقريبا تلصصا وخرقا لخصوصية المرضى ويعرض المجتمع بشكل كبير للخطر، حيث إن العمليات الجراحية يتم عرضها في جميع أنحاء العالم لجميع الفئات بلا استثناء”.
لكن البروفيسور أحمد يرى أنه، إلى جانب الدور التدريبي الذي يقدمه بث العمليات الجراحية عبر الإنترنت، فإنه يساهم في تثقيف الجمهور ويساعد على إزالة الغموض عن العملية الجراحية وجعلها أكثر شفافية. ويقول أحمد: “إن علينا أن نتحدى الاعتقادات والتقاليد الجامدة في مجال الصحة”.